من الصحافة الإيرانية: ثلاث تحديات يواجهها النظام الإيراني ويجب حلها بأسرع وقت
يبدو أن أصحاب القرار اليوم في إيران، بالنظر إلى نمط الحكم الذي يتبعونه، قد يتوجب عليهم أن يأخذوا ثلاث أزمات أساسية على محمل الجد وأن يضعوا الخطط اللازمة للخروج منها بأسرع وقت ممكن.

ميدل ايست نيوز: يبدو أن أصحاب القرار اليوم في إيران، بالنظر إلى نمط الحكم الذي يتبعونه، يتوجب عليهم أن يأخذوا ثلاث تحديات أساسية على محمل الجد وأن يضعوا الخطط اللازمة للخروج منها بأسرع وقت ممكن. خططٌ، إن لم تتحقق، فقد تدفع البلاد قريباً إلى هاوية اقتصادية لا مخرج منها.
الاستقطاب والتفكك الاجتماعي
وبحسب موقع فرارو الإيراني، من أهم تحديات التي تهدد المجتمع الإيراني الآن أكثر من أي وقت مضى، استقطاب وتفكك المجتمع وتشكيل انقسامات خطيرة بين طبقات وأطياف اجتماعية مختلفة.
وعلى هذا الأساس، يجب تشخيص هذه المشكلة في آلية الحكم، بعدها، وبالاستفادة من آراء ووجهات نظر المفكرين والخبراء يجب استئصالها، أي المشكلة، وترسيخ ترسانة محكمة في المجتمع كي لا تطل عليه مجدداً. ومما لا شك فيه أن العديد من الكيانات والمؤسسات المسؤولة عن الشؤون الاجتماعية، مثل النظام التعليمي والمؤسسات الثقافية، لديها عيوب يمكن أن يكون لإهمالها عواقب وخيمة.
“المماطلة” في نظام الحكم في القضايا المذكورة أعلاه، آفة خطيرة قد تسببت في حدوث العديد من المجريات والأحداث الجديدة، إذ يجب إرفاقها مع تلك المشاكل والعمل على الحد منها، فمن الضروري والهام جداً التخطيط للأزمات قبل حدوثها. علينا القبول أنه على مستوى الرأي العام، فإن رأس المال الاجتماعي للبلاد ليس في حالة جيدة وأن تعزيزه يتطلب حلولاً وأساليب علمية وميدانية فعالة؛ فالحبر على الورق لم يعد يجدي نفعاً.
وفي هذا الصدد، فإن الإجراءات والحلول التي تلجأ إليها الحكومة كالقيود المفروضة على الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، في وقت يتمتع فيه الخطاب الأصلي الثوري بقدرة كبيرة على جذب وإقناع الناس، لن تحل المشاكل فحسب، بل لا شك أنها ستمهد الطريق وتبرر ولوج حلول جديدة مثل الأقمار الاصطناعية ستارلينك التي برزت للمشهد الإيراني مؤخراً.
ارتفاع معدلات التضخم في الاقتصاد
في أوائل التسعينيات من التاريخ الشمسي، أي مطلع عام 2010، واجهت إيران أزمة غير معهودة في صرف العملة الأجنبية. وفي الآونة الأخيرة، تخطى سعر الدولار حدود الـ 40 ألف تومان وسبب فيضانًا في الأسواق وارتفاعاً جنونياً في الأسعار في قطاع المواد الغذائية والمعدنية والسيارات والإسكان، وغيرها.
وتجدر الإشارة إلى أن تبعات ارتفاع سعر الدولار لم تظهر بعد في كثير من السلع والاحتياجات الأساسية للناس، وستستغرق هذه المسألة بعض الوقت.
بالتالي، وفي ظل الوضع الذي تعاني منه البلاد من احتجاجات شعبية وفوضى، فإن التضخم المفرط يلقي بظلاله باستمرار على الاقتصاد الإيراني ويزيد الوضع سوء. وليس هناك شك في أن العديد من الفئات المجتمعية في إيران لن تكون قادرة على العيش حينها، وهناك احتمال أن يتسع نطاق الاحتجاجات أكثر وأكثر ، وبالتالي تشكيل تحديات أوسع وأعمق في وجه الحكومة.
من الصحافة الإيرانية: طهران بحاجة إلى إعادة النظر في سياستها الخارجية
إجماع إقليمي ودولي ضد إيران
يعتقد العديد من المراقبين والمحللين أنه في أعقاب الاحتجاجات الأخيرة في البلاد، تم تشكيل إجماع دولي ضد إيران. ومع نشوب هذه الأحداث في أنحاء البلاد، وجدت القوى الغربية أسبابًا مناسبة لفرض بعض الضغوط التي لطالما رغبت بها على إيران وحاولت استخدام كل القدرات لفرض أقصى قدر ممكن من الضغط على الساسة في بلادنا.
ونشهد في الوقت الحالي، ضخاً وتكثيفاً في الرأي العام العالمي لم تشهده إيران من قبل، خاصة في الجانب الغربي من العالم، والذي سبب أزمات كثيرة طالت جميع القطاعات الإيرانية بحيث أصبح العمل والتقرب من البلاد أمرًا مكلفًا للحكومات الغربية.
من طرف آخر، تسعى تركيا اليوم لتحقيق نفوذها في منطقة آسيا الوسطى والقوقاز، فيما تحاول السعودية في تعزيز دبلوماسيتها ونفوذها الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط، وفي الوقت نفسه التعاون مع شركاء إيران الاستراتيجيين مثل الصين لفرض العزلة على طهران، وبالطبع، فإن إسرائيل بدورها لم تقف مكتوفة اليدين، فمع عودة نتنياهو إلى السلطة، طرح عدة خطط لتطوير العلاقات مع الدول العربية، وخاصة السعودية، لممارسة الضغط وإضعاف إيران والتخطيط لتهديدات مختلفة ضدها.
في الختام، لا بد على إيران أن تكسر هذه العزلة التي تفرضها على نفسها على الساحة الدولية، وتنظر خارج الصندوق المجوّف القاحل، وتحدد معادلات جديدة من خلال التخطيط لمبادرات تصب في صالح البلاد وشعبه وتتماشى مع الجهود المتعددة لرأب الصدع وتهدئة الأجواء الداخلية.
كذلك، يجب أن يقبل جهاز سياستنا الخارجية أن المرونة الزائدة لا تعني الضعف، والسرعة في اتخاذ القرارات وتنفيذ السياسات مطلب جاد لسياسة إيران الخارجية في الوضع الحالي. وبخلاف ذلك، لن نخسر شركائنا الاستراتيجيين، الذين يتجهون لمنافسينا، بشكل تدريجي فحسب، بل دورنا الإقليمي أيضا.