من الصحافة الإيرانية: خريطة إيران السياسية بعد إحكام التیار الأصولي قبضته على البلاد
شهدت السياسة الداخلية الإيرانية محادثات مستجدة ورسائل جديدة من أربع شخصيات سياسية ذات جذور في التيار الأصولي، تسعى إلى تشكيل مستقبل الخريطة السياسية للبلاد.
ميدل ايست نيوز: شهدت السياسة الداخلية الإيرانية محادثات مستجدة ورسائل جديدة من أربع شخصيات سياسية ذات جذور في التيار الأصولي المحافظ، تسعى إلى تشكيل مستقبل الخريطة السياسية للبلاد وترسيخ دورها في شتى المجالات وسط عزلة سياسية قسرية للتيار الإصلاحي.
سعيد جليلي، اليوتوبيا الشعبوية والتغلب على أخطاء أحمدي نجاد
وبحسب صحيفة اعتماد الإيرانية، كالعادة، تطرّق سعيد جليلي، العضو في مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني، في حديثه عن موقف طهران الراسخ ومعارضتها الصريحة لأي اتفاق ومباحثات تتعلق بالمسألة النووية. مسألة، رغم ما تخلّفه من مشكلات في البلاد إلا أنها لم تكفي ليتنازل جليلي ويعلن الخوض والمضي قدماً فيها.
كان جليلي يأمل في نهاية رئاسة حسن روحاني، من خلال محاكاة الوقت والظروف، أن يكرر دورة انتقال الحكومة من “الإصلاحات إلى أحمدي نجاد” ضمن قالب انتقالي من “روحاني إلى جليلي” إلا أن وجود إبراهيم رئيسي في الساحة الانتخابية أبطل معادلة جليلي.
وبعد مضي عام و 4 أشهر من استلام رئيسي لسدة الحكم، لم يصب هذا الأمر جليلي بالإحباط، فإن ادعاؤه الأسبوع الماضي بأن إيران لم تضخع أبدًا للفصل السابع من قرارات مجلس الأمن للمطالبة بإحياء الاتفاق النووي قد أنقذه من مأزق كبير، وهذا الأمر إن دل على شيء فهو يدل على أن سياسة العودة تلوح في الأجواء.
ومهما كانت العبارات المفتاحية خاطئة حسب الخبراء الدوليين، فإن جليلي لا يهتم بهذا. حيث تشير حالة ووضع حكومة رئيسي والظروف التي تعيشها البلاد إلى أن الأصوليين أنفسهم لا يرون أنه من المستحيل أن تصبح حكومته (إبراهيم رئيسي) حكومة ولاية واحدة.
صدمة في التيار الأصولي بإيران بعد تسرب “وثائق سرية” في هجوم سيبراني
قاليباف، نسخة جديدة للحكومة البناءة التنموية
تحدث محمد باقر قاليباف في أواخر الأسبوع الماضي بطريقة أظهرت أن لديه خطط طويلة الأجل. إذ انتقد في تصريحات له الآلية الحالية المتبعة في حكم الدولة، وأكد مراراً وتكراراً على أهمية التحديث والارتقاء في نظام الحكم، والأهم من ذلك، طلبه الصريح من شرطة الأخلاق في طهران بأن تقدم اعتذاراً بشأن قضية الشابة مهسا أميني.
وكان قاليباف يأمل بتولي رئاسة الحكومة في ذات اليوم الذي تولى فيه زمام الأمور في البرلمان الإيراني. وبمجرد شروع الاحتجاجات الأخيرة في أواخر عام 2022 عقب وفاة مهسا أميني، كان قاليباف أول من أطلق مصطلح “الحوكمة الجديدة” ليكسب تعاطف الإيرانيين لاحقاً في حملته الانتخابية.
وعليه، إن أداء حكومة رئيسي لمدة عام هو أكثر من مجرد فرصة للإصلاحيين للعودة إلى سدة الحكم. وفرصة لتحقيق حلم “الحكومة التكنوقراطية التنموية” تحت إدارة محمد باقر قاليباف. مع العلم، أن أنصاره ليسوا قليلين في مختلف القطاعات، فهو ذو خلفية مقبولة لدى السياسيين والعسكريين، الذين لا ينويون ترك الساحة السياسية، وقد فشل كثيراً بين الأصوليين لدرجة أنه يريد الآن حصته منهم.
علاوة على ذلك، قد يستطيع قاليباف أن يستقطب قسمًا من شباب التيار الأصولي، ومن منظمات الاستدامة واليائسة من حكومة رئيسي، لأنه أظهر في العديد من التصريحات اهتمامًا خاصًا بالشباب الأصولي المحافظ ويعتقد أن المستقبل مركون عليهم.
تحالف روحاني – لاريجاني
لقد مر أكثر من عقدين منذ تلك الأيام التي اعتاد علي لاريجاني وحسن روحاني فيها تقديم تلميحات مرئية وخفية في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، بغض النظر عن مدى صدق هذه الانتقادات أو تقسيم العمل لدفع المفاوضات.
وفي حالة يضطر فيها الإصلاحيون إلى التزام الصمت على أمل العودة إلى السلطة ويعتقد الأصوليون أنهم قادرون على تنفيذ نموذج حزب روسيا الموحدة في إيران، فهو الحل الوسط بين لاريجاني وروحاني.
وأظهرت تجربة 2014 إلى 2019 أنهما قادران على البقاء في تحالفهما، حيث تحدثا في الأسبوع الماضي عن رغبتهما في العودة. ووصف علي لاريجاني “التعايش مع اختلافات الناس في المجتمع” بأنها إحدى سمات قاسم سليماني المقبولة، فيما قال حسن روحاني في اجتماع ولاة الحكومتين الـ 11 و12 أنه أبلغ المرشد الأعلى عن خططه للخروج من الوضع الحالي.
إبراهيم رئيسي وأنصاره المختبئين
لا يزال إبراهيم رئيسي كما عهدناه، وقيادته للسلطة التنفيذية والسلطات والموارد قد تجعله يعتبر نفسه صاحب الدور الرئيسي في إدارة مجال السياسة الداخلية في السنوات المقبلة في إيران. وعلى الرغم من الهجوم المتكرر لسياسته في الحكم، والانتقاد المستمر له من قبل التيار الأصولي في مجال الإدارة الاقتصادية للبلاد، إلا أن رئيسي لا يزال يحظى بدعم كبير من عدة مؤسسات حكومية.
وفي ظل الاضطرابات والتحديات التي تعصف بإيران، لا يزال إبراهيم رئيسي يحظى بإجماع حكومي ملحوظ يسانده في حكمه. وأن حقيقة رؤية أنه عاد إلى أسلوبه المهيمن بعد اجتياز الاحتجاجات الأخيرة هي علامة على ثقته بنفسه. علامة، تدل على أنه لا يزال يرى المستقبل على أنه مستقبله.