خبراء البيئة يحذرون من انقراض الحياة في أصفهان في غضون سنوات

حذر خبراء البيئة أن جفاف نهر زاينده رود، ينذر بمستقبل خطير للمدينة التاريخية الحيوية بأكملها ويهدد وجودها.

ميدل ايست نيوز: بينما يتدفق نهر زاينده رود، أكبر أنهار إيران الداخلية، ويفيض بالمياه في منبعه، تحول مجراه الذي يعبر من أصفهان، إلى صحراء قاحلة بسبب إيقاف عملية تدفق المياه من الينابيع التي تغذي النهر، هذا وحذر خبراء البيئة أن جفاف هذا النهر ينذر بمستقبل خطير للمدينة التاريخية الحيوية بأكملها ويهدد وجودها.

ويعتقد الجيولوجيون وخبراء البيئة أن استمرار هذه الأزمة سيؤدي لانعدام أجواء الحياة في أصفهان ويجبر جميع ساكنيها على الهجرة، بحيث تصبح مدينة فارغة لا بشر ولا مخلوق فيها.

من طرف آخر، يرى خبراء البيئة أن جميع الآثار والمباني التاريخية في أصفهان متصدعة بسبب نقص المياه وعدم تدفق نهر زاينده رود، وهناك احتمال كبير لانهيارها في أي لحظة. مع العلم، أن أجزاء كثيرة من أصفهان تعرضت للانخسافات الأرضية وإذا استمر منسوب المياه الجوفية بالانخفاض فإن هذا التهديد سيشمل المدينة بأسرها. وأجمع هؤلاء الخبراء أن الطريقة الوحيدة لإنقاذ أصفهان هي إحياء زاينده رود والسماح للمياه بالتدفق فيه.

وبحسب صحيفة دنياي اقتصاد، يعد نبع كوهرانج الواقع في محافظة جهارمحال وبختياري المصدر الرئيسي لنهر زاينده رود، حيث تغطيه الثلوج الكثيفة هذه الأيام. بلاسجان، هو أحد المصادر الأخرى لهذا النهر أيضاً، والذي ينبع من مرتفعات كلبايكان ويدخل نهر زاينده رود. ويفيض بالمياه العذبة.

هذا، ورغم امتلاء ينابيع هذا النهر في جهارمحال وبختياري وفي مرتفعات كلبايكان بالمياه يعاني مجرى زاينده رود العابر من أصفهان الأمرين من الجفاف.

فاجعة نهر زاينده رود

يشار إلى أن سد زاينده رود نفسه ليس في حالة جيدة، ويعاني من تقلص حاد في مخزون المياه، إذ أن 10٪ فقط من حجمه مليء بالمياه. السد الذي كان دوماً وفي التحديد عام 2007 مليئًا بالمياه، لا يظهر منه اليوم إلا جدران متصدعة تعلوها الشقوق؛ كما يوجد في هذا السد محطة متوقفة عن العمل لتوليد الكهرباء، والتي أصبحت الآن مجرد مبنى لا يسمن ولا يغني من جوع، لعدم وجود مياه كافية لإنتاج الكهرباء.

وبالنظر إلى أن منبع هذا النهر يفيض بالمياه، حيث تعاني أجزاء صغيرة منه فقط من عامل الجفاف، فإن مشكلة إدارة الاستهلاك هي العامل الرئيس للأزمة الحالية في أصفهان.

جفاف “زاينده رود” يجلب الكآبة لسكان أصفهان

ويعتبر الاستهلاك المفرط للموارد المائية لأغراض الزراعة أهم سبب لعدم وصول مياه هذا النهر إلى أصفهان، وإذا لم تتم إدارة هذه المشكلة، فإن عواقب خطيرة ستواجه النهر وحياة الأصفهانيين جميعاً.

وتعد بساتين الخوخ والجوز وغيرها من المحاصيل التي تستهلك كميات كبيرة من المياه والمتواجدة على أطراف هذا النهر، المصدر الرئيسي لامتصاص المياه وسبب عدم وصولها إلى المناطق الحضرية في أصفهان، بحيث أصبحت حياة من يقطن هذه المحافظة معلقة بأغصان هذه البساتين.

وفي السنوات القليلة الماضية، دعا الخبراء مرات عديدة إلى تنفيذ نموذج خاص بالزراعة وطرح تدابير لإدارة هذه الأزمة، وطالبوا بحظر زراعة المحاصيل التي تمتص مياه زاينده رود، إلا أنّ أحداً لم يستجب لهم.

واليوم، لا تزال الزراعة نشطة في العديد من المناطق على طول نهر زاينده رود. وبسبب جفاف قاع النهر في بعض الأماكن، هاجر المزارعون هذه المناطق تاركين وراءهم صحراء قاحلة.

جفاف بركة كاوخوني

لم يعد من الصحيح تسمية “كاوخوني” بالبركة المغمورة بالمياه العذبة، فبعد أن كان نهر زاينده رود يصب فيها في نهاية مجراه، إلا أنها اليوم قد أضحت وكأن قُحالاً قد أصابها وجرّد صورة الحياة منها.

والمضحك المبكي في الأمر، أصبحت تلك اللافتات المرصونة في بركة كاوخوني، والتي دوّن عليها جملة حظر صيد الأسماك، قطعة معدنية رقيقة عشعش عليها الصدأ، فلم يعد داعي لمنع الصيد في منطقة يابسة قليلة الخير أصابتها جائحة القحط وجفت فيها المياه.

علاوة على ذلك، فإن استمرار جفاف هذا النهر وبركته، سيتسبب في تعرض المحافظات المجاورة وحتى طهران لخطر العواصف الترابية التي تنتقل عبر الرياح. ولتجنب هذه الكارثة البيئية من الضروري الإسراع لاتخاذ تدابير لإعادة تدفق المياه إلى قاع زاينده رود.

يقول الخبراء أن جزءا كبيرا من سهول أصفهان قد تعرض لانخساف أرضي، والذي عقبه إغلاق لمعظم المدارس، وإخلاء للمباني التاريخية التي أكلتها التصدعات.

وبحسب خبراء ومهندسين معماريين، فإن استمرار هذه الظروف قد يؤدي إلى تدمير المدينة بأكملها. فإذا لم تتخذ السلطات المعنية إجراءات لإعادة تدفق المياه فقد تنقرض الحياة في أصفهان، فالعديد من المنازل والمباني التاريخية التي يمكن رؤيتها الآن ستصبح في خبر كان في غضون 10 إلى 15 عامًا، إذ ستدفع الظروف القاسية الناس للهجرة إلى مدن أخرى، حيث يقول خبراء أنه مع بداية هذه الأزمة هاجر قسم كبير من سكان أصفهان إلى شمال البلاد واشتروا منازل لهم وأعلنوا استقرارهم بلا عودة.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة عشر + تسعة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى