التيار الأصولي في إيران يصعد من لهجته ضد حكومة إبراهيم رئيسي
أدت الظروف الاقتصادية الصعبة في إيران والإدارة التنفيذية غير الفعالة إلى بروزٍ زاخم لردات فعل أعضاء مجمع تشخيص مصلحة النظام وشخصيات مقربة من الرئيس الإيراني إلى العلن.
ميدل ايست نيوز: أدت الظروف الاقتصادية الصعبة في إيران والإدارة التنفيذية غير الفعالة في كثير من الأحيان إلى بروز زخم لردات فعل أعضاء مجمع تشخيص مصلحة النظام وشخصيات دينية وسياسية أصولية إلى العلن.
في ظل الهجمة الشرسة التي يقودها الفقر على المجتمع، يترقب أفراد الطبقة الوسطى في إيران حلول دورهم لكي يلتحقوا بالطبقة الفقيرة لعدم قدرتهم على مقاومة التضخم والتحديات التي تواجه اقتصاد البلاد.
في هذا الصدد، حذر أحمد توكلي، عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام من تداعيات خطيرة وفوضى قد يحدثها أفراد الطبقة الفقيرة، وقال بما معناه: “حذارِ أن تقوموا بأفعال لا ترضي الشعب، فقد ينتفض الفقراء يوماً ما عليكم، وإني لا أرى هذا بعيداً. وعليه، دعونا لا ننسى حديث الإمام علي عندما قال (بإن الله تعهد من الحكام الصالحين أن يقارنون أنفسهم بأضعف طبقات المجتمع).”
من جانبه، تحدث غلام رضا مصباحي مقدم، وهو عضو آخر في مجلس تشخيص مصلحة النظام وعضو ومتحدث باسم “مجمع رجال الدين المكافحين” (مجمع روحانيت مبارز)، وهو أحد الشخصيات البارزة في مجال السياسة والاقتصاد الإيراني، لموقع خبر أونلاين عن حلول المشاكل الاقتصادية القائمة: “المشكلة المركزية للاقتصاد في بلدنا، هي أننا لا نصنع “ثروة”، بل نقسم ما تمتلك البلاد منها، وهذا سبب واضح لما آلت إليه أوضاعنا.”
ومضى يقول: “إننا بعيدون كل البعد عن مسار تكوين وخلق ثروة، القومية منها والطبيعية، في الوقت نفسه، يرتفع سطح التوقعات من قبل الشعب والتي تتعارض تماماً مع ما يوجد لدينا في خزائن الدولة، فالنفقات المنزلية للمواطن تتجاوز الرواتب والنفقات الحكومية تتجاوز الإيرادات الحكومية.”
وتحدث مصباحي مقدم، عن خطاب رئيسي حول التعديل الوزاري وتصريحات النواب حول قرار العزل، مشيراً إلى أنهم لا يرون وجهة نظر استراتيجية في الحكومة، وقال: “لم يكن للسيد رئيسي أي خطة وبرنامج اقتصادي مكتوب قبل الانتخابات، فيما لم أرى انا شيئًا من برنامجه الذي يبلغ سبعة آلاف صفحة؛ حتى أنني طلبت منه الحضور شخصيًا، لكنه لم يعرض علي شيئًا يذكر، بل قمت أنا بتقديم بعض الاقتراحات إليه تتعلق بالقطاع الاقتصادي.”
وبحسب صحيفة شرق الإيرانية، لم يكن انتقاد حكومة إبراهيم رئيسي حكراً على أعضاء مجلس تشخيص مصلحة النظام في إيران فحسب، بل بدأ العديد من الأصوليين منذ فترة طويلة بإطلاق تصريحات وانتقادات لاذعة بحق الحكومة. لذلك، لا بد من القول إن أداء حكومة إبراهيم رئيسي بعد 18 شهرًا رفع أيضًا صوت الانتقادات من المقربين منه شخصياً، وفي أحدث رد فعل، نشرت الحركة الطلابية التابعة لقوات “البسيج” بجامعة أمير كبير في العاصمة طهران أيضًا بيانًا حادًا ردًا على تصريح رئيسي ومبرراته حول الغلاء الفاحش الذي يطال البلاد.
وتحت عنوان (كن فاعلاً، لا خطيباً) وجهت الحركة الطلابية التابعة لقوات البسيج بجامعة أمير كبير خطاباً إلى الرئيس الإيراني جاء فيه: أعلن رئيس الجمهورية في جلسة بمقر وزارة الصناعة أن أسباب الزيادة في أسعار السلع يجب توضيحها بشفافية! السيد الرئيس، لقد ولى الوقت الذي يجب فيه التحدث عن ما يجب وما لا يجب!
علاوة على ذلك، تسببت الظروف الاقتصادية للبلاد في احتجاجات من قبل بعض رجال الدين في مدينة قم. ونقل موقع قم نيوز مؤخراً عن المرجع الديني آية الله مكارم شيرازي وهو أحد أنصار إبراهيم رئيسي المقربين، قوله: “أصبحت القضايا الاقتصادية لغزا مبهماً تخفيه الحكومة داخل متاهتها، حيث إننا لا نرى أي رد فعل من السلطات تجاه ارتفاع سعر صرف العملات الأجنبية. إنهم ببساطة يمرون على هذه المسائل مرور الكرام ولا يأخذونها على محمل الجد، ويجب القول، قد يستطيع الناس لفترة ما تحمل هذه المشاكل، لكنني لا أضمن ولاءهم وصبرهم عندما يفور التنور.”
وفي الآونة الأخيرة، قال ناصر إيماني، المحلل السياسي الأصولي: إن بعض الشخصيات التي تدرج تحت مسمى المسؤول الحكومي، لم يتوصلوا بعد إلى فهم أوضاع البلاد الصعبة وسبل الخروج منها. بل ما يفعلونه عادة في هذه المسائل هو تصريهم المعتاد بأن الحكومة لم ترتكب خطأ في آلية إدارة البلاد!
وأضاف: “لقد كررنا قولنا عدة مرات عن ضرورة شفافية الحكومة في تصريحاتها، فالمواطن، وحتى لو كان في أتعس حالاته، يفضل رؤية حكومة قريبة منه وصادقة معه بشأن هذه الأزمات.”
وقال: “عندما بدأت هذه الأحداث الأخيرة، منذ عدة أشهر، تراجعت سرعة الإنترنت لأدنى مستوى لها، وفرضت الحكومة تقييداً شمل جميع منصات التواصل الاجتماعي بدواعي أمنية، وصرح أصحاب القرار حينها بصدق أن هذه المسألة مستمرة حتى اشعار آخر، لذلك أن تخبر المواطن بالسبب الحقيقي لهذه المسألة هو أفضل بكثير من القول بأن الإنترنت ليس ضعيفًا على الإطلاق!”
ورغم ما آلت إليه البلاد في الأيام الـ100 الأخيرة والاحتجاجات في مختلف المحافظات الإيرانية والتي شغلت الرأي العام العالمي، إلا أن أسلوب الحكومة الإيرانية في التعاطي مع الموقف مازال جامداً متيبساً يرفض التعايش مع متطلبات الواقع، فالفجوات بين المسؤول والمواطن اتسعت أكثر والوعود التي تأتي من جانب الوزراء أصبحت لدى المواطن الإيراني تأمّلات خيالية واسترسال في رؤى أحلام اليقظة.