كيف كانت مواقف “الجاسوس الخارق” علي رضا أكبري في الملفات الحساسة بإيران؟
اعتقل أكبري مرة واحدة عام 2008 بتهمة التجسس، لكنه تعهد بعدم التواصل مرة أخرى مع أي جهة مخابراتية ووفقًا لتعهده تم تعليق عقوبته.

ميدل ايست نيوز: قبل أيام قليلة، أثار عدد من الصحفيين المقربين من وسائل إعلام خاصة في إيران وأشخاص آخرون يتبعون لهم عبر حسابات وهمية أنباء عن اعتقال جاسوس وصفوه بالخارق من قبل الجهات الأمنية.
وفيما بعد، تم الكشف عن هوية هذا الجاسوس وهو علي رضا أكبري، النائب السابق لأحد وزراء الدفاع السابقين ومستشاره. والوزير المعني هو السكرتير الحالي للمجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني.
وبحسب تقرير نشرته وكالة ايسنا للأنباء، فقد اعتقل أكبري مرة واحدة عام 2008 بتهمة التجسس، لكنه تعهد بعدم التواصل مرة أخرى مع أي جهة مخابراتية ووفقًا لتعهده تم تعليق عقوبته.
ووفقاً لصحيفة اعتماد، تقاعد أكبري في عام 2004، ولكن المعلومات الرسمية المتداولة، لم تذكر بوضوح المؤسسة التي كان يعمل بها والجهة التي تقاعد منها.
وبحسب المعلومات التي نشرها القضاء الإيراني، فقد انقسمت تصرفات أكبري واتصالاته إلى قسمين: “2005 إلى 2010” وبعد مغادرته البلاد وعودته عام 2013. وبعد تقاعده، “اتجه إلى الأنشطة البحثية والتجارية في القطاع الخاص، والتي حددتها المخابرات البريطانية، وبدأت عملية تجنيده من قبل جهة اتصال إيرانية كانت على علاقة مع أكبري في الماضي”.
وأضاف القضاء الإيراني أن أكبري خلال رحلاته لدول مختلفة “جمع معلومات مهمة للبلاد حول القضايا الاستراتيجية في مجال السياسة الداخلية والخارجية والإقليمية والدفاعية والصاروخية والنووية والمسائل الاقتصادية المتعلقة بالعقوبات وتسليمها إلى الضباط البريطانيين بشكل هادف”.
كما قال الفرع القضائي في “اعترافاته العلنية” خلال “الاستجوابات المتخصصة” لوزارة المخابرات و “أمام الجهات القضائية”، إن الأسئلة التي طرحها عليه “ضباط المخابرات من MI6 حول مختلف المجالات في إيران كانت أكثر من 2000 سؤال”.
وكانت مواقف أكبري متشددة ومعارضة لفريق التفاوض في حكومة محمد خاتمي، وقد دعم بقوة وزارة الخارجية والفرق التفاوضية لحكومات أحمدي نجاد.
تنفيذ حكم الإعدام بحق نائب وزير الدفاع الإيراني السابق بعد إدانته في تهمة التخابر مع بريطانيا
مواقف متشددة
وفي أغسطس 2003، نشرت ايسنا تصريح لأكبري، وصف فيه حيازة الأسلحة النووية بأنها قوة رادعة: “لعل أعظم ما يميز الأسلحة النووية هو عدم استخدامها، وأهم فائدة تم الحصول عليها حتى الآن هي خلق نوع من الردع والتفوق والقوة. في حين، لا يمكن مقارنة فوائد عدم استخدام الأسلحة النووية أثناء امتلاكها بفوائد استخدامها.”
وخلال عام 2005، ومع انتهاء حكومة محمد خاتمي وتنصيب حكومة محمود أحمدي نجاد، انتقد أكبري سياسات حكومة خاتمي وقال: “خيارنا اليوم في الملف النووي لا يتماشى مع استراتيجية الأمن القومي لإيران.”
وقدم أكبري اقتراحات أثارت الكثير من الجدل: “يمكن لإيران أن تحدد خطوطها الحمراء على أن لديها الدورة الكاملة للتكنولوجيا النووية، وعند ذلك سنرى المزيد من المرونة من الغرب.”
مجلس الأمن
وفي أكتوبر من نفس العام، وبينما كان هناك تطلعات لإحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي، قلل أكبري من أهمية هذه القضية واعتبرها في مصلحة الشعب الإيراني: “إيران لا تمانع في كسر محظورات مجلس الأمن بالنسبة للرأي العام لمرة واحدة. وإن جهودها لكسر هذا المحظور والنجاح في هذه العملية لا يفيد البلاد فحسب، بل إنه مهم أيضًا لجميع البلدان النامية.”
وفي وقت سابق، تحدث أكبري عن خطط استراتيجية حول استغلال إيران لأزمة الغاز بين روسيا وأوكرانيا واعتبرها أحد أدوات إيران في المفاوضات مع أوروبا.
وكان أداء فريق التفاوض النووي الإيراني بقيادة حسن روحاني ــ الذي كان يشغل منصب الأمين العام لمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني ــ في السنوات 2003 إلى 2005 موضوع آخر من انتقادات أكبري. فبعد رفع ملف إيران إلى مجلس الأمن، حاول خلق أجواء من التفاؤل: “ليس الأمر أننا نواجه موقفا موحداً في مجلس الأمن؛ قد يمكننا استخدام ثقل بعض الأعضاء الدائمين بشكل سلبي لتحقيق الشروط المطلوبة.”
إيلي كوهين إيران.. ما الذي نعلم عن “الجاسوس الخارق” الذي حكمت إيران عليه بالإعدام؟
وحدث كل هذا في وقت كان فيه الملف الإيراني في طريقه لمجلس الأمن الدولي، والذي أصدر أول قرار ضد طهران في مارس 2005.
وفي يونيو 2006، وصف أكبري العقوبات الدولية ضد إيران بأنها قد تضغط على البلاد من حيث الإنتاجية وإمكانية استخدام الموارد الوطنية، إلا أنها أيضاً تحمل آثار جانبية إيجابية، لأن القدرات الوطنية ستزدهر أكثر وعلى عكس رغبات أمريكا، ستتجه البلاد نحو المزيد من الاستقلال وتتقن آلية العيش بشكل أكثر استقلالية في ظروف أشد قسوة.
وتحدث أكبري عن لسان الشعب الإيراني أنه عندما يدرك الناس أهمية القضية النووية، فإنهم سيقفون بصلابة ويدعمونها.
ودعا علي رضا أكبري، في مقابلة مع وكالة فارس للأنباء في يوليو 2007، إلى مواقف هجومية في السياسة الخارجية: “مما لا شك فيه أن أفضل دفاع هو الهجوم ضد أي هجوم.”
وقال: “إن الأشخاص الذين شغلوا مناصب مهمة في الدولة قالوا إن بلد مثل إيران لا يحتاج إلى قوة وطنية للأمن القومي، والحقيقة ان طهران يمكنها الاستفادة من مظلة الأمن الدولي مثل معاهدات نزع السلاح.”
إذا كانت هناك مقاومة
وفي مارس 2008، وقبل أشهر قليلة من انتخابات 2009، أشار أكبري إلى إمكانية إصدار قرار آخر من قبل مجلس الأمن بشأن إيران: “ربما هناك من يعتقد في أمريكا أن إصدار قرار يمكن أن يضعف ثقة الأمة الإيرانية في ناحية ويزيدها في ناحية أخرى.”
علاوة على ذلك، هاجم أكبري مرة أخرى فريق روحاني النووي خلال عامي 2003 و2005 وقال: “لو كانت هناك مقاومة في ذلك اليوم لما شهدنا صدور قرار آخر.”
وفي مقابلة مع صحيفة إيران الرسمية، مطلع عام 2007، وصف أكبري هجوم 11 سبتمبر الإرهابي بأنه حالة مشكوك بأمرها استغلته أمريكا على نطاق واسع.