ما رسائل تزامن زيارة ماكغورك وقاآني إلى بغداد؟
شهدت بغداد الأسبوع الماضي زيارة منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك، فضلا عن زيارة رئيس فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قآني.
ميدل ايست نيوز: زيارات متلاحقة تلك التي شهدتها بغداد الأسبوع الماضي، زيارات أميركية إيرانية قد تعد الأولى من نوعها منذ تشكيل حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، لا سيما أنها جاءت متزامنة في المكان والتوقيت، في ظل ظروف يشهدها العراق ليس أقلها أزمة تراجع سعر صرف الدينار العراقي أمام الدولار بعد سلسلة إجراءات مصرفية أميركية تجاه بغداد، للحد مما وصفته واشنطن بـ”تهريب وغسيل الأموال”.
وشهدت بغداد الأسبوع الماضي زيارة منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك، فضلا عن زيارة رئيس فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قآني، حيث التقى الطرفان مسؤولين عراقيين من دون أن توضح السلطات الرسمية حقيقة ما دار خلف الأبواب المغلقة.
الزيارة الأميركية
ووفقا لبيان السفارة الأميركية في بغداد، فإن ماكغورك التقى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، حيث رافقه خلال الاجتماع المنسق الرئاسي الخاص للبنية التحتية العالمية وأمن الطاقة آموس هوكشتاين، إضافة للسفيرة الأميركية لدى العراق ألينا رومانوسكي.
ونقل البيان أن الوفد الأميركي أكد -خلال الاجتماع- التزام الرئيس الأميركي جو بايدن باتفاقية الإطار الإستراتيجي مع بغداد والاهتمام بشكل خاص بالتنسيق والعمل لدعم إصلاحات الحكومة العراقية في مجالات الطاقة والبنية التحتية والمناخ، لتعود بالمنفعة على الشعب العراقي.
كما أكد ماكغورك التزام الولايات المتحدة المستمر بتقديم المشورة والتمكين والمساعدة للقوات الأمنية العراقية في قتالها ضد تنظيم الدولة، وضمان عدم عودة ظهور التنظيم مرة أخرى في العراق وسوريا، وفق ما نقل البيان.
هذا ومن المقرر أن يزور وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين واشنطن أوائل فبراير/شباط المقبل للمشاركة برئاسة اللجنة التنسيقية العليا لاتفاقية الإطار الإستراتيجي مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، تمهيدا لزيارة رئيس الوزراء العراقي للولايات المتحدة التي تتحدث أوساط سياسية عن أنها باتت قريبة.
تنويع العلاقات
وعن أهداف وتزامن زيارة الوفدين الأميركي والإيراني، يقول حامد الموسوي -عضو ائتلاف إدارة الدولة الذي شكل حكومة السوداني- إن العراق حريص على التعاون مع أميركا والدول الأوروبية ومختلف دول العالم، مشيرا إلى أن زيارة ماكغورك تعد أول زيارة لمسؤول أميركي كبير للعراق منذ تولي السوداني منصبه.
ويعلق الموسوي “الاجتماع بين السوداني وماكغورك ناقش وجود القوات الأجنبية، وانسحابها من العراق، والاكتفاء بالتعاقد مع مستشارين من جميع الدول، وليس من أميركا فقط، فضلا عن مناقشة الوجود الأميركي في سوريا، والدور العراقي في تقريب وجهات النظر بين السعودية وإيران”، لافتا إلى أن المناقشات تضمنت ملفات الطاقة ووجود الشركات الأميركية العاملة في حقول النفط العراقية.
وعن تزامن زيارة ماكغورك مع زيارة قآني، أوضح الموسوي -الذي يشغل موقعا قياديا في منظمة بدر التي يرأسها هادي العامري- أن وجود قآني وماكغورك في بغداد لا يتضمن وجود حوار إيراني أميركي مباشر أو غير مباشر، مؤكدا أن الحكومة العراقية حصلت على استثناء لاستيراد الغاز والكهرباء من إيران، وأن بغداد سددت تكلفة الغاز عبر المصرف العراقي للتجارة، حسب الموسوي.
واختتم أن وزير الخارجية العراقي سيزور واشنطن لأجل ترتيب لقاء بين السوداني وبايدن، لا سيما أن رئيس الوزراء العراقي حصل على تخويل من الكتل السياسية للتفاوض مع أميركا بشأن مسألة الدولار ووجود القوات الأجنبية وتفعيل الجانب الاقتصادي، وفقا لما أكده الموسوي.
البعد الدولي والإقليمي
على الجانب الآخر، ترى المتحدثة باسم ائتلاف النصر آيات مظفر نوري أن مسألة تشكيل حكومة إطارية أغلب قواها السياسية مناهضة ومعارضة للوجود الغربي في العراق وتحديدا الأميركي تعد إشكالية لها بُعد دولي وإقليمي، وتضيف بالقول “لذا تعتقد الولايات المتحدة أن على الحكومة إيضاح طبيعة هذه العلاقة المؤطرة باتفاقية ثنائية عقدت في عهد رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي”.
وأضافت أنه في مقابل تلك النظرة، فإن السوداني يعمل على سياسة عدم إثارة الجانب الغربي لعدة أسباب، من بينها أن العراق لا يزال بحاجة للدعم الدولي في ملفات عديدة أبرزها الأمنية والاقتصادية.
وفي ما يتعلق بما دار خلف كواليس لقاء السوداني وماكغورك، تقول المتحدثة باسم ائتلاف النصر “إن الطرفين بحاجة لمكاشفة ومصارحة وبناء الثقة، فأزمة الدولار لها بعدان: داخلي يتمثل في مسارات تتبناها الحكومة والبنك المركزي، وخارجي يتعلق بالتعاملات المصرفية العالمية وانصهار العراق ضمن شبكة التعاملات الدولية الآمنة والموثوقة التي تعد بمثابة مرحلة انتقالية من قلق وشكوك غسيل الأموال والتهريب ودعم الإرهاب إلى الأنشطة النظيفة والموثوقة بالتزام الجانب العراقي بالشروط والمعايير الدولية، لذا تتطلب هذه المعالجة إجراءات ووقت ومساعدة دولية لتخطي عقبة عدم الاستقرار النقدي للعملة”.
الدولار وأمن الطاقة
أما رئيس المركز العراقي للتنمية الإعلامية عدنان السراج، فيرى أن زيارة ماكغورك ناقشت ملف أمن الطاقة الدولي والتخفيف من وطأته على الدول المستهلكة للنفط، وذلك بسبب الحرب الروسية الأوكرانية التي قد تطول لفترة أخرى، مشيرا إلى أن العراق يعد بلدا مؤثرا في أمن الطاقة الدولي.
وبخصوص زيارة قآني للعراق، يعلق السراج في حديثه قائلا: “إن زيارة قآني للعراق تعد شخصية، وجاءت لتأدية واجب العزاء لرئيس تيار الحكمة السيد عمار الحكيم بعد وفاة عقيلة الشهيد محمد باقر الحكيم، فضلا عن أنه أجرى عدة لقاءات مع بعض الشخصيات السياسية”، مبينا أن العراق لم يدخل طرفا في الوساطة بين أميركا وإيران نظرا لعمق خلافاتهما، حسب تعبيره.
وفي ما يتعلق بتوقعاته عن أهداف الزيارة المرتقبة للسوداني إلى الولايات المتحدة، فقد أشار السراج إلى أنها تهدف لمناقشة إجراءات البنك الفدرالي الأميركي مع البنك المركزي العراقي التي أدت لرفض التحويلات من العراق لدول العالم.
في غضون ذلك، يرى الباحث السياسي علي البيدر إلى أن وجود قآني وماكغورك في آن واحد يعكس زيادة نفوذ الدولتين في العراق، خصوصا على الحكومة الحالية التي يترأسها السوداني، مضيفا أن واشنطن وطهران ترغبان بالتفاهم بشأن بعض تفاصيل الملف العراقي، لا سيما بعد فشل مفاوضات الاتفاق النووي بين البلدين، حسب البيدر.