من الصحافة الإيرانية: إغلاق مضيق هرمز والسيناريوهات المحتملة

إن تقديم إيران كجهة مدمرة وغير عقلانية في خطواتها ورغباتها غير المدروسة في إغلاق أكثر الممرات المائية الدولية استراتيجية لن يؤدي إلا إلى الإضرار بصورتها ومكانتها في نظر الرأي العام العالمي.

ميدل ايست نيوز: أغلقوا مضيق هرمز! أصبحت هذه المقولة كاللبانة في فم كل من هب ودب، إذ يقوم الساسة الإيرانيون بتكرارها على مسامع المجتمع الدولي بكثرة عند كل مخاصمة وعند تصاعد التوترات واحتداد التصريحات ما بين إيران والغرب، كانسحاب ترامب من الاتفاق النووي وتوقف المفاوضات في فيينا وفرض عقوبات من قبل أمريكا وأوروبا، والقرار الأخير بحق الحرس الثوري الإيراني، وقد يصل الأمر أحيانا للاعتراض على نشر صحيفة فرنسية مقالاً ما يسيء للبلاد.

وبحسب موقع فرارو، تكررت هذه الجملة عدة مرات في الماضي، حيث تطرقت لها بعض الصحف ووسائل الإعلام أو أفراد محدودون في البلاد، لكن المريب اليوم أن يصل صدى هذه الخطوة ليخترق سقف البرلمان الإيراني.

ويوم أمس الاثنين قال محمد حسن أصفري في إشارة إلى إدانته لقرار البرلمان الأوروبي بحق الحرس الثوري الإيراني: “بهذه الخطوة أعلنت أوروبا خطوها على شَمَّام منظمة “مجاهدي خلق”. ومن الواضح أن الساسة في أوروبا وافقوا على هذا القرار دون دراسة وبفعل عاطفي.”

وذكر هذا المسؤول أن مثل هذه الإجراءات الأوروبية ليس لها مخرج سوى نشر النزعة التشاؤمية بين أبناء الشعب الإيراني والتسبب في خيبة أمل الناس، وقال: “بالتأكيد لن نجلس بهدوء؛ وقد وضعنا على جدول أعمال البرلمان إغلاق مضيق هرمز. وإذا كان الأوروبيون سيعاملون قواتنا المسلحة والقوات الرسمية على هذا النحو، فسنطرح أيضًا خيارات أخرى على الطاولة، بما في ذلك تقييد حركة السفن التجارية الأوروبية في مضيق هرمز في شكل خطة عاجلة في البرلمان.”

وعلى افتراض أن مثل هذه الفكرة قد تحققت على أرض الواقع، فإن السؤال هو، ماذا ستكون عواقب إغلاق مضيق هرمز من قبل إيران؟ ما هي السيناريوهات التي سيحدثها إغلاق هذا المضيق في مجال العلاقات بين الغرب وإيران؟ وهل يمكن لإغلاق مضيق هرمز أن يخدم المصالح الوطنية لإيران كما يقول مؤيدو هذه الفكرة؟

سيناريو متفائل: إغلاق مضيق هرمز واستسلام أمريكا وأوروبا لإيران

يرى مؤيدو أطروحة إغلاق أو على الأقل فرض رسوم على السفن المارة عبر مضيق هرمز أن هذه الخطوة من شأنها أن تحقق سيناريو “استسلام الغرب لإيران”. والاستدلال الرئيسي لمؤيدي السيناريو الحالي هو أن إيران تسيطر على تصدير النفط الخام في العالم من خلال السيطرة على مضيق هرمز. بالتالي، ستتعرض مصالح أمريكا وحلفاؤها في المنطقة لأكبر قدر من التهديد.

ومضيق هرمز هو الممر المائي الدولي الأكثر استراتيجية من الناحية الجيوسياسية. 40٪ من تبادل النفط، أي 15 مليون و600 ألف برميل في اليوم الواحد، يمر عبر هذا المضيق وتمر عبر ناقلات النفط.

السعودية والعراق والكويت وقطر والبحرين والإمارات، هي الدول التي تصدر 90% من صادراتها من مضيق هرمز، وتنتج ما نسبته 30٪ من نفط العالم.

وعند تقييم السيناريو أعلاه، تجدر الإشارة إلى أن رد فعل الجهات الفاعلة الأخرى على مثل هذا الحدث لم يؤخذ في الاعتبار. إذ يتم تماماً تجاهل السيناريوهات المتقابلة للمتضررين من إغلاق هذه المضيق. وحتى على افتراض أن كل التنبؤات والإخلالات قد تحققت، فإن السؤال هو، ماذا سيحدث بعد إغلاق المضيق؟

سيناريو واقعي: إغلاق مضيق هرمز وعزل إيران إلى أقصى حد في المجتمع الدولي

وعلى عكس السيناريوهات المتفائلة، فإن السيناريو الواقعي يتصدر الشاشة أيضاً. وخلافاً للسيناريو الأول الذي يرى أنه بإغلاق مضيق هرمز سيرفع الغربيون أيديهم بالاستسلام ويقبلون ما تقوله إيران، وحسب هذه النظرة، أن مثل هذا الحدث سيؤدي إلى رد فعل قاسي من المجتمع الدولي.

وقد لا تؤدي ردود الفعل إلى نشوب حرب، لكن النتيجة النهائية هي فرض أقصى درجات العزلة. وخلافًا لما يُعتقد، بأن الاقتصاد الغربي سيواجه أزمة وانهيار كبيرين، فالاقتصاد الإيراني هو الذي سيتعين عليه التعامل مع أكبر أزمة في تاريخه.

ولن يكون إغلاق مضيق هرمز تهديدًا للغرب فحسب، بل سيعاني شرق العالم (خاصة الصين) بشكل كبير من مثل هذا الحدث. إذ أن 80٪ من النفط المستورد إلى الصين واليابان وكوريا يأتي من منطقة الخليج، وكلها تقريبًا تمر عبر هذا المضيق الحيوي.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، ماذا ستفعل الصين والدول الأخرى في الشرق رداً على إغلاق مضيق هرمز؟ ألن يؤدي هذا الإجراء إلى دخولهم في دائرة العداء الغربي لإيران؟ مع العلم، في علاقات النظام الدولي، يعد تهديد أمن الممرات الحيوية في التجارة والاقتصاد الدوليين لتشكيل بناء توافق في الآراء ضد هذا التهديد كائن من يكن.

ومما لا شك فيه، ستنضم الصين أيضًا إلى أمريكا وأوروبا في مواجهة الضغوط والعقوبات. وهذا يعني أيضا تدمير حلم التحالف الاستراتيجي للشرق وعزل طهران بشكل مفرط عن المنطقة.

وخلاصة ما ذكرنا قد تكون على النحو التالي: لن تستلم أمريكا وأوروبا كما يظن الكثيرون بل ستتوسع الفجوات بين طهران والغرب وترتفع وتيرة التصعيد والمعارضة من الكثير من الفاعلين في المنطقة، وستكون النتيجة الحتمية لمثل هذا الحدث عزلة وتصعيد الأزمة الاقتصادية لإيران. أزمة عظمى قد يصعب تخيلها لمؤيدي نظرية إغلاق مضيق هرمز.

هل تقوم إيران بغلق مضيق هرمز ومن هو أول الضحايا؟

سيناريو متشائم: إغلاق مضيق هرمز وإطلاق صفارات “الحرب العظمى”

ستلوح أصوات صفارات الحرب في الأفق، وبسبب إغلاق مضيق هرمز، سيلجأ المجتمع الدولي إلى العمل العسكري ضد إيران لإبقاء هذا الممر المائي الدولي مفتوحًا باللجوء إلى القواعد القانونية. هذه هي توقعات المعتقدين بالسيناريو المتشائم. إذ أن أساس حجتهم يتجسد في عدم إشتراكية المجتمع الدولي في حل وسط على إغلاق الممر المائي الدولي الأكثر استراتيجية في العالم.

ويمكن تقييم هذا السيناريو على أنه أخطر احتمال للأمن الإقليمي والعالمي. إذ يمكن أن يؤدي تحقيقه إلى عواقب لا يمكن التنبؤ بها على مختلف الأصعدة الداخلية والخارجية.

ما كان وماهو واضح الآن هو أن مؤيدي فرضية إغلاق مضيق هرمز (على الأقل حتى الآن) قد حمّلوا البلاد أكبر من طاقتها بسبب تصريحاتهم وقرارتهم.

ومن خلال اللهو في ساحة اللوبيات المعادية لإيران، فإنهم يخلقون بيئة خطبة لتوسع مشروع إيرانوفوبيا. حيث إن تقديم إيران كجهة مدمرة وغير عقلانية في خطواتها ورغباتها غير المدروسة في إغلاق أكثر الممرات المائية الدولية استراتيجية لن يؤدي إلا إلى الإضرار بصورتها ومكانتها في نظر الرأي العام العالمي.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة × 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى