أوصلت رسالة لطهران.. هل تحيي قطر مفاوضات النووي الإيراني؟

تحاول دولة قطر على ما يبدو تحريك مياه مفاوضات النووي الإيراني الراكدة، وهي محاولات يقول خبراء إنها تعكس مخاوف الدوحة من اندلاع مواجهة عسكرية بالمنطقة.

ميدل ايست نيوز: تحاول دولة قطر على ما يبدو تحريك مياه مفاوضات النووي الإيراني الراكدة، وهي محاولات يقول خبراء إنها تعكس مخاوف الدوحة من اندلاع مواجهة عسكرية بالمنطقة ربما تكون مرهونة بتغيير طهران لمواقفها.

وقال وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إن الدوحة تحاول تهيئة المناخ لاستئناف المفاوضات النووية بين إيران والغرب، فيما قال نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إن بلاده تلقت رسالة من الأطراف المقابلة في المفاوضات عبر قطر.

جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده الوزيران في العاصمة الإيرانية طهران على هامش زيارة رسمية أجراها “آل ثاني”، يوم الأحد 29 يناير 2023.

وقال الوزير القطري، إن بلاده تحاول تهيئة الأجواء لعقد مزيد من جلسات التفاوض لإحياء الاتفاق النووي، مضيفاً: “شددنا على أهمية تعزيز الأمن الإقليمي وضرورة خفض التصعيد في المنطقة”.

وأضاف: “تربطنا علاقات تاريخية بإيران، ولدينا مشتركات أهمها الدين والثقافة، وقد أكدنا على أهمية تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري معها”.

من جهته، قال وزير خارجية إيران، حسين أمير عبد اللهيان، خلال المؤتمر نفسه إن بلاده تلقت رسالة من (الطرف الآخر) بشأن استئناف المفاوضات.

جهود متعثرة

تعثرث جهود إحياء الاتفاق منذ يوليو الماضي، عندما قدم الاتحاد الأوروبي مقترحاً، قال إنه يمثل أفضل الحلول حالياً، لكن الولايات المتحدة رفضت الاستجابة للتعديلات التي أدخلها الإيرانيون على المقترح.

ومع اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية قبل نحو عام كادت المفاوضات التي استضافتها العاصمة النمساوية فيينا طيلة شهور تصل إلى طريق مسدود بسبب محاولات طهران الاستفادة من الظروف التي فرضتها الحرب على العالم.

وخاضت الولايات المتحدة وإيران سجالاً طويلاً ألقى خلاله كل طرف مسؤولية فشل إحياء الاتفاق على الآخر، لكن الرئيس الأمريكي جو بايدن قال خلال تجمع انتخابي، في نوفمبر الماضي: “إن الاتفاق النووي قد مات، لكننا لن نعلن ذلك”.

وفي ديسمبر 2022، نقلت قناة “العربية” عن دبلوماسي أوروبي رفيع  قوله: “ليس هناك أي داعٍ للعودة إلى فيينا واستئناف المفاوضات مع إيران حول إحياء الاتفاق النووي”، معتبراً أن المفاوضات “انتهت فعلياً”.

وأضاف: “إيران تريد إنهاء مشاكلها العالقة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية أولاً، قبل العودة لمباحثات إحياء الاتفاق النووي”.

وفي الشهر نفسه، استبعد مندوب روسيا لدى المنظمات الدولية في فيينا، ميخائيل أوليانوف، إحراز نقلة كبيرة في المشاورات بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وطهران.

وتوقفت المحادثات بين إيران والدول الغربية من دون التوصل إلى نتيجة بعد إصرار إيران على إغلاق التحقيق الذي تقوده الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد العثور على آثار لليورانيوم المخصب في 3 مواقع سرية لم تكشف عنها إيران سابقاً.

وترفض الوكالة إغلاق التحقيق قبل الحصول على أجوبة مقبولة من إيران، وذكر تقرير حديث للوكالة الدولية أن إيران وافقت على زيارة تقوم بها الوكالة في نوفمبر الماضي؛ للبدء بتقديم إجابات طال انتظارها، لكن الاجتماع لم ينعقد حتى الآن.

وتقول القوى الغربية إن قضية جزيئات اليورانيوم -التي لم يعرف لها تفسير- أصبحت عقبة في محادثات أوسع لإحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 مع القوى العالمية، بعد انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية منه عام 2018 في ظل إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب.

جهود قطرية متواصلة

في سبتمبر 2022، أكد موقع “ميدل إيست آي” البريطاني أن قطر أدت دوراً كبيراً في محاولة التوسط بين الولايات المتحدة وإيران، من أجل إحياء الاتفاق النووي.

وقال الموقع في تقرير إن قطر تدرك أن عدم الوصول إلى الاتفاق يزيد المخاطر، لذا فهي تعمل على دفع وتيرة الدبلوماسية عبر إقناع طهران بتقديم تنازلات لإتمام الصفقة التي يعتقد معظم الفاعلين الإقليميين أنها تحول دون اندلاع حرب بالمنطقة، فضلاً عن خلق سباق تسلح نووي خطير.

واستضافت الدوحة، العام الماضي، جولة مباحثات غير مباشرة بين الأمريكيين والإيرانيين، لكنها لم تتمكن من رأب الصدع بينهما.

كما قال أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، خلال زيارته لطهران في مايو 2022، إن بلاده تدعم اتفاقاً عادلاً يضمن حقوق إيران في استخدام الطاقة سلمياً ولا يصل إلى حد امتلاك سلاح نووي.

ومنتصف يناير الجاري، حذّر رئيس الوزراء القطري الأسبق، الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، من “عمل عسكري” محتمل قد يهز منطقة الخليج، ودعا الجميع للانتباه تحسباً لضربة أمريكية محتملة لإيران ما لم يتم إحياء الاتفاق.

المحلل السياسي العراقي د. ناصر الدريد، يرى أن محاولات قطر إحياء المفاوضات تعكس حالة القلق الجدي من انزلاق المنطقة إلى مواجهة عسكرية ما تزال طهران تستبعدها، على عكس الدوحة.

وقال الدريد إن نجاح مهمة قطر مرهون بمدى استعداد طهران لتقديم تنازلات، وهو أمر مستبعد؛ لأن الإيرانيين يتعاملون مع مسألة توجيه ضربة عسكرية لهم على أنه أمر غير وارد.

ولفت الدريد إلى التحذير الذي أطلقه مؤخراً رئيس وزراء قطر الأسبق من احتمال تورط المنطقة في مواجهة عسكرية، مشيراً إلى أن الأوروبيين أيضاً لم يعودوا مؤيدين لطهران، خصوصاً بعد الإعدامات الأخيرة التي طالت مساعد وزير الدفاع الإيراني السابق علي رضا أكبري، حامل الجنسية البريطانية.

وأضاف: “إيران اعتمدت على أنها لم تواجه أي ضربة، وتمادت في تعنتها، وهو ما أفقدها الدعم الأوروبي خصوصاً مع دعمها للروس في حربهم على أوكرانيا”، مضيفاً: “الأوروبيون حالياً متحفزون ضد إيران، وهناك العديد من العوامل التي تشجع واشنطن على ضرب إيران، لكن السؤال هو: متى؟”.

وخلص الدريد إلى أن الدوحة لا تقدر على منع هذه الضربة التي يصعب التكهن بوقتها أو بطبيعتها ما لم تتراجع إيران وتقدم تنازلات في الملفات محل الخلاف.

وختم بالقول إن مضي طهران في صفقة شراء مقاتلات سوخوي من روسيا هو ما سيحسم مدى استعدادها لتلقي ضربة محتملة وليس أي تصريحات دبلوماسية.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الخليج أونلاين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

13 + 14 =

زر الذهاب إلى الأعلى