مرآة الثقافة في إيران.. كيف تربع السجاد الإيراني على عرش المنسوجات في العالم؟

تعتبر السجادة الإيرانية مرآة تعكس الثقافة في إيران والأصالة وعشق الفن في هذه البلاد، إذ سعت إيران بكل طاقتها للحفاظ على هذا الإرث الثمين على مر آلاف السنوات.

ميدل ايست نيوز: هل التحدث فِعلٌ يرتبط بالإنسان مُنفرداً ويميزه عن بقية أقرانه، أما ان الجمادات بإمكانها تخطي القدرات البشرية لتتحدث بطريقتها وتخبرنا عن عراقة وبراعة صانعها وناسجها وموجدها؟ قد يبدو السؤال غريباً بعض الشيء للقارئ، إلا أنه يحمل في طياته الكثير من المعاني، التي لا تحتاج إلى لبيبٍ كي يدركها أو خبيرٍ كي يفكك شفرة فحواها، بل إلى فردٍ يلقي نظرة بإمهالٍ وتأمل إلى هذا الفن، يلتمس أثره، ويسرد في تاريخه. فنٌ، أينما حلْ يحل رونقه معه ويعلو ناظِره علامات الدهشة من كثرة الابداع والاحتراف في عملية تكوينه.

السجاد، هو من تلك الجمادات التي أحتلت مرتبة مرموقة بين الفنون الشعبية. وفي معرضنا للتحدث عن هذا الفن لا بد أن نتطرق إلى أجود أنواعه وأتقنها صنعاً وهو السجاد الإيراني وقد يقال السجاد العجمي.

أقدم سجاد في العالم؟

تعتبر السجادة الإيرانية مرآة تعكس الثقافة في إيران والأصالة وعشق الفن في هذه البلاد، إذ سعت إيران بكل طاقتها للحفاظ على هذا الإرث الثمين على مر آلاف السنوات، فنسج السجاد لا يعتبر عملاً مستجداً كما يعتقد البعض بل يعد من أقدم الفنون التي اكتشفها الإيرانيون في هذا الجزء من العالم. حيث تنتمي أقدم سجادة في العالم إلى العصر الأخميني والتي قام بنسجها إيرانيون عاشوا في تلك الحقبة.

ووفقاً لموقع الميادين، من أبرز الدّلائل على قِدَم صناعة السجاد الفارسي، سجادة بازيريك، المصنوعة يدوياً، والتي تم اكتشافها عام 1949، في المرحلة الثانية من الحفريات الأثرية الروسية، رودينكو، في منطقة بازيريك (Pazyryk) في سيبيريا. ويعود تاريخ صناعتها إلى القرن الرابع قبل الميلاد، وهي محفوظة إلى يومنا هذا في متحف “هيرميتاج”، في مدينة سان بطرسبرغ في روسيا.

الإسلامي، ملك شاه عباسي، جاجيم وكليم، افشان واسليمي وغيرها الكثير هي من بين أشهر أنواع السجاد الذي يصنع في إيران، والتي لاقت رواجاً واكتسبت لقباً بين مختلف الشعوب والثقافات في العالم، حيث قام الفنانون الإيرانيون بتحويل السجادة الإيرانية إلى عمل فريد من خلال إبراز النقاط الجمالية في الحبكة والتطريز الرائع لحدود السجادة. من خلال هذا المقال القصير، نحاول تعريف القارئ على الفن الإيراني الأصيل وأفضل أنواع السجاد وطرق صناعته، وكيف أثّرت العقوبات الغربية على رونقه وقيّدت عملية تصديره.

السجاد الإسلامي الإيراني

التصاميم الإسلامية الفريد من نوعها والتي تنسجها يدوياً أيادي الفنانيين الإيرانيين مستوحاة من المباني والبلاط والأشكال الهندسية والزخرفية المختلفة.

على مر التاريخ، أضاف مصممو السجاد في إيران لمساتهم الخاصة في التصميمات الرئيسية وابتكروا تصميمات فرعية ذاع صداها في العالم نظراً لدقة حبكها والاتقان في توزيع ألوانها ورسوماتها، ومن أشهر هذه الأعمال “مسجد شیخ لطف الله، محرابي کوفي، مسجد کبود، مقبرة شیخ صفي، سردر امام زاده محروق، كنبد قابوس، مسجد شاه اصفهان، تخت جمشید، طاق بستان، طاق کسری (ایوان مدائن)، و زیرخاکي.

سجاد شاه عباسي

فرش طرح افشان شاه عباسی

يعتمد الإيرانيون على استخدام “زهرة شاه عباسي” الشهيرة، التي تعد الأساس للشروع في تصميم هذا النوع من السجاد. يقوم الفنانون أثناء تصميم شاه عباسي، بدمجه مع تصميم “خنائي” وأحياناً مع “اسليمي”، بحيث تتنوع الزخارف والرسومات في هذه السجادة، مما يكسبها شكلاً فريداً وطابعاً متميزاً عن أنواع السجاد الأخرى.

سجاد اسليمي الإيراني

فرش طرح اسلیمی

الشكل الرئيسي لهذا التصميم هو الفروع الدائرية بين الأوراق. وتجسّد هذه الفروع شكل الشجرة. لـ اسليمي أنواع وتصاميم مختلفة، وعادة ما يتكرر هذا التصميم في معظم أشكال صناعة السجاد في إيران.

طرق صناعة السجاد الإيراني

يستخدم “الصوف” في تصنيع السجاد، وله عدة أنواع، مثل صوف “كورك، مانشستر”، و”صوف وبر الإبل”، كما يُستخدم القطن، والحرير أيضاً، إلا أنّ الحرير هو الأقل استخداماً في صناعة السجاد الإيراني، لأنّ سعره غالٍ جداً، بالإضافةً إلى أنّه أقلّ قدرة على التحمل. لذا، دائماً ما يتم تعليقه، كلوحات، على الجدران، ونادراً جداً ما يُستخدم فوق الأرضيات. أمّا ميزته فهي أنّ سعره يزيد كلما طال الزمن.

السجاد اليدوي الإيراني يعاني من العقوبات

أثرت العقوبات الأميركية بشكل مباشر على شركات الشحن العالمية التي توقفت عن استيراد وتصدير البضائع الإيرانية، ومن ضمنها السجاد اليدوي، ومنعت حضور الشركات الإيرانية للمشاركة في المعارض الدولية لبيع منتجاتها.

ومنذ قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، تراجعت صادرات إيران من السجاد المصنع يدويا بفعل العقوبات التي فرضها على طهران، وما زاد الطين بلة هو الأحداث الأخيرة التي رفعت وتيرة العقوبات بعد تعليق الاتفاق النووي وإيقاف المباحثات في فيينا، ما تسبب في تراجع إيران إلى المرتبة الرابعة بعدما كانت تحتل المرتبة الأولى على مستوى العالم.

وفي هذا الصدد، أعلن رئيس نقابة بائعي السجاد اليدوي في إيران عن ركود بنسبة 80 ٪ في سوق السجاد المنسوج يدويًا وقال انه ربما تغادر شحنة أو شحنتان من السجاد البلاد كل أسبوع.

وتجدر الإشارة إلى أن المشتري الأصلي للسجاد الإيراني يوجد في أسواق أوروبا وأمريكا والدول العربية.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ستة عشر + 10 =

زر الذهاب إلى الأعلى