حجب منصات التواصل الاجتماعي في إيران يكبح العجلة الاقتصادية ويجعل المجتمع عالة

سببت قيود الإنترنت وحجب شبكات التواصل الاجتماعي في إيران على خلق تحديات جسيمة بشأن التواصل مع العملاء وإلحاق خسائر بسوق بعض المواد المصدرة.

ميدل ايست نيوز: الإنترنت، المصطلح الشهير الغني عن التعريف، نظام اتصال عالمي وشبكة عنكبوتية تربط ملايين الخيوط الإلكترونية مع بعضها البعض، بواسطة تقنيات لاسلكية أو ألياف ضوئية. يمثل الإنترنت منظومة تواصل ووسيلة لنقل البيانات بين المستخدمين حول العالم في مختلف القطاعات العامة والخاصة وبشتى تخصصاتها التجارية والاقتصادية والحكومية والأكادمية والعلمية.

لن نغوص أكثر في تعريف هذه المنظومة المتطورة، فمحركات البحث حول العالم، وأولها غوغل، مليئة بعشرات الآلاف من المقالات والمدونات والشروحات التي تتناول هذا الشأن، ما يجوب في خاطرنا اليوم هو في حال انقطعت هذه الخدمة أو تراجع أداءها وعملها، ما هي التبعات والعواقب التي ستخلفها على الشعوب والبلدان المستضيفة لها؟ وفي حال وُجدت هذه الخدمة وأدت عملها بشكل جيد، إلا أنها تخضع لشروط وقيود ورقابات وحظر يشل الوصول إلى المنصات والبرامج التي تعتبر اليوم من أساسيات الحياة لدى أي انسان حول العالم “إلا مارحم ربي”، فكيف ستكون ردات فعل الشارع في هذا الصدد، الذي يعتبر أنه من أبسط حقوقه أن يتصفح ويستفاد من خدمات الإنترنت قدر ما أمكن كونه لا يضر بكيان بلاده أو استقراره؟

الإنترنت في إيران

فرضت إيران منذ قرابة أربعة أشهر قيوداً صارمة على منصات التواصل الاجتماعية “الأجنبية”، مع العلم أنها ليست المرة الأولى، فحظر المواقع والتطبيقات عادة أتخذها المسؤولون في البلاد عند كل مخمصة وكل احتجاج يشوب شوارع البلد.

واتساب وانستغرام، التطبيقان الأكثر استخداماً في العالم، كانا في مقدمة المنصات التي حظرتها وزارة الاتصالات الإيرانية، وذلك بعد ارتفاع وتيرة الاحتجاجات الشعبية وانتشار أخبار تم وصفها “بأنها تحض على العنف وإضرار البلاد ونشر الأكاذيب والشائعات”.

المعلومة التي قد لا يعلمها القارئ العربي لمقالنا، أن هذه التطبيقات فضلاً عن تلكرام وتويتر هي مصدر دخل لملايين الأشخاص في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وإن قطعها أو فرض قيود عليها وإجبار مستخدميها على إهدار الأموال لشراء خدمات “كاسر الحجب أو VPN” هي فاجعة بالنسبة لهذا الفرد المعتمد على هذه الخدمات، والذي لا يُلام بتاتاً على ردات فعله عقب هذه الإجراءات الحكومية.

الأطراف المعارضة لهذه الإجراءات

قد يكون شيئاً نادراً في بلاد فارس أن ترى إجماعاً على رفض قرار نصّته وأمرت بتطبيقه جهات حكومية، فعندما اشتدت ذروة الاضطرابات في الأوساط الإيرانية وارتفعت وتيرة الفوضى في البلاد، لجأت الحكومة كعادتها إلى فرض قيود على منصات التواصل الاجتماعية متهمةً مستخدميها بإثارة البلبلة والإخلال في نظام البلاد ونشر الفتن، وهو ما رفضه عامة المجتمع، سواء كان الشخص أصولياً أو إصلاحياً أو معتدلاً أو فرداً يدعي بعدم الانتماء إلى أي حزب سوى كونه مواطن ومن حقه أن يطالب بإلغاء قرار يراه غير منطقي.

خسائر كبيرة وموجة بطالة في الشركات الناشئة بسبب القيود على الإنترنت في إيران

خسارات لا تحصى

تماشياً مع الخدمات التي يقدمها الإنترنت عبر منصاتها، ونخص بالذكر انستغرام وتلكرام وواتساب، فإنه من الطبيعي أن تخلف القيود المفروض عليها آثاراً سلبية للغاية، من شأنها الإضرار بكل قطاعات البلاد، الخدمي والحكومي والاقتصادي والأكاديمي، وهو بالفعل ما تشهده إيران اليوم بمختلف مناطقها، فالإيرانيون من الشعوب المنفتحة على الإنترنت وتعتمد عليه بشكل كبير في أعمال البيع والشراء والتسويق والتواصل والتجارة وغيرها.

وخلال الأشهر القليلة الماضية، تراجعت مكانة إيران في ترتيب الدول التي تتمتع بأقوى سرعة للإنترنت عبر الهاتف المحمول بمقدار 7 مراتب، حيث أوضح موقع سبيد تست العالمي، في أحدث تقرير له عن اختبار سرعة الإنترنت، أنه في الشهر الأخير من عام 2022، تراجعت مكانة إيران في ترتيب الدول التي تتمتع بأقوى سرعة للإنترنت، وذلك عقب الاحداث الأخيرة في البلاد والتي رافقها فرض قيود على الإنترنت والحد من سرعته.

من ناحية أخرى، أظهرت الإحصاءات الرسمية في إيران خطورة تداعيات سياسة تقييد الإنترنت على شركات الاتصالات الإيرانية، إذ أوشك بعضها على الإفلاس. ونشرت صحيفة إيرانية، تقريراً تحت عنوان “المتضرر الرئيس جراء تقييد الإنترنت” سلط الضوء على تداعيات سياسة تقييد الإنترنت بإيران لإخماد ذروة الاحتجاجات، مؤكدة أن حجب منصتي واتساب وإنستغرام كبّد شركات الاتصالات خسائر فادحة حتى الآن، وسط الخشية من إفلاسها حال مواصلة قطع هذه الخدمة.

التجارة الخارجية لم تَسلمْ

لا يخفى على أحد الدور الحيوي للخدمات التي تقدمها شبكات الإنترنت بشتى أنواعها، حيث لا وجود لتجارة في عصرنا هذا دون وجود شبكة الإنترنت، التي أصبحت من ركائز وأساسيات الخدمات التجارية سواء كانت إلكترونية وغيرها. تعد شبكة الإنترنت من أهمّ مصادر الحصول على المعلومات التجارية، عن المُنتجات حسب أنواعها، إذا كان مُنتج صناعي أو استهلاكي أو تقني، ووسيلة لا غنى عنها للبحث عن الخدمات أو البضائع والوصول إليها بكل سهولة.

وتسببت هذه القيود وحجب شبكات التواصل الاجتماعي في إيران بخلق تحديات جسيمة بشأن التواصل مع العملاء وإلحاق خسائر بسوق بعض المواد المصدرة.

شيء فشيء تزداد تداعيات القيود الشديدة على الإنترنت لتشمل جميع قطاعات البلاد وما يرتبط بها في الداخل والخارج، إذ ظهرت آثارها الصارمة مؤخراً على تجارة إيران مع أهم أسواق التصدير. جاء ذلك بعد إعلان عضو غرفة التجارة الإيراني حميد حسيني عن قطع رجال الأعمال المحليين والأجانب في العراق وأفغانستان وسوريا علاقاتهم مع طهران.

كيف أثرت القيود على الإنترنت في إيران على التجارة مع العراق؟

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عشرة + 9 =

زر الذهاب إلى الأعلى