هجوم أصفهان.. ما هي السيناريوهات المحتملة لرد إيران على إسرائيل؟

ميدل ايست نيوز: “الحرب السرية بين تل أبيب وطهران ستستمر في ظل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، ما يخلق خطرًا دائمًا من التصعيد، الذي قد يهدد خصوم إيران الإقليميين الآخرين”.. هكذا سلط موقع “ستراتفور” الضوء على هجوم طائرات مسيرة على مجمع للتصنيع العسكري وسط مدينة أصفهان الإيرانية.

وذكر الموقع، في تقييم حالة أن وزارة الدفاع الإيرانية أعلنت، في 29 يناير/كانون الثاني الجاري، أن الهجوم تسبب في بعض الأضرار بالمجمع، فيما ذكرت وسائل إعلام غربية إن إسرائيل نفذت الهجوم استجابة لمخاوف الأمن القومي المتعلق بالأنشطة العسكرية الإيرانية الأخيرة.

وبينما لم تؤكد إسرائيل ذلك رسميا، لكنها “لا تزال الجاني الأكثر منطقية” حسب تقييم الحالة، خاصة أنه لها سوابق في استهداف منشآت إيرانية، بما في ذلك الهجوم على قاعدة إيرانية للطائرات المسيرة بمدينة كرمانشاه في فبراير/شباط 2022.

وفي خطابه الأول أمام الكنيست الإسرائيلي، بعد أن أدى اليمين لولاية جديدة، قال “نتنياهو” إن “حماية المصالح الإسرائيلية من التهديدات الإيرانية من بين أولويات حكومته القصوى”.

كيف علق نتنياهو على سؤال حول الهجوم على مصنع وزارة الدفاع الإيرانية؟

وهنا يشير تقييم “وورلد فيو ستراتفور” إلى “الأهداف المتنافسة للأحزاب اليمينية المتطرفة والمحافظة التي تشكل التحالف الحاكم الجديد لنتنياهو”، واصفا تناقضاتها الداخلية بأنها تمثل خطرا على أمد الحكومات الإسرائيلية الهشة سياسياً.

كما أشار الموقع إلى ما تشهده الأراضي الفلسطينية المحلتة من موجة عنف متصاعد في الأسابيع الأخيرة، وتنفيذ قوات الاحتلال الإسرائيلية 26 مداهمة في الضفة الغربية.

لكن هجوم أصفهان يؤكد أن القادة الإسرائيليين ينظرون إلى إيران باعتبارها أخطر تهديد لأمن بلادهم، حتى مع التهديدات الكبيرة لاستقرار إسرائيل الداخلي، خاصة في ظل تواصل توسيع طهران لبرامجها النووية والصاروخية.

ورغم أن التقييم يعتبر حدوث صراع مباشر بين إسرائيل وإيران غير مرجح، لكنه ينوه في الوقت ذاته إلى أنه “غير مستبعد بالكلية” مع استمرار دورة تصعيد العنف الحالية، مشيرا إلى أن الهجوم الإسرائيلي المرجح على منشأة أصفهان هو فقط الأحدث في سلسلة من الهجمات المماثلة، والمصممة لتقويض القدرات العسكرية الإيرانية، والتي ردت عليها طهران بمجموعة متنوعة من الهجمات الانتقامية.

وردًا على الضربة الأخيرة، يرجح التقييم أن ترد إيران مرة أخرى لإظهار مخاطر مهاجمة الأراضي الإيرانية على إسرائيل، وأي خصم محتمل آخر.

وقد يؤدي ذلك إلى قيام إيران بهجمات إلكترونية ضد أهداف إسرائيلية بالشرق الأوسط الأوسع، أو نشر شبكتها الواسعة من الميليشيات لشن هجمات بطائرات مسيرة أو صواريخ ضد المصالح الإسرائيلية في دول مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن.

وبالنظر إلى العلاقات الأمنية الوثيقة تاريخياً لإسرائيل مع الولايات المتحدة، قد تستهدف إيران الولايات المتحدة أيضًا، بضرب قواعدها العسكرية ومصالحها التجارية في الشرق الأوسط، بحسب التقييم.

كما قد تسعى إيران لاستفزاز هجمات فلسطينية ضد إسرائيل من خلال تعزيز علاقات سياسية واقتصادية أكبر مع الجماعات المسلحة القوية في قطاع غزة، خاصة حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي”، ما قد يؤدي إلى تفاقم التصعيد الأخير بالضفة الغربية المحتلة.

إيران تتهم جماعات كردية في إقليم كردستان بالضلوع في الهجوم على مصنع وزارة الدفاع

ويعزز من هكذا ترجيح أن تقارير إعلامية أوردت، في 30 يناير/كانون الثاني الجاري، أن وزير الخارجية الإيراني “حسين أمير عبداللهيان” دعا رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، “إسماعيل هنية”، لزيارة طهران.

والأهداف العسكرية الإسرائيلية ستكون، على الأرجح أهدافًا رئيسية للرد الإيراني على هجوم أصفهان، لكن خصوم إيران آخرين في المنطقة قد يقعون في مرمى النيران المتبادلة، بما في ذلك دول الخليج العربي. فالتوترات المتصاعدة بين إيران وأذربيجان قد تدفع طهران إلى إلقاء اللوم على الحكومة الأذربيجانية للمساعدة في تمكين إسرائيل من تنفيذ هجوم أصفهان.

وربما تشن إيران أيضًا هجمات بحرية على أهداف عسكرية أو تجارية في الخليج وبحر عمان والبحر الأحمر، من شأنها أن تخلق مخاطر محدقة بشركات الشحن والتأمين بالمنطقة.

وهنا يشير التقييم إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة لها علاقة دبلوماسية وأمنية غير مستقرة مع إيران حتى قبل تطبيع أبوظبي لعلاقاتها مع إسرائيل في عام 2020، ولذا غرد “أنور قرقاش”، المستشار الدبلوماسي الرئاسي لرئيس الدولة، في 29 يناير/كانون الثاني الجاري، بأن هجوم أصفهان “لم يكن في مصلحة المنطقة”. فحكومة الإمارات ترغيب في الحث على حالة السلام، ربما لحماية ذاتها من احتمالات الرد الإيراني.

ومن المحتمل أن يجبر هجوم أصفهان إيران على تسريع برنامجها النووي، وبالتالي بناء واحدة من أقوى أدواتها الدفاعية والمصادر الرئيسية لقوتها التفاوضية.

ومع ذلك، فإن أي تقدم إضافي في هذا البرنامج سيدفع إسرائيل إلى إيجاد طرق لتقويض أي من قدرات إيران الجديدة، وإطالة أمد دائرة التصعيد وخطر نشوب نزاع عسكري مباشر.

وسيمثل هكذا احتمال أيضا خطرا قد يفشل فرصة تفاوض إيران والغرب حول اتفاق نووي بشكل تام، لكن “وورلدفيو ستراتفور” يرى ذلك احتمالًا ضعيفًا لهذا العام، ولكنه سيناريو معقول للعام المقبل.

فإذا اتخذت إيران خطوات لتعزيز قدراتها النووية، مثل تخزين المزيد من اليورانيوم عالي التخصيب بين 60 و90%، أو إضافة المزيد من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، أو منع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من الوصول إلى المواقع النووية الإيرانية، فسيكون التفاوض لإبطاء خطر الانتشار النووي الإيراني صعبا على الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين.

كما يمكن لإيران أن تعلن عن تطورات في أبحاثها بمجال تكنولوجيا الصواريخ الباليستية، بما في ذلك قدراتها الصاروخية التي تفوق سرعة الصوت، والتي ستثير القلق في إسرائيل ودول الخليج العربية، وستثير مخاوف بشأن نقل الصواريخ الإيرانية إلى روسيا لاستخدامها في أوكرانيا.