إلى أين تتجه خلافات أفغانستان وإيران بشأن الحصص المائية؟

تظهر طهران توجسا من تعامل الحكومة الجديدة إزاء الملفات الخلافية بينهما، وأهمها قضية المياه ونهر هلمند جنوبي أفغانستان.

ميدل ايست نيوز: تشهد العلاقات الأفغانية الإيرانية، منذ وصول حركة طالبان إلى السلطة، توترا هو الأسوأ مقارنة بعهد الحكومة الأفغانية السابقة، إذ تظهر طهران توجسا من تعامل الحكومة الجديدة إزاء الملفات الخلافية بينهما، وأهمها قضية المياه ونهر هلمند جنوبي أفغانستان.

وتتعدد الخلافات بين البلدين، وتتصدرها قضايا ضبط الحدود، واللاجئين، والقضايا الأمنية، إلى جانب ملف المياه الأكثر تهديدا للعلاقات بين طهران وكابل.

ونقلت وسائل إعلام إيرانية وأفغانية عن عضو البرلمان الإيراني محمد سركزي تهديده أفغانستان “إذا لم تفرج عن المياه من نهر هلمند في أفغانستان، فسيتم طرد اللاجئين الأفغان من محافظة سيستان وبلوشستان”.

وأضاف سركزي أن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمر الخارجية الإيرانية باستكمال المطالبة بحصة إيران في مياه نهر هلمند، وصدرت تعليمات للسفير الإيراني في كابل بتحذير الحكومة الأفغانية -التي تتزعمها حركة طالبان- من أنها إذا لم تفرج عن المياه، فسيتم ترحيل اللاجئين الأفغان من إيران.

وبالفعل، طالب السفير الإيراني الجديد حسن كاظمي قمي وزير الخارجية الأفغاني أمير خان متقي، بتوفير حصة إيران من المياه الأفغانية، وجاء ذلك في أول لقاء له بعد مباشرة عمله في السفارة الإيرانية بكابل. وقال قمي “تجب إدارة المياه بطريقة لا تضيع حصة إيران”.

وحسب الاتفاقية التاريخية التي وقّعتها أفغانستان وإيران لحل مشكلة المياه في عهد الملك الراحل محمد ظاهر شاه عام 1973، تمنح أفغانستان لإيران 26 مترا مكعبا من المياه في الثانية الواحدة، وعلى هذا الأساس يتدفق إلى إيران سنويا 820 مليون متر مكعب من المياه.

وتقول إيران إنها خسرت العام الماضي 4 ملايين متر مكعب من المياه، في حين تراجع منسوب المياه في الأنهار الأفغانية بسبب الجفاف وقلة هطول الأمطار.

بناء سد كمال خان

ويقول السفير الإيراني لدى أفغانستان إن “اتفاق المياه بين أفغانستان وإيران موجود والجميع ملتزمون به، ولا خلاف بيننا”.

ووفقا للسفير، أكد مسؤولون في طالبان حق إيران في المياه الأفغانية، وقال “نؤيد تطبيق الاتفاق ولا نفكر في تعديله، وما حدث العام الجاري أن كمية كبيرة من المياه هُدرت بسبب بناء سد كمال خان في ولاية نيمروز”.

ويقول السفير إن السد تم بناؤه “بطريقة منحرفة” وبه مشكلة فنية، ويتسع لنحو 52 مليون متر مكعب من المياه وتُخزن فيه كميات محدودة من مياه الفيضانات والسيول.

ونقل السفير عن مسؤولين في طالبان قولهم إن هناك خطأ فنيا، وإنهم سيحاولون إصلاحه، “ورغم كل شيء، فلا يوجد صوت معارض لحق إيران في المياه الأفغانية”.

قلة الأمطار أثرت على مياه أفغانستان

وكتب المتحدّث باسم الخارجية الأفغانية إن متّقي ناقش مع السفير الإيراني القضايا السياسية والاقتصادية بين البلدين، مؤكدا على حسن الجوار والمصالح المشتركة، ومن بينها ملف المياه جنوبي وغربي أفغانستان.

وعن موضوع المياه بين أفغانستان وإيران، قال متقي للجزيرة نت إن “الإمارة الإسلامية تحترم حق إيران في المياه الأفغانية وتلتزم باتفاقية 1973 التي وقعها رئيس الوزراء الأفغاني الأسبق موسى شفيق مع نظيره الإيراني عباس هويدا، وإن قلة هطول الأمطار والجفاف أثرا على كمية المياه داخل أفغانستان”.

وتحذّر الحكومات الإيرانية -منذ أيام محمد خاتمي- الحكومات الأفغانية من أن التفريط في حق إيران في المياه سيؤثر سلبا على مجالات التعاون الأخرى بين البلدين، في إشارة إلى ملف اللاجئين الأفغان في إيران.

وتطالب إيران بإعادة النظر في الاتفاقية التي وقعت بين البلدين، ولكن الحكومات الأفغانية ترفض الطلب الإيراني، وتقول إن الاتفاقية شاملة وتنص على وضع المياه طيلة فصول السنة، وتطالب طهران بالالتزام بها.

ووفقا لوكيل وزارة المياه والري السابق أحمد ويس، تطالب إيران بإعادة النظر في اتفاقية “شفيق–هويدا” بشأن نهر هلمند، بحجة أنها وقعت في عهد الشاه الإيراني السابق الذي فرط في حق إيران بالمياه، حسب تقديرها.

وقال ويس -للجزيرة نت- إن المناطق المجاورة لأفغانستان تعاني الجفاف وقلة المياه، و”قلنا لهم مرارا إن الاتفاقية ليس لها نظير في حل مشكلة المياه على مستوى المنطقة، وتناولت وضع المياه على مدار السنة أي 362 يوما، وهي غير قابلة للتعديل حسب نصها، وإيران وافقت على ذلك”.

نهر هلمند

يتمحور الخلاف الإيراني الأفغاني بشأن الماء -في الأساس- حول نهر هلمند، الذي ينبع من جبال هندوكش شمال شرقي أفغانستان، ويصب في بحيرة هامون داخل الأراضي الإيرانية، بعد قطع ما يزيد على 1300 كيلومتر داخل أفغانستان. ويُعد هذا النهر أهم مورد للماء في البلدين.

ويرى خبراء الشأن الأفغاني أن دول الجوار استغلت منذ انقلاب الشيوعيين عام 1978 الوضع الأمني في أفغانستان وكانت تستفيد من المياه.

وعندما قررت الحكومة الأفغانية استئناف العمل في بناء السدود، وخاصة سدود سلمى وكمال خان باشدان وبخش آباد، واجهت مشكلاتأمنية واعتراضات من الدول التي تستفيد من المياه.

ويقول مصدر حكومي أفغاني للجزيرة نت إن افتتاح سد كمال خان عام 2021 أعاد إشعال نزاع قديم بين إيران وأفغانستان حول حصتها في نهر هلمند.

ويضيف المصدر أن “تصريح الرئيس الأفغاني السابق محمد أشرف غني بأن أفغانستان لم تعد تمنح المياه مجانا للآخرين، لذا يجب على إيران توفير الوقود للأفغان مقابل المياه، لخص حجم الخلاف بين البلدين”.

ووقّعت أفغانستان اتفاقية تقاسم المياه مع إيران فقط، لكنها تشارك مياه الأنهار مع 5 من دول الجوار، إذ تشترك مع طاجيكستان وأوزبكستان وتركمانستان في نهر أمو ـ جيحون، ومع تركمانستان وإيران في نهر هريرود، ومع إيران في نهر هلمند، ومع باكستان في نهر كابل.

وتحوز أفغانستان 57 مليار متر مكعب من متوسط الأنهار السنوي، ولكنها لا تستهلك إلا أقل من 30%، ويذهب المتبقي من المياه إلى دول الجوار: شرقا إلى باكستان، وغربا إلى إيران، وشمالا إلى دول آسيا الوسطى.

التغيرات المناخية ومغادرة الخبراء

وأثّرت التغيّرات المناخية وقلة هطول الأمطار على كميات المياه في عموم أفغانستان وتطالب دول المصب بحقها في المياه.

وتتسبب قضية المياه في مشكلات مع جيران أفغانستان، خاصة إيران وباكستان، وأدى انسحاب القوات الأميركية منها إلى مغادرة عدد كبير من خبراء إدارة المياه والسدود.

ويقول ويس إن غياب خبراء المياه أثر سلبا، بعد أن كانوا على دراية كافية بوضع الأنهار والمياه، ولديهم الإجابات عن الأسئلة التي تقدمها إيران من حين لآخر، مطالبا الحكومة الحالية بالتواصل معهم وإقناعهم بالعودة إلى البلاد.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الجزيرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثمانية عشر − 8 =

زر الذهاب إلى الأعلى