بحضور المبعوث الأمريكي الخاص لإيران.. ماذا وراء الاجتماع الخليجي الأمريكي بالرياض؟

تحتضن العاصمة السعودية الرياض اليوم (13 فبراير 2023)، اجتماعات مجموعة العمل المشتركة بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون؛ لمناقشة قضايا أمنية مهمة.

ميدل ايست نيوز: كانت ولا تزال منطقة الخليج محط أنظار القوى الكبرى، ليس من منظور أهميتها سواء فيما يتعلق بالنفط أو الموقع الاستراتيجي، بل لأسباب أخرى ترتبط بالأزمات الإقليمية الراهنة عموماً.

وتولي الولايات المتحدة الأمريكية الأمن في منطقة الخليج أهمية بالغة، ولا سيما في ظل تغير طبيعة التهديدات الأمنية التي أضحت غير تقليدية، خصوصاً مع إيران التي ترتبط حدودها المائية بجميع الدول الخليجية.

لكن خلال الأعوام القليلة الماضية، مرت العلاقات الخليجية – الأمريكية بعدة توترات وركود كبير، صاحبه تهديدات بين الحين والآخر خصوصاً من البيت الأبيض، إلا أن واشنطن بدأت مؤخراً بمحاولة حلحلة تلك الخلافات بطرق مختلفة، كان آخرها الاجتماع الأمريكي الخليجي منتصف فبراير 2023، ليطرح تساؤلات حول أهمية توقيته، حسب تقرير لموقع “الخليج أونلاين“.

اجتماع رفيع

تحتضن العاصمة السعودية الرياض اليوم (13 فبراير 2023)، اجتماعات مجموعة العمل المشتركة بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون؛ لمناقشة قضايا أمنية مهمة.

ووفقاً لبيان أصدرته الخارجية الأمريكية، فإن وفداً حكومياً أمريكياً رفيع المستوى سيشارك في الاجتماعات، حيث سيجتمع مع ممثلين عن حكومات دول الخليج والأمانة العامة؛ لمناقشة الأولويات المشتركة في العاصمة السعودية الرياض، ما بين 13 و16 فبراير الحالي.

وستتركز اجتماعات مجموعة العمل الثلاثة على ثلاث أولويات؛ وهي: الدفاع الجوي والصاروخي المتكامل والأمن البحري، وإيران، ومكافحة الإرهاب.

ويرأس الوفد الأمريكي المبعوث الخاص لشؤون إيران القائم بأعمال منسق مكافحة الإرهاب، روبرت مالي، والمبعوث الأمريكي الخاص بالإنابة للتحالف الدولي لهزيمة تنظيم “داعش”، كريستوفر لاندبرغ، ونائب مساعد وزير الخارجية لشؤون شبه الجزيرة العربية، دانييل بينيم، ونائبة مساعد وزير الخارجية لشؤون الدفاع عن الشرق الأوسط، دانا سترول.

وتُظهر هذه الاجتماعات الالتزام المشترك للولايات المتحدة ودول الخليج بتعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين من خلال التعاون عبر مجموعة من القضايا، بحسب البيان الأمريكي.

وسبق هذا الاجتماع سلسلة لقاءات بين مسؤولين عسكريين سعوديين وأمريكيين، فضلاً عن مباحثات رفيعة بين مسؤولي وزارتي الدفاع في البلدين.

أهمية منطقة الخليج

لعل أهمية منطقة الخليج أنها تتأرجح على صفيح ساخن بين الحين والآخر؛ خصوصاً بسبب الأزمة المتصاعدة بين الولايات المتحدة و”إسرائيل” من جهة، وإيران من جهة أخرى، حيث تبرز مخاطر المواجهة المحتملة وسط حالة من التصعيد والتهدئة وتباين مؤشرات الحرب والسلام في المنطقة.

وأصبح احتمال اندلاع حرب جديدة في منطقة الخليج الحديثَ الأبرز مؤخراً وسط تسارع مؤشرات التوتر، خصوصاً بعد فشل التوصل إلى اتفاق بشأن النووي الإيراني ووصول حكومة إسرائيلية متطرفة، مقابل تطمينات تؤكد تمسك الطرفين بالحرص على عدم خوض الحرب، خصوصاً مع مرور العالم بأسوأ أزمة سياسية واقتصادية أنتجتها الحرب الروسية الأوكرانية.

وعلى مدى الشهور الماضية، شهدت المنطقة العربية انعقاد عدة اجتماعات دولية وإقليمية، انصب اهتمامها على مناقشة توجهات الإقليم العربي ودول الجوار إزاء القضايا الدولية، ومحاولة التقريب بينها.

وضمن التحركات الإقليمية كانت الرياض على موعد مع قمم خلال زيارتين قام بهما رئيسا الولايات المتحدة الأمريكية والصين، حيث عقدت قمة أمريكية سعودية في يوليو من العام الماضي، بحضور الرئيس جو بايدن، وقمة أخرى أمريكية خليجية بمشاركة مصرية أردنية عراقية، ناقشت 6 ملفات بارزة بينها “إيران وأمن الطاقة”.

في الجهة المقابلة عقد الرئيس الصيني شي جين بينغ، أواخر 2022، 3 قمم؛ الأولى مع السعودية، والثانية مع دول الخليج، والثالثة موسعة بحضور قادة عرب.

كما عقدت قمة أخرى في يناير 2023 بالعاصمة الإماراتية أبوظبي بمشاركة زعماء الإمارات وقطر وسلطنة عُمان والبحرين ومصر والأردن، بالتزامن مع تحركات أمريكية عسكرية وسياسية مكثفة في المنطقة.

منطقة تائهة

يرى المحلل السياسي حارث الحديثي، أن المنطقة تائهة بين المشاكل السياسية والكوارث الطبيعية، مشيراً إلى أن الخليج في السابق لطالما “كان نقطة الارتكاز الأكثر موثوقية للسياسة الأمريكية بحكم التحالفات التاريخية والاتزان السياسي، بعكس باقي الدول”.

ويعتقد “الحديثي” أن دول الخليج تبحث اليوم عن دور أكبر لقيادة المنطقة، موضحاً أن “هذا قد يؤدي إلى التزاحم بينها، وهو ما يوفر فرصة للمحور المعادي أو المنافس للولايات المتحدة (روسيا والصين وإيران) في فتح فجوة في الجدار الخليجي المنيع”.

وعن تلك الطرق التي قد تفتح فجوة في الجدار الخليجي يقول الحديثي إن ذلك قد يتم “بواسطة التفاهم مع إيران أو التنسيق مع الصين؛ وهذا يستدعي وضع النقاط على الحروف بالنسبة لصناعة السياسة مع الأمريكان وتجاوز المماطلة في العلاقة مع واشنطن وما ينبني عليها من تحالفات واستحقاقات”.

ويؤكد أن هذه التحركات واللقاءات، ومن ضمنها اللقاء المرتب، تأتي في إطار “سير الأمريكيين من أجل إعادة صياغة المنطقة وفق منهج يحمي المصالح الأمريكية”.

ويضيف قائلاً: “لذلك الخليج له دور مهم في هذا المشروع وسيسعى للاستفادة من هذه الميزات التي يملكها لتعديل شروط التعاون مع الولايات المتحدة بما يحقق مصالح أكبر لدول الخليج من حيث التسهيلات التجارية، وتوفير الأمن، وتحقيق التنمية”.

فتور في العلاقات

يشار إلى أن العلاقات بين الولايات المتحدة ودول خليجية شهدت فتوراً في السنوات القليلة الماضية، في مقابل تقارب خليجي صيني، وسعي دول مجلس التعاون مع دول أخرى في مجالات عسكرية واقتصادية، وهو ما جعل واشنطن تسعى لإعادة العلاقات إلى ما كانت عليه في السابق مع دول المجلس.

ولعل أزمة خفض إنتاج النفط الذي أقرته منظمة “أوبك بلس”، في أكتوبر من العام الماضي، قد زاد من الشرخ في العلاقات الخليجية الأمريكية وخصوصاً مع الرياض وإدارة الرئيس بايدن، الفاترة أصلاً على خلفية مواقف الرئيس الأمريكي جو بايدن من المملكة فيما يتعلق بحرب اليمن والمفاوضات مع إيران، وموقفه في قضية الصحفي السعودي الراحل جمال خاشقجي.

وكان بايدن يأمل أن تكون زيارته للمملكة، في يوليو الماضي، قد أذابت الجليد مع الرياض، خاصة أنه كرر هناك دعوته لدول الخليج برفع الإنتاج النفطي.

وحينها كان ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، صريحاً، حيث أكد خلال القمة الخليجية الأمريكية بحضور بايدن أن السعودية ستعمل على زيادة مستوى طاقتها الإنتاجية إلى 13 مليون برميل نفط يومياً بحلول 2027، وبعد ذلك لن يكون لدى المملكة أي قدرة إضافية لزيادة الإنتاج”.

كما أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تعد موثوقة بالشكل الذي كانت عليه قبل سنوات بالنسبة لدول الخليج، التي رأت في الصين شريكاً أكثر موثوقية ونفعاً من الولايات المتحدة، وزيادة تحالفاتها مع عدة دول.

 

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

واحد × واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى