خلاف قديم.. ما احتمالات ترسيم الحدود البحرية بين الكويت وإيران؟

كانت العلاقات الكويتية الإيرانية متوترة، خلال السنوات القليلة الماضية؛ بسبب ما تعتبره دول الخليج محاولات إيرانية لزعزعة استقرارها.

ميدل ايست نيوز: أصبحت الحدود البحرية بين الدول مثار كثير من الاهتمام والخلافات خلال العقد الأخير، تحديداً بعدما تحول العالم بقوة إلى استهلاك الغاز الطبيعي الذي تزخر به البحار، وهو ما يثير خلافاً كويتياً – إيرانياً لا يجد طريقه إلى الحل حتى الآن.

كانت العلاقات الكويتية الإيرانية متوترة، خلال السنوات القليلة الماضية؛ بسبب ما تعتبره دول الخليج محاولات إيرانية لزعزعة استقرارها والنيل من ثرواتها بشكل أو بآخر، لكنها بدأت بالاستقرار، خلال العامين الماضيين.

يقول المسؤولون الإيرانيون بشكل مستمر إن علاقات بلادهم مع الكويت آخذة في التطور، وقد اتخذت الكويت أيضاً خطوات تدل على انحسار الخلاف، حيث عينت سفيراً لها في طهران، العام الماضي، بعد خفض تمثيلها منذ 2016.

خلاف على الحدود البحرية

لكن واحداً من الأمور العالقة بين البلدين هو ترسيم الحدود البحرية، حيث أعلنت طهران، العام الماضي، رفضها اتفاقاً كويتياً – سعودياً بشأن استغلال حقل الدرة الواقع في المنطقة المغمورة بين البلدين، وزعمت أن لها حقاً فيه.

مع ذلك مضى البلدان الخليجيان قدماً في خطط تطوير الحقل الذي يعتقد أنه يحتوي على 10 إلى 13 مليار قدم مكعبة من الغاز، ونحو 300 مليون برميل نفط، فيما تقول طهران إنه يحتوي على 20 مليار قدم من الغاز.

الخلاف الكويتي الإيراني بشأن الحدود البحرية ليس جديداً، فقد سبق أن تفاوض البلدان بشأنه، لكنهما لم يتوصلا لحل نهائي، وقد توقفت هذه المفاوضات قبل 10 سنوات.

مؤخراً قال سفير طهران لدى الكويت محمد إيراني إن البلدين بصدد عقد اجتماع قريب في طهران لترسيم هذه الحدود، مؤكداً في تصريح لوكالة أنباء الطلبة الإيرانية (5 مارس 2023) أن العلاقات في تطور مستمر.

يقع حقل الدرة في الجزء البحري من المنطقة المحايدة المقسمة بين المملكة العربية السعودية والكويت، لكنه في تفسير طهران يمتد أيضاً إلى المياه الإيرانية، ويُعرف باسم “أراش”.

اكتشف الحقل في عام 1967، وفي حين تم ترسيم الحدود السعودية الإيرانية، ظلت مطالبات الكويت وإيران متضاربة بشأن الحدود البحرية، وكان الخلاف على الحصة الكويتية في المنطقة المحايدة والمياه الأصلية للكويت.

في مارس من العام الماضي، أعرب السفير الإيراني في الكويت عن أمله في استئناف المفاوضات بشأن حقل “الدرة” البحري، مشيراً إلى أنها متوقفة منذ نحو 10 سنوات.

اجتماع مرتقب لترسيم الحدود البحرية بين ايران والكويت

اعتراض إيراني

وعن أسباب الخلاف الكويتي – الإيراني، نقلت صحيفة “الراي” الكويتية، العام الماضي، أن طهران ترغب في ترسيم الحدود خارج قانون البحار، وتطبيق أسلوب الترسيم الذي اتبع في ترسيم الحدود البحرية الإيرانية – السعودية.

وبناء على هذه الرؤية الإيرانية تنقل الصحيفة عن مصادر لم تسمها أنه سوف ترسم الحدود من جزيرة “خرج” الإيرانية إلى البر الكويتي، فيما تطالب الكويت بأن يكون الترسيم من جزيرة فيلكا إلى جزيرة خرج.

في حالة الالتزام بقانون البحار الدولي الذي تتمسك به الكويت، سيكون خط الوسط هو الفاصل بين الكويت وإيران، بحسب المصادر التي قالت إن جزيرة فيلكا تمتد شرقاً عن اليابسة الكويتية، ومنها إلى إيران، حيث يميل خط الوسط للشرق قليلاً، ومن ثم لا يدخل حقل الدرة في المياه الإيرانية.

على العكس من ذلك، إذا تم حساب الترسيم من البر الكويتي للبر الإيراني فستكون طهران شريكة بجزء بسيط من الحقل، وهذا ما تريده طهران وترفضه الكويت، فضلاً عن أن أي اتفاق مرتقب سيكون بمشاركة وتنسيق مع السعودية باعتبارها شريكة في حقل الدرة.

حالياً تدير إيران حقل سروش دون اعتراض من الكويت، رغم أنه يتشابه في الظروف مع حقل الدرة، ومع ذلك لا يطالب الكويتيون بحق فيه، رغم أنهم شركاء بجزء منه، كما تقول “الراي”.

هناك عديد من الحقول التي تمتد على الحدود البرية بين إيران والعراق والحدود البحرية بين إيران وجيرانها الخليجيين. وعلى سبيل المثال تشترك إيران مع قطر في حقل الشمال للغاز (بارس الجنوبي)، كما يمتد حقلان سعوديان كبيران لإنتاج الغاز؛ هما “العربية” و”الحسبة”، عبر الحدود مع إيران، لكن طهران لم تقم بأي عمليات فيهما.

لا بديل عن التعاون

قبل سنوات، ثار خلاف كويتي سعودي بشأن الحقول المشتركة، لكنهما اتفقا عام 2019 على تطويرها بصورة مشتركة لإنتاج 50 مليون قدم مكعبة يومياً من حقل الوفرة البري، و24 مليون قدم مكعب يومياً من حقل الخفجي البحري إلى الكويت.

وبموجب اتفاق مبدئي وقع في 21 مارس 2022، بدأ البلدان تطوير حقل الدرة لإنتاج مليار قدم مكعب يومياً من الغاز، و84 ألف برميل يومياً من المكثفات (وهو زيت خفيف مكثف من الغاز).

لكن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية (آنذاك) سعيد خطيب زاده، قال في 26 مارس 2022: إن هذه الصفقة “تتعارض مع المفاوضات السابقة، وغير قانونية”، وإن إيران “تحتفظ بالحق في استغلالها”.

ولمزيد من تأكيد هذا التوجه الإيراني قال وزير البترول جواد أوجي، في نفس الوقت، إن بلاده ستبدأ الحفر في الحقل قريباً، غير أن خطة استثمار الغاز بقيمة 80 مليار دولار التي أعلنتها إيران قبل شهرين فقط من هذه التصريحات (يناير 2022) لم تذكر حقل أراش (الدرة).

بعد أيام من هذه التصريحات الإيرانية، وتحديداً في 29 مارس 2022، تحدث وزير الخارجية الكويتي (آنذاك) الشيخ أحمد الناصر، في مؤتمر مشترك مع نظيره الفرنسي، عن احتمال إجراء مفاوضات ثلاثية، لكنه أكد أن حقل الدرة “يخص الكويت والسعودية بالكامل”.

أجرت إيران محادثات مع الكويت بشأن ترسيم الحدود في عام 2000، واقترحت تطويراً مشتركاً في عام 2010، وهو المقترح الذي يبدو قابلاً للتطبيق حالياً، كما يقول الخبير النفطي الكويتي المهندس فراس السالم.

في حديثه لـ”الخليج أونلاين” أعرب السالم عن اعتقاده بأن إيران تحتاج حالياً لزيادة إنتاجها من النفط والغاز لكي تخرج من عزلتها الدولية، مشيراً إلى أنها لن تتمكن من هذا دون العمل بشكل مشترك.

وفي حين تعيش دول الخليج استقراراً مالياً وسياسياً، وتمتلك قطاعاً نفطياً هو الأكثر تطوراً في الشرق الأوسط، وبالمقابل لا يمكن للشركات العالمية العمل في إيران بسبب العقوبات الغربية، فإن طهران ستحاول إقناع الكويت والسعودية بالإنتاج المشترك، كما يقول السالم.

ويرى أن هذه الخطوة تأتي في سياق التهدئة الحاصلة بين السعودية وإيران، وأنه بإمكان إيران الحديث عن تطوير حقول مشتركة بين الدول الثلاث، بما فيها الدرة، وبما يحقق مصالح الجميع، ويقلل الخلافات، ويجنب المنطقة مزيداً من التوترات.

ولفت السالم إلى أن الكويت وقعت 17 مذكرة تفاهم مع إيران عام 2008، بينها واحدة تخص ترسيم الحدود البحرية بما يضمن حقوق الجميع ويغلق أبواب النزاعات مستقبلاً.

في الوقت الراهن تريد الحكومة الإيرانية زيادة الإنتاج الحالي من الغاز القابل للبيع بأكثر من 24 مليار قدم مكعب في اليوم، بمقدار النصف على مدى السنوات الثماني المقبلة. لكن الإنتاج الفعلي لن يصل إلى هذا المستوى بسبب التأثير المستمر للعقوبات الأمريكية.

وحتى لو خففت العقوبات، فإن إيران تواجه أزمة غياب الاستثمار الأجنبي، والحاجة إلى تركيب معدات ضغط معقدة في حقل جنوب فارس الرئيس فقط للحفاظ على مستوى الإنتاج.

في الأخير، لن تتمكن إيران من إيجاد أرضية مشتركة مع الكويت دون السعودية؛ لأن البلدين الخليجيين أصبحا بموجب الاتفاقات الأخيرة طرفاً واحداً في كل ما يتعلق بهذا الحقل.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الخليج أونلاين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة × ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى