ما هي التحديات التي ستواجه الدبلوماسية الإيرانية في عامها الجديد؟

واجهت إيران العديد من التحديات المهمة في سياستها الخارجية في الفترة القليلة الماضية وانخرطت في مفاوضات نووية لمدة نصف عام إلا أن النجاح لم يكن حليفها.

ميدل ايست نيوز: واجهت إيران العديد من التحديات المهمة في سياستها الخارجية في الفترة القليلة الماضية وانخرطت في مفاوضات نووية لمدة نصف عام إلا أن النجاح لم يكن حليفها.

وبحسب موقع انتخاب الإيراني، تسبب “موت” خطة العمل الشاملة المشتركة وازدياد خلافات إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إثارة مخاوف كثيرة بشأن إمكانية إحالة الملف النووي الإيراني مجدداً إلى مجلس الأمن.

وكان ادعاء دعم إيران بالطائرات المسيرة لروسيا في حرب أوكرانيا قضية أخرى فرضت الكثير من الضغط على البلاد، لدرجة جعلت الدول الأوروبية، باعتبارها أكبر المشجعين لإحياء الاتفاق النووي، في غاية عدم المبالاة بشأن تسویة هذا الملف.

بالإضافة إلى ذلك، أدت الاضطرابات التي شهدتها البلاد في الخريف الماضي أيضًا إلى إصدار العديد من القرارات ضد إيران. وكان أهمها قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وتشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول تلك الحوادث.

وبشكل عام، تم تشكيل إجماع دولي ضد إيران خلال الأشهر الأخيرة وكان يتم استكماله تدريجياً، والذي كان قد يؤدي إلى العديد من المخاطر على البلاد.

هل غيّرت إيران سياستها الخارجية؟

وفي الأشهر الأخيرة من عام 1401 الإيراني، أي منذ حوالي ثلاث أشهر، بدأت مؤشرات جدية تلوح في الأجواء على تغيير إيران لنهج سياستها الخارجية. كان أحدهما اتفاق إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية على حل الخلافات خلال زيارة غروسي لطهران في 3 مارس، والتي أظهرت تأثيرها على الفور على سوق العملات، والآخر اتفاق إيران والسعودية على إعادة العلاقات بعد 7 سنوات من الانقطاع، بعد وساطة صينية في 11 مارس الماضي.

ولكن الآن وفي عشية بداية العام الجديد في إيران، تواجه البلاد العديد من التحديات والتي إذا كانت الحكومة مصممة على التغلب عليها والمضي قدماً في تجاوزها، فيمكنها تحقيق نهاية جيدة وجعل البيئة الداخلية والخارجية للبلاد مواتية للتقدم والتطور.

الملف النووي

لا شك أن أهم تحدٍ لإيران في عامها الجديد، والذي كان نفسه في السنة والسنوات السابقة، هو الملف النووي وإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة. حيث تتعرض البلاد للكثير من العقوبات والضغوط التي وجهت ضربات قاسية لاقتصاد البلاد وتجارتها، وآثارها واضحة للعيان في حياة الناس اليومية.

هذا، وتسببت ضغوط العقوبات والإدارة الداخلية غير المواتية للبلاد بخلق حالة من الاستياء الاجتماعي لدى الأوساط الإيرانية، مما أضر بشدة بالعلاقة بين الحكومة والشعب.

الحرب الأوكرانية

وكان الصراع الروسي الأوكراني قضية أخرى تصدرت قائمة التحديات الإيرانية. فبعد الحرب التي سببتها روسيا والضغوطات التي فرضها الغرب عليها، بدأت موسكو رحلة البحث عن حلفاء يمكنهم بطريقة ما مشاركتها حربها في أوكرانيا لكي يتقاسموا تبعات الصراع سوياً.

وحتى الآن لا زالت الصين ترفض بشكل ماهر التعاون الذي تقدمه موسكو لها بشأن الحرب، إلا أن إيران تعرضت لضغوط شديدة بسبب مزاعم الطائرات المسيرة التي أرسلتها لروسيا، ما أدى لفرض أوروبا وأمريكا عقوبات عليها.

ومع انقضاء الأيام الأخيرة من العام الإيراني، تغير الوضع قليلاً، ويبدو أن إيران توصلت إلى استنتاج مفاده أن عليها الابتعاد عن روسيا بشأن حربها في أوكرانيا، حيث يتوجب عليها في العام المقبل، أن تفصل تمامًا مسارها عن موسكو فيما يتعلق بمسألة الحرب وأن تحافظ على العلاقات معها وتوسعها وأن تبقى ضمن إطار لا شرقية ولا غربية.

التطبيع مع السعودية

ومن القضايا المهمة الأخرى في سياسة إيران الخارجية مناقشة العلاقات مع الجيران، وخاصة العرب منهم. فبعد موافقتها على إعادة العلاقات مع السعودية، خطت إيران خطوة كبيرة في تحسين العلاقات معها وعززت هذه الأهمية من خلال رحلة علي شمخاني إلى الإمارات العربية المتحدة.

النقطة الأكثر علانية اليوم هي أن علاقات إيران مع جيرانها أصبحت هشة للغاية بعد سنوات من الانفصال والقطيعة وقد قلّل هذا من الثقة فيما بينهم بسبب الاختلافات التاريخية والدينية والطائفية والأيديولوجية والهوية، خاصةً وأن إسرائيل ستبذل جهودًا كبيرة لتعطيل وخلق فتنة بين هذه العلاقات.

وبناء على هذا، سيكون أحد التحديات الرئيسية لإيران في العام الجديد هو الإدارة السليمة لعلاقات الجوار ومنع انهيارها مرة أخرى. إذ يمكن أن يؤدي تبني نهج اقتصادي في سياسة الجوار الإيرانية دورًا مهمًا في إرساء الاستقرار والأمن في علاقات طهران مع الرياض ودول الخليج الأخرى.

أذربيجان والحدود الإيرانية

قضايا القوقاز وخاصة الصراع بين باكو وأرمينيا هي أيضاً من المسائل الرئيسية في سياسة إيران الخارجية في العام الجديد. فمنذ حرب قره باغ في عام 2020، بذلت حكومة باكو، بتحريض إسرائيلي علني، جهودًا كبيرة لقطع اتصال إيران الحدودي مع أرمينيا وضرب مكانة إيران الجيوسياسية. إذ من الضروري أن تتخذ إيران مقاربة حاسمة لهذه القضية وأن تتعامل مع حلها في أقرب وقت ممكن.

حركة طالبان

ولا يخفى على أحد، أن أزمة أفغانستان ووجود حركة طالبان على رأس السلطة التي دمرت الحياة الطبيعية والإنسانية للشعب الأفغاني، تشكل تحديًا ثقافيًا وأخلاقيًا لإيران. فعلى الرغم من ضرورة حفاظ إيران على التواصل والتأثير على طالبان، إلا أنه من الجانب التاريخي والأخلاقي، ليس من الجيد بالنسبة للرأي العام ولموقف إيران الثقافي أن تُعرف بلادنا بأنها داعمة لهذه الجماعة.

وفي ضوء التحديات الأخرى التي ستواجه السياسة الخارجية الإيرانية، فقد تطرح أوروبا والغرب قضايا حقوق الإنسان والمرأة. وقد تبدأ باكستان بدخول خط المنافسة مع إيران وتطوّر ميناء جوادر أمام ميناء تشابهار. والسعي وراء الأزمات البيئية؛ مثل أصل أزمة الغبار وبناء السدود في تركيا، الأمر الذي سيؤدي إلى استخدام أنقرة للأسلحة المائية لتحقيق أهدافها، والذي يعد من أهم التحديات المتوقعة في سياسة إيران الخارجية، والتي يؤمل حلها قدر المستطاع بالجدية والتخطيط.

من ناحية أخرى، يعد الشرق الأوسط والبيئة المحيطة بإيران أيضًا مركزًا لأزمات غير متوقعة، الأمر الذي يتطلب من أجهزة السياسة الخارجية للبلاد التخطيط بمزيد من اليقظة والدقة لأي تطورات محتملة للعام الجديد.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

1 × 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى