جدل الحجاب يتصاعد في إيران والداخلية الإيرانية تنفي “التراجع” عن فرض الحجاب
علّقت الداخلية الإيرانية على الانتقادات بنفي "أي تراجع أو استسهال في تطبيق الثوابت والأحكام الدينية والقيم التقليدية".
ميدل ايست نيوز: بعد تصاعد انتقادات التيار المحافظ في إيران ضد انتشار ظاهرة خلع الحجاب، وما اعتبره البعض “مماطلة” السلطات في التصدي لها، علّقت الداخلية على هذه الانتقادات بنفي “أي تراجع أو استسهال في تطبيق الثوابت والأحكام الدينية والقيم التقليدية”.
وأضافت الداخلية الإيرانية، في بيانها الصادر الليلة الماضية، أن “الحجاب ضرورة شرعية غير قابلة للتشكيك فيها، وستظل من الثوابت العملية للجمهورية الإسلامية الإيرانية”.
وتابعت الوزارة أن “مسألة الحجاب تحوّلت خلال السنوات الأخيرة إلى أحد محاور الحرب المعرفية للعدو ضد الشعب”، مضيفة أن حملات كـ”الأربعاء الأبيض” أو “بنات شارع انقلاب” أو “لا للحجاب الإجباري” “فشلت ولم تتمكن أبدا من النيل من إرادة وعزيمة النساء والبنات الإيرانيات في الحفاظ على هويتهن الإسلامية”.
يذكر أنه خلال عامي 2017 و2018، ظهرت حملة “بنات شارع انقلاب” في العاصمة الإيرانية طهران، بعدما قامت الشابة الطهرانية فيدا موحد بخلع غطاء رأسها وهي تقف على صندوق ضخم وسط جموع من المواطنين الإيرانيين في شارع “انقلاب” وسط العاصمة. ثم اعتُقلت الفتاة التي عرفت بـ”بنت شارع انقلاب”، قبل أن يفرج عنها بعد مدة قصيرة، لكن حركتها تحولت إلى حملة قامت خلالها فتيات إيرانيات بالفعل نفسه.
واتهمت الداخلية الإيرانية في بيانها بشأن الحجاب “أجهزة أمن (أجنبية) بقيادة أناس”، وصفتهم بأنهم “فاسدو العقيدة في الخارج”، بتدبير “مشاريع مخطط لها” ضد الحجاب في إيران، معتبرة أن هتاف “امرأة. حياة. حرية” “كان آخر نسخة” لهذه المشاريع، حسب قولها.
هتاف “امرأة. حياة. حرية”، الذي وصفته الداخلية الإيرانية بأنه “شعبوي”، كان شعاراً موحداً للاحتجاجات الواسعة التي شهدتها إيران لنحو ثلاثة أشهر منذ السابع عشر من سبتمبر/أيلول الماضي، على خلفية وفاة الشابة مهسا أميني بعد أيام من احتجازها من قبل شرطة الآداب في طهران بتهمة عدم التقيد بقواعد الحجاب، وسط اتهامات للشرطة بقتلها ونفيها ذلك.
كما اتهمت الداخلية الإيرانية “الأعداء” بالسعي لـ”تحويل الحجاب إلى مسألة لإثارة القطبية والانقسامات الاجتماعية العميقة” في إيران، مقللة من أهمية ظاهرة خلع الحجاب، واعتبرت أن معظم الإيرانيات تلتزمن به.
كما وجهت دعوة للمرجعيات الدينية والثقافية والاجتماعية لـ”تبيين هذا الموضوع الحساس” (الحجاب) وفتح “الحوار الإيجابي بشأنه” في المجتمع، مشددة على أن “إقناع جيل الشباب أكثر الاستراتيجيات تأثيرا في تحسين واقع الحجاب” في المجتمع.
غير أن الداخلية الإيرانية شددت، في الوقت نفسه، على ضرورة الالتزام بالحجاب في جميع الأماكن العامة، معلنة “دعمها جميع الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر”، مع تأكيدها أن “الجهاز القضائي والضباط (الشرطة) والأجهزة المعنية الأخرى ستتصدى لمنتهكي الحرمات القلائل، وأنها لن تسمح بالاعتداء على الهوية المقدسة للمرأة الإيرانية المسلمة”.
وانتشرت خلال الأيام الأخيرة مقاطع مصورة لخلع فتيات إيرانيات الحجاب والرقص على مرأى ومسمع الناس في الشوارع خلال عطلة النوروز، التي بدأت في 21 مارس/آذار وما زالت مستمرة، فضلا عن انتشار مقاطع حول اشتباكات بالأيدي بين إيرانيات من دون حجاب و”مواطنين آمرين بالمعروف وناهين عن المنكر”. وزاد ذلك من انتقادات المحافظين مع دعواتهم السلطات الإيرانية للتصدي لظاهرة خلع الحجاب في المجتمع و”دعم الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر”.
ولم يرض بيان الداخلية الإيرانية بعض الأوساط المحافظة في إيران، إذ انتقد مسؤول صحيفة “كيهان” الإيرانية المتشددة، حسين شريعتمداري، هذا البيان، قائلا إنه صدر متأخراً وغامضاً.
وأضاف شريعتمداري أن لغة بيان الداخلية الإيرانية “ليست صريحة بما يكفي”، قائلا إنه “فيما تمر عدة أشهر على الظاهرة الوقحة لخلع الحجاب، السؤال المطروح هو إن كانت لهذا التأخير أسباب مقبولة”. غير أنه أعرب عن أمله أن يشكل “بيان الداخلية الإيرانية، وإن صدر متأخرا، بداية لإنهاء هذا الفعل المنتهك للحرمات”، حسب تعبيره.