هل ضغطت إيران على الحوثيين لتخفيف لهجة التصعيد ضد الرياض؟
لعل من أبرز ما تضمنه الاتفاق السعودي الإيراني، في مارس الماضي، موافقة طهران على وقف إرسال الأسلحة إلى جماعة الحوثي.
ميدل ايست نيوز: بعد فترة الجمود التي عرفتها أزمة اليمن كانت زيارة الوفد السعودي إلى جانب وفد عُماني، في أبريل 2023، إلى العاصمة اليمنية صنعاء مؤشراً ينبئ باقتراب الحلول السياسية للأزمة، التي عاش خلالها اليمن 8 أعوام من الحرب والدمار.
وخلال تواجد الوفد السعودي برئاسة سفير المملكة لدى اليمن في صنعاء، الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، بدا أن خلافاً بين الجانبين قد حدث خلال محادثات استمرت أياماً، وهو ما عكسته لهجة التصعيد للحوثيين ضد الرياض، قبل أن تتراجع تهديداتهم متحدثين عن تفاهمات بناءة.
ولعل هذا التناقض الذي أبدته جماعة الحوثي يشير إلى أن ثمة أمراً قد دفعها للتراجع عن تلك التهديدات، وسط حديث أن طهران أجبرتهم على الوصول إلى تفاهمات عاجلة مع السعودية، بما يسرع من العلاقات بين الرياض وطهران، حيث كانت حرب اليمن أحد الأسباب الرئيسية للصراع السابق بين البلدين الإقليميين.
لهجة تصعيد.. وتراجع
بعد يوم على زيارة الوفد السعودي (8 – 13 أبريل)، بدأت أنباء تنتشر عن رغبة السعوديين في “التوقيع على الاتفاق بوصفها وسيطاً لا طرفاً من أطراف الصراع”، حسب ما تناقلته وسائل إعلام حوثية.
وشنت مليشيا الحوثي هجوماً على السعودية، حيث قال زعيم الجماعة المتمردة، عبد الملك الحوثي: “إنه لا يمكن أن يتملص التحالف بقيادته المعروفة الرسمية عن أي التزامات تتعلق بأي اتفاقات أو تفاهمات”.
وأضاف، في خطاب له: “هو الطرف المحارب المعتدي الذي يقود الموقف والحرب والعدوان على بلدنا، ويحاصر، وكان حاضراً على المستوى السياسي وعلى كل المستويات”.
وغرد عدد من المسؤولين الحوثيين في حساباتهم رفضاً واستنكاراً للفكرة، من بينهم محمد الحوثي، الذي قال: “إن السعودية بحاجة إلى عُمان كوسيط لتلعب دور الوسيط”، ليعود في تغريدة أخرى ويعلق قائلاً: “قالوا أجواء إيجابية وموعد لجولة أخرى”.
فيما علق نصر الدين عامر، نائب رئيس الهيئة الإعلامية للحوثيين، في تغريدة ساخراً: أن “السعودية التي تعد نفسها وسيطاً نفذت ربع مليون غارة على اليمن”.
كما شنت قناة “المسيرة” هجوماً كبيراً على السعودية ووصفتها بـ”بالعدو”، وتوعدت بدفع الرياض “الثمن غالياً”، طارحة على لسان مذيعها عرضاً كبيراً لمطالبها من المملكة العربية السعودية.
تقدم بالمفاوضات
وعقب مغادرة الوفد السعودي صنعاء، قال الناطق باسم جماعة الحوثي في اليمن، محمد عبد السلام (15 أبريل)، إنهم أحرزوا تقدماً في بعض الملفات”، مضيفاً: “لم نستكمل النقاشات، عادت الوفود من أجل المزيد من المشاورات”.
وأضاف: “كانت وجهة نظرنا واضحة في ما يتعلق بمطالبنا الإنسانية المتمثلة بصرف رواتب جميع الموظفين اليمنيين، وكذلك ما له علاقة بوقف (العدوان الشامل براً وبحراً وجواً، وإنهاء الحصار)”، بحسب قوله.
بدورها وصفت وزارة الخارجية السعودية، (15 أبريل)، لقاءات وفد الرياض مع جماعة الحوثي بالعاصمة اليمنية صنعاء، الأسبوع الماضي، بأنها “تفاؤلية وإيجابية وتحتاج إلى استكمال بأقرب وقت”.
وأضافت، في بيان، أن اللقاءات “شهدت نقاشات مُتعمّقة في عديد من الموضوعات ذات الصلة بالوضع الإنساني، وإطلاق جميع الأسرى، ووقف إطلاق النار، والحل السياسي الشامل في اليمن”، لافتة إلى أن “اللقاءات والنقاشات اتسمت بالشفافية وسط أجواء تفاؤلية وإيجابية”.
وذكرت الخارجية السعودية أنه “نظراً إلى الحاجة إلى مزيد من النقاشات، فستستكمل تلك اللقاءات في أقرب وقت، بما يؤدي إلى التوصل إلى حل سياسي شامل ومستدام ومقبول من جميع الأطراف اليمنية”.
ضغوط إيرانية
في هذا الإطار يرى الصحفي والناشط اليمني عبد الله المنيفي، أن ضغوطاً إيرانية مورست على الحوثيين دفعتهم إلى التراجع عن التصريحات التي هوجم خلالها الوفد السعودي أثناء زيارته لصنعاء.
ويشير إلى أن ذلك “يتضح من الخطاب المتناقض والمتقلب للحوثيين بين التصعيد والتهدئة، دون أي مقدمات وخلال ساعات”.
ويلفت “المنيفي”، في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، إلى أن “الحوثيين سيحاولون عرقلة وابتزاز السعودية قدر الإمكان لتحقيق مصالح لهم”، مشيراً إلى أن ذلك يعد “ضمن منهجهم الذي تعودوا عليه وطبع متأصل”.
لكنه في الوقت ذاته يرى أن “مقتضيات التفاهمات السعودية الإيرانية ستغلب على ذلك، وستفرض إيران على وكيلها الحوثي مقتضيات هذه التفاهمات”.
وحول أي عرقلة قد يحدثها طرف داخل الحوثيين، قال المنيفي: “إذا كان هناك تيار داخل الحوثيين يرفض الإملاءات الإيرانية، وهذا مستبعد فسيتعين على قيادة الجماعة التخلص منه كما تخلصوا من شخصيات وازنة خلال السنوات السابقة”.
تقليص الخصوم
وكانت السعودية قد بدأت مؤخراً إصلاح العلاقات مع خصومها القدامى، وبالتحديد إيران وسوريا والحوثيين في اليمن، حيث تعيد توجيه تركيزها على النمو الاقتصادي في الداخل.
وانعكست جدية واهتمام الجانب السعودي بالمحادثات في زيارة السفير السعودي إلى صنعاء، والتقاطه صوراً مع قيادات حوثية صنفتها المملكة، في نوفمبر 2017، ضمن 40 إرهابياً حوثياً مطلوباً، وخصصت مبالغ كبيرة لمن يُدلي بمعلومات عنه.
وتشيد طهران بالتقارب السعودي الحوثي، وقالت في تصريحات (منتصف أبريل): “إننا نشهد تحركات جديدة في الشأن اليمني (..)، ونؤكد أن الحل الوحيد للأزمة هو الحل السياسي، بحيث تتواجد جميع الأطراف اليمنية للتفاوض والتباحث مرتكزة على ضمان مصالح الأمة اليمنية لتقرير مصير هذا البلد ولتشكيل حكومة فيه”.
ولعل من أبرز ما تضمنه الاتفاق السعودي الإيراني، في مارس الماضي، موافقة طهران على وقف إرسال الأسلحة إلى جماعة الحوثي كجزء من اتفاق إعادة العلاقات الدبلوماسية مع الرياض، وفق ما أوردت وسائل إعلام غربية.