من الصحافة الإيرانية: تداعيات استئناف العلاقات الإيرانية السعودية على سوق الطاقة

أدى خبر التقارب الإيراني السعودي في الفترة الأخيرة والتي وصل سعر الدولار فيها إلى عتبة 60 ألف تومان، إلى إخماد شعلة تقلبات الأسواق في شتى المجالات وكسر هيمنة سعر الصرف قليلاً.

ميدل ايست نيوز: أدى خبر التقارب الإيراني السعودي في الفترة الأخيرة والتي وصل سعر الدولار فيها إلى عتبة 60 ألف تومان، إلى إخماد شعلة تقلبات الأسواق في شتى المجالات وكسر هيمنة سعر الصرف قليلاً.

وخلق نبأ استئناف العلاقات بين إيران والسعودية وتحسين العلاقات مع دول الخليج العديد من ردود الفعل الإيجابية في الأجواء العامة والاقتصادية للبلاد.

وبعد أن تأكدت صحة هذه المستجدات، أوقف سعر الدولار اتجاهه التصاعدي ودخل فترة استقرار مؤقتة أدت إلى تحسن نسبي في بعض المؤشرات الاقتصادية. وسرعان ما أثار الرأي العام الإيراني المزيد من الأسئلة حول هذه التطورات الجديدة.

وتساءل العديد من الناشطون عن تأثير هذه العلاقات الجديدة في الأسواق الاقتصادية المختلفة، وقدرتها على جذب رؤوس أموال جديدة وخلق المزيد من الاستقرار في سوق الطاقة؟ من ناحية أخرى أثير تساؤل عن إمكانية تأثير العلاقات مع السعودية على صادرات النفط الإيرانية؟ أم أن الاستثمار في قطاع الطاقة في البلاد سينمو نتيجة لهذه التطورات الجديدة؟

ومما لا شك فيه، أن أي نوع من التحسن في العلاقات وإنهاء التوترات هو إيجابي بشكل عام وله آثار إيجابية على أي دولة. لكن إذا اعتقدنا أن استئناف العلاقات بين إيران والسعودية سيقلل من التوتر النفطي في المنطقة، فيجب القول أن إيران ليست مستفيدة حيال هذه المسألة في الوقت الحالي.

وترجع مشكلة إيران في تصدير النفط وعدم تحويل أموالها إلى العقوبات والقيود الأمريكية المفروضة على البلاد. لذا، فإن استئناف العلاقات مع السعودية ليس له تأثير موضوعي ومباشر على زيادة صادرات إيران النفطية. لكن بطبيعة الحال، إن تحسين علاقات إيران في المنطقة هو أحد الضروريات التي طالما أكدها الغربيون.

وحول الفكرة التي يطلقها البعض أمام العلن وتصورهم أنه بعد تحسن العلاقات مع الجارة الخليجية، ستصل صادرات إيران من مليون برميل نفط إلى مليوني برميل نفط، هي فكرة تفاؤلية وهمية.

والمسألة المهمة التالية هي الآفاق التي أوجدت في قطاع صادرات البلاد نتيجة لهذه التطورات الجديدة. فلو كانت إيران قد أعدت مشاريع خاصة لزيادة صادرات الغاز، لكان من الممكن أن تصب هذه العلاقات الجديدة مع السعودية ودول الخليج في مصلحة طهران، إلا أن الأخيرة لم تقدم على أي مشاريع في هذا المجال، أي تصدير الغاز. والسبب واضح، هو الحاجة إلى زيادة الاستثمار في إنتاج الغاز وتحسين البنية التحتية للغاز والنفط.

وعلى ضوء ما سبق، يعتبر المستثمرون العرب في قطاع الغاز مفيدون جدًا لإيران ويمكن الاستفادة من قدراتهم وحضورهم. لكن يجب أن نعلم أن التطورات في سوق الطاقة الإيراني ليست منفصلة عن المستجدات العالمية. إذ يتغير سوق النفط العالمي باستمرار بسبب العرض والطلب من ناحية والتغيرات في الاقتصاد العالمي من ناحية أخرى.

وفي البال، تؤثر التوترات الإقليمية أيضًا على السوق العالمية ونمو أسعار النفط. فعندما تلتهب العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية (ودول إقليمية أخرى)، وتزداد الفجوات بينها، فإنها تؤثر بشكل مباشر على حالة سوق الطاقة. وعلى الرغم من أن تقليل التوترات سطحياً لا يزيد من سعر النفط، إلا أن زيادة التوترات هي التي تؤدي إلى نمو أسعار النفط، فالاقتصاد العالمي يواجه مزيدًا من ارتفاع الأسعار رغم انخفاض التوترات، وهذا الارتفاع يطغى عمومًا على جميع البلدان.

هذا، وتعتبر الصورة المألوفة القائلة بأن زيادة التوترات في المنطقة ستؤدي إلى زيادة أسعار النفط، وبالتالي فائدة كبيرة لصالح إيران، هي مغلوطة بالكامل. إذ أن زيادة التوترات وزيادة أسعار مواد الطاقة المختلفة يتسببان في ارتفاع أسعار جميع السلع والخدمات، وهذا الاتجاه لا يساعد اقتصاد دول مثل إيران فحسب، بل يزيد من تكاليفها وتحدياتها أيضًا. لذلك، فإن سياسة خفض التصعيد هي سياسة معقولة يجب على إيران اتباعها في جميع شؤونها. فالأجواء البعيدة عن التوترات تشكل الاستقرار وتساعد الدول على جذب الاستثمار.

 

نرسي قربان

مستشار سابق في منظمة أوبك والوكالة الدولية للطاقة

قد تعجبك

هل يزدهر التبادل السياحي بين إيران والسعودية بعد استئناف العلاقات؟

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
بواسطة
ميدل ايست نيوز
المصدر
تعادل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنان × ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى