قراءات إسرائيليّة في زيارة رئيسي لسوريا.. ليست بالحدث السار أبداً
اتفق الخبراء والمحللون السياسيون والعسكريون الإسرائيليون على أن زيارة الرئيس الإيراني لسوريا "ليست بشرى سارة أبداً، ولا خبراً سعيداً لأمن إسرائيل القومي".
ميدل ايست نيوز: اتفق الخبراء والمحللون السياسيون والعسكريون الإسرائيليون هذه المرة، على أن زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي سوريا ولقاءه الرئيس السوري بشار الأسد “ليست بشرى سارة أبداً، ولا خبراً سعيداً لأمن إسرائيل القومي”.
وتابعت وسائل الإعلام الإسرائيلية الزيارة باهتمام شديد، كما حاولت الربط بين انعكاس الأزمة الداخلية في إسرائيل جراء “خطة الإصلاح القضائي” وتحالفات أعدائها، وكيف ينظرون إليها اليوم بعد أربعة أشهر فقط من تشكيل حكومة بنيامين نتنياهو الحالية.
اعتبر النائب السابق لقوات الدفاع الشعبي العقيد احتياط أيال رؤوفين، خلال مقابلة مع صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، أن “زيارة الرئيس الإيراني سوريا ليست بالخبر السعيد، إذ سيزداد الخطر والتهديد على الأمن القومي الإسرائيلي”.
وتابع بن رؤوفين منتقداً سياسة الحكومة الإسرائيلية: “إيران تحشد القوى في العالم العربي، وقد حصلت أخيراً على الدعم بعد إعادة العلاقات الدبلوماسية مع السعودية، وهذا سيسمح لها بتوطيد مزيد من العلاقات في العالم العربي والحصول على المزيد من المنتسبين إلى هذا التيار، ويجب أن نفهم أن التماسك الاجتماعي للدولة هو جزء لا يتجزأ أيضاً من الأمن القومي لإسرائيل، وهو القاعدة المشتركة لنا جميعاً، عندما يرى أعداؤنا ما يحدث اليوم في إسرائيل، حكومة غير مسؤولة في ائتلاف مع مجموعة من “البلطجية” يحاولون التأثير على أمننا القومي، هنا يتطلب الأمر من رئيس الوزراء تحمل كل مسؤولياته، ما الذي سيمنحه نتنياهو أيضاً لإيتمار بن غفير؟ ببساطة هذا أمر لا يمكن تصوره، أضف إلى كل ذلك ما يحدث للاقتصاد الإسرائيلي. وضعنا مريع”.
في غضون ذلك، تباطأت مساعي التطبيع بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، بحسب مسؤولين عسكريين إسرائيليين، ويعود ذلك إلى أسباب عديدة، من أبرزها سياسة إسرائيل في الضفة الغربية والتصعيد تجاه الفلسطينيين وضغوط احزاب اليمين لبناء المزيد من المستوطنات والوحدات السكنية، وتصريحات القادة الإسرائيليين العنصرية ضد الفلسطينيين والتي قوبلت بإدانة شديدة.
صحيفة “ماكور ريشون” رأت أن زيارة رئيسي دمشق “يجب أن تقلقنا”، فهي من جانب تشير إلى “دفء العلاقات مع السعودية وتركيا، ومن جانب آخر تشير إلى تزايد سيطرة الإيرانيين على الفضاء المحيط بإسرائيل”.
وأضافت “ماكور ريشون” أن هدف الزيارة عرض السيطرة الإيرانية على المنطقة، بخاصة أنها الأولى منذ اندلاع الحرب الأهلية قبل 13 عاماً، وبمثابة الختم النهائي لانتصار إيران في الصراع للسيطرة على سوريا. ولفتت إلى أن من ضمن الوفد الإيراني الذي رافق رئيسي وزير الدفاع الذي وقع اتفاقات مع نظيره السوري، وناقش معه، من بين أمور كثيرة، سبل تحسين نظام الدفاع الجوي السوري، في ظل الهجمات العديدة المنسوبة إلى إسرائيل.
تجدر الإشارة هنا إلى أن الهجمات موجهة ضد المؤسسة العسكرية الإيرانية في سوريا، ومن الأمثلة التي يمكن ذكرها الهجوم الأخير الذي وقع ليل الاثنين الماضي والذي أدى إلى إغلاق مطار حلب الذي يشتبه في كونه مركزاً لشحن غير شرعي من إيران واهتمام طهران بهذا الأمر واضح.
وختمت الصحيفة: “من وجهة نظر عسكرية وأمنية، تهدف زيارة رئيسي إلى إبراز الجبهة الموحدة بين إيران وسوريا جارة إسرائيل، كجزء من التحالف الأكبر الذي تشكله إيران مع “حزب الله” في لبنان وروسيا والصين. وقد أظهر التحالف أخيراً علامات توسع مع دفء علاقات إيران والمملكة العربية السعودية وتركيا، فمن وجهة نظر إيران، فإن وحدة القوات معدة لتحالف ضد إسرائيل أو بلغتها القوة الصهيونية”.
كتب المحلل السياسي تسفي باريئيل في “هآرتس” الإسرائيلية: “قصف إسرائيل أهدافاً في سوريا قرب حمص، بعد بضع ساعات على زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان لبنان، وقصف مطار حلب الذي استبق وصول رئيسي، مؤشر إلى أن الرسائل المتبادلة بين إسرائيل وإيران لم تنجح في كبح نيات النظام في طهران، واستعراض حضوره السياسي البارز في سوريا، وتشكيل الساحة السياسية الإقليمية بحسب قياسه”.
واعتبر باريئيل أن الزيارة تهدف إعلامياً “إلى توثيق العلاقات الاقتصادية بين البلدين، والتوقيع على اتفاقيات تعاون واستثمار لإيران في سوريا، لكن هذا الأمر لا يحتاج إلى زيارة بهذا المستوى الرسمي الرفيع، ففي العقد الأخير وقعت الدولتان اتفاقيات اقتصادية من دون زيارات متبادلة لشخصيات رفيعة”.
وتابع باريئيل: “لكن قواعد اللعب الإقليمية تغيرت، بعد توقيع اتفاق استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، وبينما تقوم السعودية بالتمهيد لعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، فإن إيران التي أُبعدت خلال السنوات الماضية عن الساحة السياسية في سوريا بالأساس من قبل روسيا، تريد ضمان مكانتها وعلى الأقل صورتها، باعتبار أنها هي من تسيطر على تحركات سوريا السياسية وربما أكثر من ذلك”.
وأوضح باريئيل أن إيران تريد أن تضمن أن مسألة تعيين رئيس للبنان لن تخرج من يدها وتذهب إلى البلاط الملكي السعودي، الاختلاف حول هذه المسألة ليس فقط بين الطرفين المتخاصمين في الساحة اللبنانية، بل أيضاً بين السعودية والولايات المتحدة، اللتين تعارضان مرشح “حزب الله” من جهة، ومبادرة فرنسا من جهة أخرى، والتي تقترح صفقة متبادلة بحسبها سيكون الرئيس رجل “حزب الله” بينما سيكون رئيس الحكومة ممثلاً للطرف الثاني.
ولاحظ باريئيل أنه “فجأة قبل يومين من زيارة رئيسي دمشق وبعد فترة طويلة غابت خلالها الولايات المتحدة عن الساحة السياسية في لبنان، وصلت إشارات أميركية صريحة تحذر من أي تدخل أجنبي في العملية السياسة اللبنانية”.
وختم باريئيل بالقول إنه في “المسألتين اللبنانية والسورية على واشنطن التغلب، ليس فقط على مواقف السعودية والإمارات والعراق والأردن وحتى تركيا، التي تدرك واشنطن أنه إذا تم التوقيع على اتفاق بينها وبين سوريا يتضمن انسحاباً للقوات التركية، حينها سيتعين على الولايات المتحدة سحب قواتها من سوريا، وأن تبقي الأكراد من دون أي حماية أو دفاع. لذلك تطمح واشنطن للحفاظ على الوضع الراهن في سوريا، لأن أي تغيير في السيطرة سيكون على حساب مصالحها. في المقابل، ستجد صعوبة في معارضة أي من الاتفاقات التي ستوقعها سوريا مع دول عربية أو حتى مع تركيا، خاصة عندما لا تمتلك في يدها أي رافعة اقتصادية أو سياسية كي تملي حلولها، فيما إيران آخذة في استكمال الحل السوري وربما الإقليمي الذي تريده”.