صناديق التقاعد.. أزمة كبيرة تهدد اقتصاد إيران
أثارت تصريحات المدير العام للتأمين الاجتماعي في وزارة العمل الإيرانية حول مسألة "بيع جزيرتين ومحافظة لدفع مستحقات المتقاعدين" جدلاً واسعا لدى الأوساط الإيرانية ووسائل الإعلام.
ميدل ايست نيوز: أثارت تصريحات المدير العام للتأمين الاجتماعي في وزارة العمل الإيرانية حول مسألة “بيع جزيرتين ومحافظة لدفع مستحقات المتقاعدين” جدلاً واسعا لدى الأوساط الإيرانية ووسائل الإعلام.
وبحسب موقع انتخاب، قال سجاد بادام أثناء مقابلة صحفية: قدمنا 300 ألف شهيد لكي نحافظ على تراب هذا الوطن، ولكن قد نضطر، مثل اليونان التي باعت نحو 100 جزيرة لها من أجل دفع مستحقات المتقاعدين، إلى بيع كيش وقشم وخوزستان لكي نتمكن من دفع مستحقات المتقاعدين”.
وأكد أن أولوية الحكومة في الوقت الراهن هي دفع الرواتب، مضيفا أن المشاريع التنموية متوقفة، و”كان يجب علينا القيام بما قيمته 85 ألف مليار من العمل التنموي، لكن قمنا بتنفيذ ما قيمته 13 ألف مليار فقط من هذا العمل، أي 20%”.
وبعد أن قوبلت تصريحات بادام، بانتقادات وردود واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي في إيران، وتم عزله على الفور من قبل الجهات المعنية، إلا أن تصريحاته هذه طرحت مجدداً ملف صناديق التقاعد ووضعيتها الحرجة على الطاولة.
وأزمة مستحقات المتقاعدين في إيران ليست وليدة اليوم، بل بدأت منذ سنوات وحتى عقود مضت وقد وصلت الآن إلى نقطة لم يعد من الممكن فيها إدارة الصناديق بدون الميزانية العامة للحكومة، إذ يتزايد اعتماد صناديق التقاعد على الموازنة الحكومية عاماً بعد عام، وقد وصل الآن إلى 15٪ من إجمالي الموازنة الحكومية.
ويوجد في إيران حوالي 18 صندوق للمعاشات التقاعدية، وباستثناء مؤسسة الضمان الاجتماعي، فإن جميع هذه الصناديق تقريبًا غير قادرة على دفع معاشات المتقاعدين من مصادرها الداخلية، ولهذا السبب، فهي تعتمد بشكل كبير على ميزانية الحكومة.
كما تظهر مقارنة صناديق التقاعد في إيران مع الدول الأخرى حجم أزمة التمويل في إيران. على سبيل المثال، نسبة أصول صندوق المعاشات التقاعدية في البلدان المتقدمة أعلى من الناتج المحلي الإجمالي. فقد بلغت أصول صندوق التقاعد الهولندي، وهو أحد أفضل أنظمة التقاعد في العالم، حوالي 171٪ من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في عام 2018، في حين بلغت نسبة أصول صندوق التقاعد الإيراني من الناتج المحلي الإجمالي نحو 30-40٪ في أحسن الأحوال.
وفي أوائل العقد العشرين، بدأت عملية تخفيض معدل دعم صناديق المتقاعدين ما أدى إلى تأزم أوضاعها في وقتنا الحالي. وبحسب جداول الموازنة في عام 2014، تم تخصيص حوالي 30 تريليون مليار تومان لصناديق التقاعد لدفع الرواتب، وقد وصل هذا الرقم إلى 330 تريليون مليار تومان في عام 2023، بزيادة 10 أضعاف.
وأدى ارتفاع معدل النمو السكاني في الثمانينات وتراجع هذا المعدل في الفترات التالية إلى اختلال التوازن الديموغرافي للبلد تدريجيًا من حيث العمر.
وفي السنوات القليلة الأخيرة، لم تدفع الحكومة الإيرانية نصيبها من التأمين الاجتماعي لصناديق المتقاعدين، حيث وصل دين الحكومة لصناديق التقاعد إلى أكثر من 100 تريليون تومان في العامين أو الثلاثة أعوام الماضية، وقد ارتفع هذا الرقم بالتأكيد في السنوات الأخيرة. وفي بعض الحالات الأخرى، سلمت الحكومة الصناديق إلى الشركات لتعويض ديونها، والتي لم تكن في حالة سيئة فحسب، بل كانت أيضًا تعاني من أشد الخسائر.
كما كان العائد على استثمار صناديق التقاعد في البلاد سلبياً خلال العقد الماضي، مما يعني أن الجهات المسؤولة لم تتمكن من جني منافع تعود عليها بالربح من خلال الاستثمار والعائدات. وكانت الاضطرابات الشديدة لسوق رأس المال في إيران، وكذلك المشاكل الهيكلية للصناديق وفرض القوانين واللوائح الحكومية من بين الأسباب التي أدت إلى الوضع الحالي لصناديق التقاعد.
من ناحية أخرى، أصبح الانخفاض في عملية توظيف الأيدي العاملة على أساس قوانين الخدمة المدنية من العوامل المهمة في تقليص مدخلات الأموال، وبالقدر نفسه، أدت سياسة مساواة رواتب المتقاعدين وتحديد المكافآت العالية جدًا أيضًا إلى نمو مخرجات الصناديق. وقد أدى هذا المزيج من هذين العاملين في وقت واحد إلى هيكلة الصناديق بطريقة تجعل الحكومة بحاجة الآن إلى الموازنات والموارد العامة لدفع رواتب الموظفين.
ويعتبر صندوق “فولاد” الإيراني للتقاعد من أكثر الصناديق تضرراً في السنوات الماضية، والذي تتبع له أكثر من 20 شركة “خاسرة”، فضلاً عن العديد من المديرين السابقين لهذا الصندوق والمتهمون بقضايا قانونية بسبب الانتهاكات في العديد من الملفات.
ووفقاً لما قاله الرئيس التنفيذي لصندوق فولاذ للتقاعد العام الماضي فإن هذا الصندوق لديه الآن 800 قضية قانونية بقيمة 10 آلاف مليار تومان، والسبب وراء هذه الانتهاكات يعود لسوء الإدارة. في حين لم تتجاوز الميزانية الإجمالية المحددة لصندوق فولاد للتقاعد عتبة الـ 10 آلاف مليار تومان.