ملف “فاتف” عائق أمام استئناف العلاقات التجارية بين إيران والسعودية
يبدو أن دول المنطقة غير مستعدة لتجاهل تحذير مجموعة العمل المالي في سبيل إحياء القطاع التجاري مع إيران.

ميدل ايست نيوز: يبدو أن حكومة إبراهيم رئيسي تأمل أن يؤدي تحسين العلاقات مع الدول العربية في الشرق الأوسط، وخاصة السعودية والإمارات، إلى تمهيد الطريق لإيران لتوسيع تجارتها مع هذه الدول وتوفير الأساس لاستثماراتها في البلاد من أجل كبح جماح الأزمة الاقتصادية الحالية.
ورغم مرارة الحقيقة إلا أنها أمر واقع، فقد أظهر بيان وزراء مالية مجموعة الدول السبع ومحافظو البنوك المركزية خيبات أمل كبيرة لرئيسي، بعد أن أعربوا عن قلقهم بشأن المخاطر التي تشكلها إيران وكوريا الشمالية.
وقالت المجموعة في بيان مشترك نشر بعد اجتماعهم في نيجاتا باليابان “نحن قلقون للغاية من مخاطر التمويل غير المشروع النابعة من إيران”. بالإضافة إلى ذلك، أكدت هذه المجموعة أنها “تدعم بالكامل” قرار مجموعة العمل المالي (فاتف) بتعليق عضوية روسيا هذا العام في ضوء “خطاب موسكو النووي غير المسؤول”.
ومما لا شك فيه أن هذا البيان والتأكيد على استمرار مواجهة “رفع أو إضعاف العقوبات المفروضة”، هو تحذير لدول منطقة الخليج التي امتنعت عن القيام بتبادلات مكثفة مع إيران دون قبول الانضمام إلى معاهدات مجموعة العمل المالي الخاصة (فاتف).
ويتضح أن دول المنطقة غير مستعدة لتجاهل تحذير وزراء مالية مجموعة الدول السبع ومحافظو البنوك المركزية، في سبيل إحياء القطاع التجاري مع إيران، وتنمية التبادلات على مختلف الأصعدة مع البلاد دون أن تنضم طهران إلى معاهدات هذه المجموعة، لأن التجاهل هذا سيعرّض بالتأكيد اقتصادها للتهديدات والعقوبات الدولية.
لذلك، بعد إعادة الافتتاح الرسمي لسفارتي إيران والسعودية في الرياض وطهران، فإن أي حوار بين البلدين لتحسين العلاقات الاقتصادية سيواجهه عقبة قضية (فاتف).
بطبيعة الحال، سيطرح السعوديون في مقابل أي طلب من الجانب الإيراني لتحسين العلاقات الاقتصادية، قضية عدم انضمام الجمهورية الإسلامية إلى مجموعة العمل المالي وسيطالبون إيران بالنظر إلى هذه “المشكلة الكبرى” بعين الاعتبار.
وعليه، فإن حكومة إبراهيم رئيسي مجبرة على اتخاذ قرار بشأن قبول أو عدم قبول جميع معاهدات مجموعة العمل المالي، فمن الواضح أن اتخاذ قرار صريح في هذا الشأن يسبب مشاكل للحكومة الإيرانية.
وفي حال رفضت طهران الرضوخ لمجموعة العمل المالي تحت ضغط ما يسمى بالقوى “الثورية العظمى” وبهدف الحفاظ على رضاها، فإن شعار توسيع العلاقات مع الجيران وتطبيع العلاقات مع السعوديين، سيبقى في نطاق تبادل السفراء وإعادة فتح السفارات ولن يؤثر على تحسين اقتصاد البلاد بتاتاً.
وبعبارة أوضح، قد يؤدي قبول معاهدات مجموعة العمل المالي إلى استياء وعدم رضى فئة من المدافعين المتشددين في الحكومة الإيرانية، وهي فئة تعتبر الحكومة نفسها مدينة لها ولا تملك القدرة والقوة اللازمتين لإقناعها أو رفض قراراتها جميعًا.
على أي حال، أغلق ملف هذه المسألة عندما وضع الحزب الأصولي، في منافسة عقيمة مع حكومة حسن روحاني ودون الالتفات إلى طبيعة العلاقات الدولية وضرورة العمل في إطارها، مسألة تحييد مجموعة العمل المالي على جدول أعماله، مبرراً هذه الخطوة لأنصاره بأنها كانت “خيانة” للوطن.
وجعلت سيادة الأصوليين على السلطة التنفيذية والتشريعية في البلاد، الشعور بضرورة قبول هذا النوع من المعاهدات كشرط لتحسين الأوضاع المزرية لاقتصاد البلاد أمراً طبيعياً، إذ أن الشعارات السابقة التي لا أساس لها من الصحة جعلتهم يعيدون النظر في خسائر هذه المسألة.
بالتالي، إذا كانت الحكومة الإيرانية تفضّل تحمل تكلفة استياء هؤلاء المتشددين على دفع تكلفة المزيد من التدهور في اقتصاد البلاد، فسيتم اعتبار ذلك خطوة كبيرة إلى الأمام.
قد يعجبك:
في ظل خسائر فادحة… ما هي “العقبة الكبيرة” التي تقف أمام التجارة الإيرانية الخارجية؟