أقطابه تركيا وإيران وإسرائيل.. نظام جديد يتشكل بالشرق الأوسط

بدأت ملامح نظام جديد تلوح في الأفق بمنطقة الشرق الأوسط، سيحل محل القومية العربية كقوة إقليمية مهيمنة وهو نظام ثلاثي الأقطاب تقع كل من إسرائيل وإيران وتركيا على رأسه.

ميدل ايست نيوز: بدأت ملامح نظام جديد تلوح في الأفق بمنطقة الشرق الأوسط، سيحل محل القومية العربية كقوة إقليمية مهيمنة بعد عقود من فشل الدول العربية في حل النزاعات طويلة الأمد والسعي لتحقيق المصالح المشتركة، وهو نظام ثلاثي الأقطاب تقع كل من إسرائيل وإيران وتركيا على رأسه.

ما سبق كان خلاصة تحليل نشرته منصة “جيوبولوتيكال فيوتشرز” للكاتب والباحث اللبناني هلال خشان، والذي يرى أن التغيرات في العلاقات بين دول المنطقة، والتي حدث جزء منها قبل أيام، يدل على هذا الأمر.

بشكل أكثر تحديدا، يتحدث الباحث عن استعادة دول عربية، أبرزها السعودية للعلاقات مع النظام السوري.

خلل العلاقات العربية

ويعتبر خشان أن النظام الجديد جاء بعد سنوات من الخلل الوظيفي بين المؤسسة العربية، منذ الخمسينات وبدء الحرب الباردة بين الأنظمة الاشتراكية والملكية، مرورا بالانتقال إلى نظام سياسي عربي عزز الاستقرار والتعاون الإقليمي بعد وفاة الرئيس المصري جمال عبدالناصر، وعودة الحرب الباردة العربية بعد توقيع سلفه أنور السادات اتفاقية سلام مع إسرائيل منفردا دون إجماع عربي.

حاليا، يرى الكاتب أن الدول العربية، إلى جانب تركيا وإيران، تضع خلافاتها جانبًا وتركز مرة أخرى على مقتضياتها الاقتصادية والأمنية.

سوريا في المركز

ويبدو من التحركات العربية الأخيرة أن سوريا ستكون في مركز أشياء كثيرة، نظرا لتحولها إلى بيدق ضخم لقوى إقليمية ودولية، مثل تركيا وروسيا والولايات المتحدة وإيران.

ويرى خشان أن التقارب العربي الأخير مع النظام السوري لا يهدف إلى إنهاء الصراع هناك، بل التأكد من أن سوريا ستبقى ساحة لتسوية القضايا الدولية والإقليمية دون التأثير المباشر على الأطراف الخارجية.

ويشبه الباحث التوجه العربي نحو سوريا حاليا بما فعله العرب في بداية الحرب الأهلية اللبنانية، والتي لم تنته حتى عام 1989 عندما أدركت الدول العربية أنها لا تستطيع تسوية خلافاتها بشن الحرب في لبنان.

واليوم، لدى دول الشرق الأوسط مصلحة كبيرة في إبقاء الصراع السوري ساحة معركة خاضعة للسيطرة يمكن لإسرائيل من خلالها التنفيس عن غضبها دون أن يؤدي ذلك إلى حرب عامة ضد إيران، ما يهدد أمن دول الخليج، وفقا للتحليل.

لكن موجة المصالحة الأخيرة لا تعكس ما يحدث على الأرض في سوريا، حيث ستحتفظ تركيا بمواقعها الحالية في الشمال بحجة تأمين مصالحها الوطنية، وستحافظ قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد على سيطرتها في الشرق، تحت حماية القوات الأمريكية.

في غضون ذلك، ستستمر روسيا وإيران في دعم نظام الأسد، الذي لا يملك الإرادة ولا القدرة على تقليص النفوذ الإيراني، رغم أنه لا يبدو أن الدول العربية تطلب من الأسد القيام بذلك على أي حال.

ويشير الكاتب إلى أن الحكومات العربية تريد تحقيق تعاون مثمر مع إيران في سوريا لحماية استثماراتها المستقبلية في إعادة إعمار سوريا من الفساد الحكومي.

كما أن لإيران والدول العربية مصلحة مشتركة في استعادة الأمن في الدولة التي مزقتها الحرب.

أما بالنسبة لروسيا، فيمكنها الاستفادة من التقارب العربي السوري من خلال استخدامه لتعزيز العلاقات مع الدول العربية في وقت تزداد فيه العزلة ضد موسكو. وتتطلع طهران أيضًا إلى الاستفادة اقتصاديًا من تعافي سوريا.

وقد أراد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، في الرحلة التي قام بها مؤخرًا إلى دمشق، التركيز على علاقاتهما الاقتصادية، التي اتسمت بالسيطرة الإيرانية الكاملة على قطاعات العقارات والكهرباء والغذاء.

لا حرية للتصرف

وقبل يوم من إعلان عودة دمشق إلى جامعة الدول العربية، شن الأردن عملية عسكرية داخل الأراضي السورية لمكافحة تهريب المخدرات. وبعثت الخطوة برسالة إلى الأسد مفادها أن عودته إلى التجمع لا تمنحه حرية التصرف، كما يرى خشان.

وحتى سلطنة عمان، التي لعبت دورًا أساسيًا في التوسط في التقارب، أضافت شخصيات مقربة من النظام السوري إلى قائمتها لمراقبة الإرهاب في نفس اليوم الذي أعلنت فيه جامعة الدول العربية أنها ستعيد عضوية سوريا.

إيران من جهتها تعتبر الحرب في سوريا قد انتهت، وهي تركز الآن على استراتيجية، تُعرف باسم الدفاع الأمامي، تهدف إلى بناء حواجز عسكرية طائفية كخط دفاعها الأول في أي حرب مستقبلية.

تهدف الاستراتيجية أيضًا إلى ضمان قدرة النظام الإيراني على الحفاظ على الإمدادات والاتصالات مع الميليشيات المرتبطة بإيران.

تغيرات السياسة السعودية الإماراتية

ويقول الكاتب إن السعودية والإمارات تعمل تدريجياً على تطوير سياسة إقليمية جديدة لتخفيف التوترات في الشرق الأوسط، بدءا بتحسين العلاقات مع تركيا وقطر وتطوير الحوار مع إيران ونظام الأسد.

ويأتي ذلك رغم أن أبوظبي تبنت سياسة إقليمية أكثر عدوانية تستند عسكريًا واقتصاديًا إلى اتفاقية السلام مع إسرائيل.

وأعادت الإمارات صياغة سياستها الإقليمية بما يتماشى مع هذه الرؤية وانسحبت من الصراعات المكلفة في اليمن وليبيا، وحذت السعودية حذوها في وقت متأخر، حيث انسحبت من الصراع في اليمن، وهي قضية مكلفة كشفت ضعف الجيش السعودي.

لم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى أدركت المملكة أن السبيل الوحيد للخروج من مغامرتها العسكرية الخاطئة هو التقارب مع طهران.

تركز الإمارات والسعودية الآن بشكل متزايد على التنمية الاقتصادية ، حيث تنتقلان من الاعتماد على النفط والمغامرات الخارجية المكلفة، وفقا للكاتب.

ويرى خشان أن الشرق الأوسط يشهد الآن صحوة في ظل نظام إقليمي جديد يجمع بين الثقافات والجنسيات والأديان والأيديولوجيات، وقد يؤدي ذلك إلى صراعات انفصالية في المستقبل وسيغير النسيج الثقافي والفكري للمجتمع العربي.

والخلاصة هنا هو أنه بغض النظر عن الاستقطاب السياسي الداخلي لتركيا، فإنها ستظهر كشريك فاعل في منطقة الخليج وبين العرب السنة في العراق وسوريا ولبنان.

كما أن النفوذ الإيراني سيكون له وزن أكبر بسبب علاقات طهران الوثيقة مع الشيعة في دول العالم العربي.

ستحظى إسرائيل كذلك بنفوذ كبير كدولة إقليمية محورية، وستكون بمثابة نموذج يُحتذى به في التحديث وإدارة علاقة فعالة مع الغرب.

في غضون ذلك، ستستمر مصر في التنسيق بين الدول العربية، ما يؤدي إلى تهدئة النزاعات فور نشوبها، وهو ما سيفعلونه حتماً.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
بواسطة
الخليج الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة × خمسة =

زر الذهاب إلى الأعلى