مباحثات السيسي وسلطان عُمان… هل تطرقت للعلاقات المصرية الإيرانية؟
عُقدت خلال الزيارة مباحثات رسميّة جمعت السلطان والسيسي، حضرها مسؤولون من الجانبين، تلتها جلسة مباحثات ثنائية مُغلقة اقتصرت على الرئيس والسلطان.
ميدل ايست نيوز: للمرة الأولى منذ تسلمه الحكم في بلاده، قبل أكثر من 3 أعوام، زار سلطان عمان هيثم بن طارق، القاهرة، على مدى يومين أول من أمس الأحد وأمس الإثنين، التقى خلالهما الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وعُقدت خلال الزيارة مباحثات رسميّة جمعت السلطان والسيسي، حضرها مسؤولون من الجانبين، تلتها جلسة مباحثات ثنائية مُغلقة اقتصرت على الرئيس والسلطان.
وبحسب وكالة الأنباء الرسمية العمانية، فقد “بحث القائدان، أوجه التعاون الثنائي القائم بين البلدين في كافة المجالات، بما يُعزّز المصالح المشتركة بينهما ويعود على شعبيهما الشقيقين بالخير والنماء. كما تبادل السلطان هيثم والرئيس عبد الفتاح السيسي، وجهات النظر حول مستجدات الأوضاع التي تشهدها المنطقة، ومُجمل التطورات الإقليمية والدولية”.
وحضر جلسة المباحثات الموسعة، عن الجانب المصري كل من وزير الدفاع الفريق أول محمد زكي، ووزير الخارجية سامح شكري، ورئيس المخابرات العامة اللواء عباس كامل. ومن الجانب العُماني نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع شهاب بن طارق آل سعيد، ووزير ديوان البلاط السُّلطاني خالد بن هلال البوسعيدي، ووزير الخارجية بدر بن حمد البوسعيدي.
وقالت مصادر، لموقع “العربي الجديد“، إن المباحثات شهدت التباحث حول قضايا رئيسية، بينها مسار “تطبيع العلاقات المصرية الإيرانية”، وغيرها من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وذلك بالإضافة إلى بحث فرص تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية بين القاهرة ومسقط.
وقالت مصادر دبلوماسية، لموقع “العربي الجديد”، إن “القاهرة باتت مستعدة الآن لرفع مستوى العلاقات الدبلوماسية مع طهران، إلى درجة تبادل السفراء، مرة أخرى، حيث إن التمثيل الدبلوماسي الحالي يقف عند وجود قائم بالأعمال، بدرجة سفير في كلا البلدين”.
ولفتت إلى أن “زيارة السلطان هيثم بن طارق إلى مصر، شهدت التباحث حول هذا الملف، وذلك على الرغم من وجود قنوات اتصال مصرية إيرانية مباشرة”.
وأشارت المصادر إلى أن “تباحث السيسي والسلطان هيثم حول ملف العلاقات مع إيران، جاء بعد اتصالات أجراها مسؤولون مصريون مع نظراء لهم في إيران، جرى خلالها أيضاً بحث مسألة تطوير العلاقات بين القاهرة وطهران، على أساس التعاون في مجالات عدة، منها ما هو سياسي واستراتيجي وأمني، مرتبط بعدد من الملفات الإقليمية الملحة، مثل اليمن والعراق وسورية، ومنها ما هو اقتصادي وتجاري”.
وأضافت المصادر أن “زيارة السلطان إلى مصر، ولقاءه السيسي، قد تؤدي قريباً إلى التقدم خطوة في ذلك المسار”. وقال الأمين العام المساعد السابق لمنظمة الوحدة الأفريقية، السفير أحمد حجاج، لـ”العربي الجديد”، إنه “قد يكون تم بحث الملف الإيراني، وإمكانية عودة العلاقات بين القاهرة وطهران، وإمكانية لعب دور الوساطة من الجانب العماني”.
مصر لن تصد رأي السلطان
وأضاف: “أعتقد أن مصر لن تصد أي آراء من أي زائر وضيف كبير كالسلطان هيثم بن طارق، يتعرض لمثل هذا الموضوع، خصوصاً أن عمان لها نفوذ كبير في منطقة الخليج العربي، وعضو عامل ومهم في مجلس التعاون الخليجي، كما أنها قامت بدور كبير في إعادة العلاقات بين السعودية وإيران”.
وتابع حجاج: “من المهم أيضاً توضيح أن سلطنة عمان في سياساتها الخارجية، دوماً ما تحاول التوفيق بين الاتجاهات المتضاربة، ولا تنحاز لأي أطراف أو لأي تجاذبات داخل أي منظمة تنتمي إليها، بما فيها جامعة الدول العربية أو مجلس التعاون الخليجي”.
من جهته، قال المساعد السابق لوزير الخارجية المصري السفير حسين هريدي، لـ”العربي الجديد”، إن “زيارة السلطان هيثم بن طارق هي أول زيارة رسمية له لمصر منذ توليه منصبه (مطلع العام 2020)، وأعتقد أنها تأتي كرد على زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لمسقط في يونيو/حزيران الماضي، والتي تم التوقيع خلالها على عدة مذكرات تفاهم واتفاقيات لتعزيز العلاقات الثنائية في عدة مجالات، وبصفة خاصة المجالات الاقتصادية والاستثمارية”.
وأضاف هريدي: “أعتقد أن هذه الزيارة تشير إلى مرحلة جديدة في توطيد شكل العلاقات بين الجانبين، المصري والعماني، إلى جانب وجود عدة قضايا إقليمية هامة تخص الطرفين يتم التباحث حولها، لعل أهمها وأبرزها هو العمل من أجل تسوية سياسية للأزمات العربية العالقة في بعض الدول، والتباحث حول الحلول المتاحة والممكنة لأزمتي اليمن وسورية”.
أستاذ العلوم السياسية، الدكتور عصام عبد الشافي، قال، لـ”العربي الجديد”، إن “زيارة سلطان عمان، إلى القاهرة، يجب قراءتها في إطار السياقات السياسية الإقليمية والدولية في المنطقة، وليس فقط من منظور العلاقات الثنائية ومجالات التعاون الاقتصادي، والاتفاقيات التي سيتم التوقيع عليها، لأن كل هذه الجوانب، من وجهة نظري هامشية، ويمكن أن تتم على مستويات أقل من زيارة السلطان، المعروف بمحدودية زياراته وجولاته الخارجية، بدليل عدم مشاركته في قمة الجامعة العربية في جدة”.
تطبيع العلاقات المصرية الإيرانية
وأضاف: “لذلك أعتقد أن أهم ملف في هذه الزيارة هو تطبيع العلاقات المصرية الإيرانية، بعد تطبيع العلاقات السعودية الإيرانية، والدور العماني البارز كوسيط وكحاضن للعديد من المفاوضات ذات الصلة بإيران، بحكم علاقات الدولتين الاستراتيجية، وبحكم أهمية عمان في الاستراتيجيتين البريطانية والأميركية، بل وكذلك تطور العلاقات العمانية الإسرائيلية”.
وأوضح عبد الشافي أن “عمان تتبنى سياسة الباب المفتوح مع الجميع ومع كل المتناقضين. وفي إطار تحولات الدور الإيراني في المنطقة، مع السعودية وفي اليمن وسورية والعراق، سيكون الدور العماني في ضبط وترتيب المفاوضات هو أساس الزيارة، لأنه وفقاً للتحولات الراهنة لم يعد هناك ما يحول دون تطبيع علاقات النظام في مصر مع إيران، وخاصة بعد تطبيعها مع السعودية، وقيام الدول الخليجية تباعاً بإعادة سفرائها إلى إيران، ووجود مؤشرات تمهيدية تمت بالفعل في إطار تحقيق هذا التطبيع”.