تقرير: هل ساهم زيادة الضرائب على السجائر في إيران في تقليل معدلات الاستهلاك والتهريب؟
فرضت إيران في قانون موازنة بلادها لعام 2023، ضريبة أخرى على كل علبة سجائر وكل علبة معسل بالإضافة إلى الضريبة المضافة على السجائر والمواد التبغية.
ميدل ايست نيوز: فرضت إيران في قانون موازنة بلادها لعام 2023، ضريبة أخرى على كل علبة سجائر وكل علبة معسل بالإضافة إلى الضريبة المضافة على السجائر والمواد التبغية.
وبحسب موقع اكوايران، في تقرير له، ناقش الذراع البحثي للبرلمان الإيراني معدل ضريبة السجائر في دول أخرى مقارنةً بإيران، وكشف عن آثار هذه السياسة على التهريب واستهلاك السجائر، وقدم اقتراحات في هذا الصدد.
ضريبة السجائر في موازنة 2023
تعتبر الضريبة على السجائر والتبغ من الضرائب غير المباشرة للاستهلاك. فيما تكتسب مكانة دراسة وتحليل هذه القضية أهمية من حيث أن كمية هذه الضريبة وآثارها على مكونات مثل صحة المجتمع وسلامته، والحد من التدخين ومعدل تهريب المواد التبغية، تخلق العديد من التحديات والعقبات أمام المجتمع الإيراني.
وحدد البرلمان الإيراني معدل ضريبة السجائر المحلية بنسبة 25٪ في قانون ضريبة القيمة المضافة المعتمد في عام 2021، والتي يضاف إليها 5٪ كل عام.
لكن مع دخول إيران عامها الجديد، تمت إضافة ضريبة أخرى للسجائر والمواد التبغية، بحيث أنه اعتبارًا من بداية عام 2023، بلغت ضريبة كل سيجارة منتجة محليًا تباع بالتجزئة تحمل ملصق إيراني 50 تومان، والمنتجة محلياً بعلامة تجارية دولية 100 تومان، وكل عبوة 50 جرامًا من معسل النارجيلة المحلي 20 ألف تومان، و800 تومان لكل سيجارة مستوردة و35 ألف تومان لكل عبوة 50 جرام من معسل النارجيلة المستورد، حيث يتم استخدام هذه الإيرادات الضريبية لتغطي خدمات القطاع الصحي، مع إعطاء الأولوية لإنشاء وتجهيز مراكز العقم ومستشفيات الولادة الحكومية، وصالات الرياضة العامة، وصالات الرياضة للسيدات.
تحليل عمليات تهريب واستيراد السجائر في إيران
وبحسب آخر التقارير، فإن الاستهلاك المقدر للسجائر في إيران خلال السنوات الثلاث الماضية بلغ 65 مليار سيجارة في السنة الواحدة. في حين زاد معدل إنتاج السجائر في البلاد من 29 مليار سيجارة في 2014 إلى 58 مليار في 2020 وإلى 62.5 مليار سيجارة في 2021.
ويشير التناقض الواضح بين “معدل إنتاج” السجائر في البلاد و”معدل الاستهلاك” إلى تهريب هذا المنتج بكميات كبيرة. وبحسب آخر الإحصاءات، انخفض تهريب السجائر في السنوات الأخيرة في عموم إيران، من حوالي 7 مليارات سيجارة في عام 2020 إلى 3.1 مليار سيجارة في عام 2021.
وعلى ضوء هذا، تؤدي الزيادة الكبيرة في ضريبة المواد التبغية (أكثر من الزيادة السنوية التي تحدث في قانون ضريبة القيمة المضافة) إلى زيادة عمليات تهريب التبغ في المقام الأول، ومن ثم الافتقار إلى البنية التحتية اللازمة لمراقبة المعلومات السلعية والمعاملات المالية والحدود البرية والمائية للبلاد، فضلاً عن أن الأجواء الخاصة بالدول المجاورة والبئية الخصبة للتهريب (وزن منخفض وسعر مرتفع للسجائر) ستكثف عمليات التهريب.
هل تؤثر زيادة الضرائب في تقليل الاستهلاك؟
السجائر سلعة منخفضة المرونة إلى حدا ما، ووفقاً لعلم الاقتصاد، فإن زيادة الضريبة على السجائر ليس لها أي تأثير على تقليل الاستهلاك، فالمدخنون الذين أعتادوا على التدخين المستمر لا يقللون بسهولة من معدل استهلاكهم، بل يستبدلون استهلاكهم السابق بأنواع أرخص ثمناً أو يلجأون إلى السجائر المهربة.
وعليه، يمكن القول أن ضريبة السجائر بدلاً من أن يكون لها تأثير على الأفراد المدخنين، فإنها تقلل من استخدام المواد التبغية (سجائر – معسل) في المستقبل “لغير المدخنين” من خلال خلق عوامل سلبية.
هذا وأظهرت الدراسات أن تأثير الضرائب المفروضة على السجائر في تقليل الاستهلاك يكون أكبر على المدى الطويل وليس له أي تأثير يذكر على المدى القصير. على سبيل المثال، رغم تضاعف سعر السجائر في إيران خلال عام 2018، إلا أن معدل الاستهلاك لم يتراجع.
ويشير تحليل التجارب العالمية إلى أن معدل نجاح سياسة الأسعار في خفض الاستهلاك يعتمد على قدرة الدولة على السيطرة على محاولات التهريب. بمعنى، إذا لم يكن لدى أي دولة القدرة على التعامل مع هذه المسألة، فإن السجائر المهربة الرخيصة ستحل بسهولة محل السجائر الرسمية الخاضعة للضريبة وستفشل سياسة الأسعار في تقليل الاستهلاك.
وبعد تحليل ودراسة الضرائب المفروضة على المواد التبغية، قدم مركز أبحاث البرلمان الإيراني بعض الاقتراحات المتعلقة في هذا الشأن:
كإجراء أول، بدلاً من فرض مبلغ ثابت من الضريبة على كل سيجارة، يجب على صناع القرار تحديد نسبة مئوية من السعر كضريبة إضافية على السجائر.
ثانياً، من أجل زيادة ضريبة السجائر، من الضروري أولاً إدخال قانون نظام دافعي الضرائب ومراكز التخزين وقانون مكافحة غسل الأموال في البنوك قيد التنفيذ بحيث يتم تقليل تهريب السجائر إلى الصفر. لأن هذه السياسة قد لا يكون لها نتيجة تذكر في قطاع التهريب وقد تؤدي حتى إلى استياء اجتماعي.
وأخيراً، لا ينبغي زيادة الضريبة الموضوعة على السجائر في السنوات القادمة أكثر من هذا المبلغ لأن لها عواقب سلبية واقتصادية. كما يجب تحليل نتائج زيادة 5 نسب مئوية من ضريبة القيمة المضافة على السجائر وتأثير الضريبة الإضافية على التبغ في قانون موازنة 2023 على المؤشرات الصحية (الاستهلاك والتهريب وإنتاج المواد التبغية) وينبغي استخدام نتائجها للقرارات المستقبلية.
وفي غضون ذلك، قالت منظمة حماية المستهلكين والمنتجين في إيران إنها شكلت في العام الماضي ما مجموعه 5748 ملف قضائي بتهمة تهريب بضائع بقيمة تجاوزت 9000 مليار تومان، حيث للسلع التبغية والسجائر أكبر حصة بلغت 37%.
وفي نهاية يناير من هذا العام، قال رئيس جمعية التبغ في إيران إن استهلاك السجائر في الدولة يبلغ 80 مليار سيجارة كل عام، معلناً توفير 80 إلى 85% من السجائر في الأسواق بشكل قانوني، و15 إلى 20٪ يتم تهريبها واستيرادها من مصادر غير رسمية.
وأنتجت إيران 3 ملايين و101 ألف و562 كيلوغرام من المعسل خلال تسعة أشهر، وهو ما يظهر انخفاضًا بنسبة 11٪ مقارنة بالعام الماضي، الذي كان 3 ملايين و494 ألفًا و223 كيلوغرامًا.
وبحسب هذا المسؤول، يقدر استهلاك المعسل في البلاد بـ 12 ألف طن، ينتج منها 5 آلاف طن محلياً، ما يعني أن 7 آلاف طن يتم تهريبها واستهلاكها بطرق غير شرعية في البلاد.
وفي أكتوبر من العام الماضي، صرّح وزير الصحة والعلاج والتعليم الطبي الإيراني أن 13% من الوفيات في إيران حسب منظمة الصحة العالمية، تعود إلى التدخين وإن رخص السجائر هو سبب زيادة التدخين بالبلاد.
قد يعجبك