من الصحافة الإيرانية: 6 مخاطر تهدد العاصمة الإيرانية طهران
أثارت حادثة مأساوية تكرر وقوعها في طهران موجة من الاستياء لدى الأوساط الإيرانية، وأعادت للواجهة قضية "المباني غير الآمنة" المتوزعة بشكل كثيف في عموم طهران والتي لطالما تصدرت عناوين الوكالات والصحف المحلية.
ميدل ايست نيوز: أثارت حادثة مأساوية تكرر وقوعها في طهران موجة من الاستياء لدى الأوساط الإيرانية، حيث اندلع حريق هائل السبت 20 مايو، في جنوب العاصمة وخلف خسائر مادية فادحة، ما أعاد للواجهة قضية “المباني غير الآمنة” المتوزعة بشكل كثيف في عموم طهران والتي لطالما تصدرت عناوين الوكالات والصحف المحلية.
وبحسب موقع فرارو، دفعت هذه الحادثة المؤلمة والمتكررة لإعادة طرح واحدة من أهم المخاطر التي تلاحق العاصمة الإيرانية، والنظر بشكل مفصل إلى الحوادث الأخرى التي تصنف في قائمة التهديدات الكامنة بالنسبة لطهران وسكانها؟
المباني غير الآمنة والقوام المتهالكة
الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن العاصمة بأكملها تطفو “بالمباني غير الآمنة”، التي لا تتمثل مشكلتها الوحيدة في البناء المتهالك أو عدم مراعاة مبادئ سلامة البناء فحسب، بل بعدم أمنها من حيث عيوب إطفاء الحرائق ومسؤولية فرق الإنقاذ.
وأجبرت حادثة الحريق في ساحة رازي أو ما تعرف بـ “جمرك” أعضاء مجلس محافظة طهران بالإفصاح عن فرض قيود صارمة في مجال تأمين المباني، وإخطار مالكي العقارات بوجوب دفع غرامات وتعويضات. بمعنى، إذا لم يلتفت المالك إلى الإخطارات، فعليه دفع تعويض عن الأضرار التي لحقت بمعدات مكافحة الحرائق الباهظة الثمن والتعويض عن الأضرار المحتملة للأماكن العامة في المدينة.
الانخسافات الأرضية والهبوط الأرضي (البالوعة)
صرح المدير العام لمكتب المخاطر والبيئة والهندسة التابع لمنظمة الجيولوجيا والتنقيب عن المعادن في إيران مؤخرًا أن 5 مدن في محافظة طهران هي الأكثر عرضة لخطر الانخسافات الأرضية وقال “إن ظاهرة الانخسافات الأرضية تشكل تهديدًا كبيرًا للمدن الكبيرة مثل العاصمة”.
لطالما أثارت ظاهرة الانخسافات الأرضية على مر الأعوام المخاوف من آثارها، لكن ما تواجهه طهران اليوم يفاقم من أزمة هذه الظاهرة حيث يصاحب وقوعها انخساف جزء من الأرض بشكل مفاجئ.
مهدي زارع، أستاذ علم الزلازل في المعهد الدولي لبحوث الزلازل، قال في مقابلة مع موقع خبر أونلاين: “في السنوات القادمة، ستشهد العاصمة طهران حدوث المزيد من الهبوط الأرضي أو ما يسمى بالوعة”.
الزلازال: عمالقة نائمون في العاصمة
وراء أي ظاهرة وربما قبلها يختبئ احتمال حدوث زلزال في طهران. فوفقًا للإحصاءات، تعد إيران واحدة من أكثر الأماكن المعرضة للزلازل في العالم.
تمتلك طهران 13 تشقق صخري ما جعلها واحدة من أخطر المدن المعرضة للزلازل في العالم. ويعد التشقق في “شمال” طهران بطول 75 كم، وجنوب مدينة “ري” بطول 20 كم، و”شرق” العاصمة الأكثر خطورة من بين هذه التشققات الـ 13.
التقرير الأكثر إثارة للقلق في هذا الصدد يتعلق بشق “ري” جنوب طهران، والذي سيسبب كارثة كبرى في البلاد وربما العالم كله في حال تم تنشيطه. حيث تنتشر معظم الأماكن السكنية ذات القوام والنسيج المتهالكة بشكل كثيف على طول هذا التشقق.
وربما تعد المخافة الأكبر المتعلقة بالقوام المهترئة في العاصمة، في احتواء هذه المباني على 30% من سكان المحافظة، أي ما مجموعه ثلاثة ملايين نسمة، فإن فكرة أن ثلاثة ملايين شخص تحت تهديد الموت، حتى لو كان تخيلاً، تثبت لنا مدى التهديد الكامن الذي سنواجهه.
التنفس الثقيل وسط الضباب الدخاني
تلوث الهواء والشهيق والزفير وسط الضباب الدخاني هي التجربة الأكثر وضوحًا لكل شخص زار طهران.
ووفقًا لآخر التقارير التي قدمها مركز أبحاث البرلمان الإيراني نقلاً عن تقرير وزارة الصحة، يموت حوالي 3751 شخصًا في طهران كل عام بسبب التعرض لتلوث الهواء. كما تقدر أضرار تلوث الهواء على صحة المواطنين في طهران بنحو 2.3 مليار دولار، أي ما يصل إلى 7 مليارات دولار للبلد بأكمله.
الجفاف وأزمة المياه في طهران
في نفس الوقت الذي يتزايد فيه الجفاف في جميع أنحاء البلاد، قرعت الجهات المعنية ناقوس الخطر من ندرة المياه مؤخرًا في العاصمة.
ووفقًا للإحصاءات التي تم تقديمها العام الماضي، فإن طهران على وشك أزمة مياه غير مسبوقة. محمد بختياري، الرئيس التنفيذي لشركة طهران للمياه والصرف الصحي، قال في بيان أكد فيه على مخاطر نقص المياه في العاصمة الخريف الماضي: “انخفض مستوى هطول الأمطار بشكل كبير ولم يتبقى في سدود طهران سوى القليل من الموارد المائية التي تكفي لمدة 100 يوم”.
من جانبه، أعلن علي سيد زاده، المدير العام لمكتب إدارة الاستهلاك في البلاد، أن حجم التخزين في سدود طهران (100 مليون متر مكعب) قد انخفض إلى حد كبير. وبحسب التقارير الواردة، وصل منسوب المياه في بعض الخزانات في طهران الذي ينبغي أن يكون 4 أمتار، إلى 70 سنتيمترا فقط.
الفجوة الطبقية والتضخم وانعدام الأمن الاجتماعي
بالإضافة إلى جميع المخاطر المذكورة في العاصمة، فإن الفجوة الطبقية الناتجة عن “التضخم المحدد” في طهران هي قضية أخرى يمكن أن تسبب أضرارًا اجتماعية وأمنية ونفسية. وفي الوقت الذي تسجل فيه نسبة تضخم المستأجرين في المتوسط في عموم البلاد قرابة 37%، فإن هذا الرقم قد بلغ 51٪ في العاصمة.
وعلى ضوء هذا فقد أصبح شراء منزل أشبه بحلم بالنسبة لجزء كبير من سكان العاصمة. ودفعت الزيادة المفاجئة في أسعار الإيجارات وموجات الهجرة الجنونية من سكان المدن إلى طهران إلى ترك العاصمة والعيش في أطراف المدينة.
وتشير التقارير المنشورة لهذه الإحصائيات إلى أن نسبة سكان الأطراف في العاصمة وصلت إلى 4-5٪، ما يعني مضاعفة مساحة طهران خلال العشرين سنة القادمة.
والأمر الأكثر إثارة للقلق، أنه في نفس الوقت الذي زادت فيه معدلات الإيجار، تداولت مواقع على الإنترنت تقارير تفيد بتوسع ظاهرة النوم على الأسطح والشوارع والأحياء الفقيرة والشقق المشتركة، وقد فاقم هذه الأزمة ارتفاع قروض الرهن العقاري عدة أضعاف في السنوات الأخيرة، مما زاد من عوامل لجوء المستأجرين إلى جميع أنواع الحلول من أجل تخطي عقباتهم المالية.