ثلاث سيناريوهات أمام مستقبل الاتفاق النووي بين طهران وواشنطن
لطالما كان برنامج إيران النووي موضوع قلق عالمي لسنوات عديدة، وقضية شغلت المحللين والخبراء الذين طرحوا العديد من التكهنات حول مستقبل إحياء المفاوضات النووية والنتائج التي ستحملها.
ميدل ايست نيوز: لطالما كان برنامج إيران النووي موضوع قلق عالمي لسنوات عديدة، وقضية شغلت المحللين والخبراء الذين طرحوا العديد من التكهنات حول مستقبل إحياء المفاوضات النووية والنتائج التي ستحملها.
في عام 2015، تم التوقيع على خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) أو ما أصبحت تعرف بالاتفاق النووي بين طهران ودول 5 + 1 للحد من برنامج إيران النووي مقابل تخفيف العقوبات. وبعد عدة سنوات، أي في عام 2018، انسحبت الولايات المتحدة من الصفقة وأعادت فرض العقوبات على إيران وخلقت هوة بين الجانبين لازالت تداعياتها حاضرة إلى اليوم.
وكردة فعل على قرار واشنطن، بدأت إيران في زيادة برنامج تخصيب اليورانيوم، وتصاعدت التوترات بينها وبين الولايات المتحدة منذ ذلك الحين، وخلق هذا التصعيد والغموض وراء انسحاب دونالد ترامب حالة خوف جعلت العالم يتحضر لنشوب حرب عالمية لا سيما بعد المناوشات الإيرانية الأمريكية في الآونة الأخيرة.
وفي الأسابيع الأخيرة، زادت مخاطر احتمال نشوب مواجهة عسكرية بين إيران وإسرائيل التي أبلغت القوى الغربية بأنها قد توجه ضربة أحادية للمنشآت الإيرانية، إذا واصلت طهران تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة.
وتحدث مسؤولون إيرانيون خلال الأيام القليلة الماضية عن احتمال استئناف المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة في ظل الرسائل المتبادلة بين الجانبين، وهنا نستعرض بعض السيناريوهات المحتملة لعودة إيران إلى الاتفاق النووي وعن ما يمكن أن يحمله مستقبل العلاقات بين طهران وواشنطن.
عودة بسيطة إلى الاتفاق النووي
في هذا السيناريو، ستوافق إيران على الامتثال لشروط الصفقة الأصلية، بما في ذلك القيود المفروضة على برنامج تخصيب اليورانيوم وعمليات التفتيش التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية. لكنها قد تطالب بحزمة تعويض عن الأضرار التي لحقت باقتصادها بعد العقوبات أو نوع من المساعدة المالية كالاستثمار في قطاع الطاقة الإيراني وتسيير المعاملات البنكية ورفع القيود عن الديون الخارجية.
ومع ذلك، تقول المعطيات إن هذا السيناريو غير مرجح لأن إيران أعلنت بالفعل أنها لن تعود إلى طاولة الحوار النووية دون أن ترفع الولايات المتحدة عقوباتها أولاً.
وكان مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) في إيران قد صادق، عام 2020، على مشروع قانون بعنوان “الإجراء الاستراتيجي لإلغاء العقوبات” الأميركية، كان قد وافق قبل إجراء الانتخابات الأميركية بيوم واحد، على وضعه ضمن جدول الأعمال لمناقشته لاحقاً، لكن اغتيال فخري زادة دفعه إلى تقديم الموعد وإعطائه الأولوية.
وكان أهم تلك القرارات التي اتخذها البرلمان الإيراني “المحافظ”، رفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 20 في المائة، وإلغاء العمل بالبروتوكول الإضافي للوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذي ينهي تفتيشات مشددة للمنشآت النووية الإيرانية، غير أن البرلمان أمهل أطراف الاتفاق النووي مدة شهر للعمل بتعهداتها في مواجهة العقوبات الأميركية، وفي حال عدم قيامها بها، يُلغى البروتوكول حسب المشروع.
عدم انسحاب أمريكا مرة أخرى
أدت تجارب إيران مع أمريكا خلال السنوات الماضية إلى ازدياد عدم الثقة بين كلا الجانبين. بالنسبة لإيران من المرجح أن تطالب بضمان عدم انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي مرة أخرى، وقد يرافق ذلك نوع من التأكيد بأن البيت الأبيض لن يتراجع عن الصفقة مهما حصل في المستقبل. وهل هذا الأمر ممكن في هذه المعاهدات الحساسة؟ نعم يمكن تحقيق ذلك من خلال تضمين بنود في خطة العمل المشتركة الشاملة تجعل من الصعب على أي إدارة أمريكية مستقبلية الانسحاب من المفاوضات النووية.
وفي مقابل هذا الطلب، لا شك أن الساسة في واشنطن سيشترطون على الجانب الإيراني الامتثال لعدة أمور رئيسية، والتي تسبب لهم ولحلفائهم العديد من المخاوف والقلق، مثل برنامج إيران الصاروخي وتخصيب اليورانيوم وأخيراً وليس آخراً تقليص العلاقات مع روسيا وإيقاف عملية إبرام صفقات أسلحة وطائرات حربية ومسيرة فيما بينهما.
وقد يرى البعض أن السيناريو الثاني تخيلي بعض الشيء وغير واقعي، أو لكي يمضي قدماً فهو بحاجة إلى مفاوضات مكثفة وتسويات من جميع الأطراف، إلا أنه في الوقت ذاته قد يؤدي إلى اتفاق أكثر شمولاً واستدامة.
موت الاتفاق النووي
السيناريو الأسوأ والأخير هو أن الولايات المتحدة وإيران ستفشلان في التوصل إلى اتفاق وستواصلان مسارهما الحالي. وهذا يعني أن طهران ستستمر في تجاوز الحدود التي حددتها بنود خطة العمل الشاملة المشتركة، وأن واشنطن كردة فعل ستستمر في فرض عقوبات على اقتصادها وشركاتها وبنوكها. بالتالي، من المحتمل أن يؤدي هذا السيناريو إلى مزيد من عدم الاستقرار في الشرق الأوسط وزيادة مخاطر نشوب صراع بين البلدين.
في الختام، إن إحياء الاتفاق النووي وعودة إيران إلى طاولة المفاوضات من شأنه أن يخلق أجواء مفعمة بالسلام والاستقرار العالميين. لكن هل من الأمر الهين أن يطفئ فتيل حرب طالت كل هذه المدة واستنزفت كل هذه الخسائر؟ وهل يبادر طرف ما فعلاً بخطوة السلام هذه ويجمع الأوراق المبعثرة على طاولة واحدة ويعيد المجريات لسابقها؟ لعلّ الأيام المقبلة تحدد لنا مصير هذه القضية وترفع الإبهام عن مستقبلها.
قد يعجبك