إيران.. جائحة الهجرة تتفاقم مع هجرة “طلاب المدارس”
خصصت منظمات الهجرة الإيرانية قسماً لهجرة "طلاب المدارس" إلى جانب الإعلانات على مواقعها الإلكترونية التي تستهدف تأشيرات التحصيل العلمي للجامعيين وفرص العمل.
ميدل ايست نيوز: خصصت منظمات الهجرة الإيرانية قسماً لهجرة “طلاب المدارس” إلى جانب الإعلانات على مواقعها الإلكترونية التي تستهدف تأشيرات التحصيل العلمي للجامعيين وفرص العمل.
وبحسب صحيفة اعتماد، لم تنشر وزارة التربية والتعليم أي معلومات حول هذا الموضوع حتى الآن، ولم يقدم مرصد الهجرة أي معلومات أخرى عن هذا الأمر بعد نشر إحصائيات هجرة طلاب المدارس النخبة في الكتاب السنوي للهجرة 2021.
وكان بهرام صلواتي، مدير المرصد الإيرني، قد قال مسبقاً : “ليس لدينا أي إحصائيات في هذا المجال بل مجرد علبة مظلمة يجب أن تضاء”. وأردف “ذات مرة، أردنا إجراء مشروع دراسي في مجال طلاب المدارس، على الأقل خلال مراسم مدارس المنظمة الوطنية لتنمية المواهب الاستثنائية (سمباد)، إلا أن ذلك لم يكن ممكنًا. وهناك الكثير من الأدلة على هذا، على سبيل المثال، الرغبة في المشاركة في فصول اللغات الأجنبية والمدارس أحادية اللغة، حتى في المستويات المنخفضة واضحة للعيان”.
ويروي محمد رضا نيك نجاد، أحد المعلمين القدامى، قصة هجرة الطلاب إلى مدارس الخارج وفشل المساعي لإبقاءهم في البلاد، قائلاً “الطلاب يائسون وهذا اليأس مفجع”.
وخلال هذه الفترة، أنصت هذا المعلم لآلام الطلاب وأولياء أمورهم عدة مرات واستمع إلى دوافعهم للهجرة. يقول نيك نجاد: “قبل بضعة أيام، كان هناك فتاة في حصة استكشاف الأخطاء وإصلاحها، من شدة تلهفها لموعد طائرتها للخارج في يوليو المقبل كانت تعد اللحظات لحظة وراء لحظة”.
وأضاف: “كانت الفتاة في الصف التاسع وقد دفعت أسرتها حوالي 620 مليون تومان لتسجيلها في مدرسة تابعة لإحدى الجامعات في تورنتو/كندا. كانت هذه الفتاة سعيدة للغاية. لا نعرف ما يجري هناك ولا يمكننا الحكم من بعيد، لكن ما أعلمه أن هذا ما يحدث هنا ببلادي”.
وأردف: “أنا على معرفة تامة ببعض نماذج هجرة طلاب المدارس والتي نالت مرادها في النهاية ونجحت في هدفها. المحزن هنا، أن معظم الفتيان/ات (مِمن لا يستطيعون الهجرة) تمتلكهم حسرة للحاق بأصدقائهم وهو أمر مؤلم للغاية. ربما يهاجر عشرة آلاف طالب مدرسة من إيران، إلا أن القسم الأكبر الباقي يعانون من الاكتئاب والحسرة”.
وحلل هذا المعلم الزيادة في معدل هجرة طلاب المدارس في إيران في جزأين، كمي ونوعي، فكمياً: عدد المهاجرين قد زاد، ونوعياً: تغيرت نوعية وجودة الطلب على الهجرة ووصلت إلى مستويات مختلفة وفئات عمرية أقل.
وقال: “حتى قوانين مكافحة الهجرة التي تهدف إلى منع الهجرة عملت في الاتجاه المعاكس”. وتابع “أحد هذه القوانين هو الحاجة إلى دفع ملايين الدولارات للحصول على شهادة البكالوريوس والماجستير، وهو ما غذى الزيادة الكمية والتغييرات النوعية في الهجرة المبكرة وقبل الحصول على الشهادة الجامعية”.
ويرى نيك نجاد أن العائلات تعتقد أن المبالغ التي يتعين عليهم دفعها في المستقبل للحصول على الشهادة الجامعية، يتوجب عليهم إنفاقها مبكرًا في سن المدرسة لإرسال أطفالهم للدراسة في دول أخرى بعيدا عن ظروف البلاد.
واستدل هذا المعلم بقضية عدم فعالية النظام التربوي في إيران من حيث التعليم الشخصي والاجتماعي وتعليم التلاميذ كأحد أسباب الرغبة في الهجرة، وقال: “تعتقد العائلات أن أطفالهم يتعرضون للظلم، فمهما كان تخصص شهادتهم، فإن الأمر لا يساوي الكثير ولا يمكنهم حتى الحصول على وظيفة بها، لذلك توصلوا إلى استنتاج مفاده أن يسعوا لإنفاق نفقات مراحل التعليم المدرسي والجامعي على الهجرة، من أجل أن تكون الظروف الشخصية والاجتماعية أفضل لهم”.
ويرى نيك نجاد، أن فرار رؤوس الأموال بسبب هذه الهجرة يعد ضرراً بسيطاً مقارنةً بالضرر الآخر الكبير وهو انخفاض المخزون العلمي في إيران. وأوضح: “معظم هؤلاء هم من عائلات أنفقت بشكل فردي على أطفالها وكل هذه النفقات تبقى طي الكتمان على المستوى الشخصي والاجتماعي بالنسبة للأطفال”.
وأضاف: “يمكن القول أن هؤلاء الأشخاص أكثر ذكاءً وثقافةً واجتماعًا من العائلات العادية. ولسوء الحظ، تشير الإحصائيات في السنوات الأخيرة أيضًا إلى أن المخزون العلمي في إيران ومتوسط علم الإيرانيين آخذان في التناقص، وسيؤثر هذا الاتجاه بالتأكيد على مستقبل إيران”.
وفي مارس الماضي، أثار مهدي فياضي، رئيس مركز الشؤون الدولية والمدارس بالخارج، تحذيرات حيال هذا الموضوع، وقال: “الهجرة في سن المدرسة ليس لها أي إنجازات غير تفكك الأسرة وتجزئتها. بمعنى، إذا أردتم أن يكون لأطفالكم اتصال بالعالم الخارجي، فيجب تعزيز معرفتهم الدولية في سن العمل والتحصيل العلمي.
يضيف المسؤول الإيراني: “تدفع بعض العائلات مليار تومان فقط سنويًا للرسوم الدراسية ومليار أخرى مقابل إقامة أطفالهم ومبيتهم حتى يسافروا إلى الخارج في الصفين التاسع والعاشر وهو ما يضمن لهم عدم الذهاب للجيش وعدم خوض امتحان السبر”.
من جانبه، يشير جبار رحماني (خبير اجتماعي وأنثروبولوجي) إلى مدرسة في المملكة المتحدة حوالي 10% من طلابها إيرانيون، ويقول: “يدفع هؤلاء الطلاب ما معدله 40 إلى 50 ألف جنيه سنويًا للدراسة في المدرسة الثانوية، هل لاحظتم حجم الاستثمار والأموال التي تضخها العائلات الإيرانية؟ هذه العائلات على استعداد تام للاستثمار وإنفاق الكثير من المال، لكنهم يقدمون على هذا في الأماكن التي تتوفر فيها بنية تحتية قياسية تتميز بمعيار تعليمي ومنظور وجودة تعليمية راقية”.
قد يعجبك: