من الصحافة الإيرانية: هل تلجأ أمريكا إلى الخطة “سي” في التعامل مع إيران؟

نظراً لضعف موقفها وضآلة مصالحها في الخطة "ب"، تكشف المعطيات لنا أن الولايات المتحدة مالت نحو الخطة "سي"، والتي لا يمكن وصفها بأنها عودة إلى الساحة النووية ولا ممارسة المزيد من الضغوط.

ميدل ايست نيوز: هيمنت الأنباء المتناقضة حول مفاوضات غير مباشرة بين إيران والولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق مؤقت، وملف تبادل الأسرى والإفراج عن جزء من المستحقات المالية المجمدة على المشهد الإعلامي والرأي العام في إيران، وأعادت لتثير التساؤل مرة أخرى حول نهج واستراتيجية البيت الأبيض فيما يتعلق بالمستجدات الراهنة؟

هل تشير هذه الحزمة من المعطيات والتحليلات والتفسيرات المتناقضة إلى “رغبة أمريكا بالعودة لإحياء الاتفاق النووي”، أو أن فحواها ينبأ “بتنفيذ الخطة ب” أما أن هناك خطة دبلوماسية ثالثة تلوح في الأفق؟ استفهام مهم نودعه بين يديّ المستقبل لتقرير مصيره. ويعد الفهم العام لاستراتيجية حكومة بايدن متغيرًا مهمًا للغاية في الخروج من الغموض والحالة الضبابية هذه وتوضيح المواقف ووجهات النظرة المتناقضة.

الاتفاق النووي لم يعد على جدول الأعمال

وبحسب صحيفة دنياي اقتصاد، أدت المتغيرات الجديدة في العلاقات بين إيران والعواصم الغربية منذ نهاية أغسطس من العام الماضي إلى تهميش قرابة عامين من المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي على أساس نسخة 2015، فيما لعب رد إيران السلبي على الحزمة التي اقترحتها بروكسل دورًا مهمًا في تهميش خطة العمل الشاملة المشتركة من أجندة الحكومة الأمريكية وصنّاع السياسة في أوروبا.

وتجلّى الادعاء الرئيسي للغرب عندما أزال المباحثات النووية مع إيران من جدول أعماله التفاوضي بالتطورات الجديدة على المشهد العالمي لا سيما بعد بروز دور إيراني في مساعدة روسيا في الحرب على أوكرانيا (الطائرات المسيرة)، مما أوهم له أن الوصول إلى نسخة جديدة من الاتفاق النووي ورفع العقوبات والإفراج عن الأموال المجمدة لن يؤدي إلا إلى تعزيز دور إيران الصاروخي والإقليمي في المنطقة.

نقطة أخرى تتعلق بالتطورات الداخلية لوثيقة خطة العمل الشاملة المشتركة والقرار 2231 وتواريخ انتهاء صلاحيتها، والتي ستؤدي في أكتوبر 2023 إلى رفع الحظر التسليحي عن إيران، أما في أكتوبر 2025 سيتم إلغاء جميع القرارات وانتهاء صلاحية القرار 2231، والذي بموجبه سيتم أيضًا إزالة آلية “سناب باك” من متناول الأمريكيين كأداة ضغط على إيران في حال تخلّت عن التزاماتها.

الخطة “ب” وممارسة الضغط

لم يبقَ مجال للشك حيال إمكانية العودة لنسخة الاتفاق النووي السابقة، وهنا يطرح السؤال نفسه، ما هي خطة أمريكا البديلة؟ فزيادة الضغوط ورفع مستوى التوتر من جديد وتوسيع العقوبات وتشديد نطاقها، مسار بدأ فيه ترامب بعد انسحابه من الاتفاق النووي حين مارس أقصى قدر من الضغط على إيران.

ويرى المحللون أن الجري وراء هذا المسار (رغم قدرة بايدن على الوصول إليه بسهولة) لن يجدي نفعاً، نظراً إلى النتائج والتبعات التي تبعت تنفيذه خلال عهد ترامب وبدت واضحة للغاية للعيان.

في الواقع، ستزيد هذه الطريقة المكلفة والمحفوفة بالمخاطر من مستوى التوتر وتصعيد الأزمة في المنطقة، وستؤدي بطبيعة الحال إلى رد فعل من قبل إيران، بما في ذلك في مجال التخصيب واستخدام أجهزة الطرد المركزي الجديدة.

وتكمن أهمية هذه القضية بالنسبة لبايدن، في مجريات الأشهر التي تسبق الانتخابات الأمريكية، حيث سيمنع متغير آخر حكومة بايدن من الرغبة في التحرك نحو توتر واسع النطاق مع إيران.

خطة “سي” الدبلوماسية

نظراً لضعف موقفها وضآلة مصالحها في الخطة “ب”، تكشف المعطيات الحالية أن الولايات المتحدة مالت نحو الخطة “سي”/ C، والتي لا يمكن وصفها بأنها عودة إلى الساحة النووية ولا ممارسة المزيد من الضغوط، بل تهدف إلى وضع حدود بين الجانبين وإدارة التوترات.

ويتطلب هذا الموقف تعاون إيران ووكالة الطاقة الذرية مع الحوافز المقدمة لطهران لتحسين الوضع. في المقابل، تتوقع الولايات المتحدة من إيران وقف تخصيب اليورانيوم بنسبة 60٪ فما فوق ومواجهة تنازلات رسمية وغير رسمية.

كما تشمل هذه القضية الاستمرار في تجاهل مشتريات الصين من النفط من إيران أو الإذن الرسمي في هذا الصدد. يمكن تنفيذ إدارة الأزمة هذه لأطول فترة ممكنة، خاصة حتى نوفمبر 2024، موعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.

وفي البال، تشير النتائج السابقة أن اقتراب العالم من تاريخ الانتخابات الأمريكية قد يرفع من مستوى الأزمة هذه، لكن قد يؤدي أيضاً إلى دفع الأطراف إلى حافة الهاوية، وهو ما يرجح أن يمهد الطريق لمزيد من التنازلات. أما الحقيقة فهي أن الطرفين لا يريدان رفع مستوى التوتر ويفضلان اتخاذ حل إدارة التوتر.

وما يدعم هذه الخطة (سي) هو عامل الردع الذي أكدته الحكومة الأمريكية مرات عديدة في الأشهر القليلة الماضية.

ومن وجهة نظر البيت الأبيض، من أجل ضمان نجاح هذه الخطة يتوجب عليها أن ترفع من سياسة ردعها، وهو ما أكد عليه موقع أكسيوس يوم أمس، في تقرير له عن سياسة الردع الأمريكية الجديدة تجاه برنامج إيران النووي التي تعتبر إحدى القضايا المهمة في المفاوضات السرية غير المباشرة بين الجانبين في عمان.

وأكد هذا التقرير أن السياسة هذه تنص على أنه في حال رفعت إيران من مستوى التخصيب بنسبة 90٪ فستتجاوز أمريكا الدبلوماسية وتلجأ إلى الخطة “ب” وفرض المزيد من العقوبات.

 

قد يعجبك:

ستراتفور: اتفاق نووي مؤقت بين إيران وأمريكا.. منطقي ومحتمل وهذه عقباته

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
بواسطة
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة × ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى