انقطاع واسع للمياه في العاصمة.. أزمة مياه تلوح في أفق طهران عشية حلول فصل الصيف
لم يتمكن أهالي طهران في الأيام الأخيرة من القيام بمهام يومية بسيطة لشح المياه لديهم، فقد كانوا يكتفون بمياه الصهاريج المتوزعة في أجزاء مختلفة من العاصمة لتغطية احتياجاتهم الأساسية.
ميدل ايست نيوز: حلّت الأيام الحارة في بدايتها هذا العام ضيفاً ثقيل الظل على الشعب الإيراني الذي أصبح القلق والخوف حيال انقطاعات الكهرباء وإمدادات المياه أمران يلازمانه طيلة الأشهر الحارة لا سيما بعد الانقطاع الأخير الواسع للمياه في العاصمة وبعض مناطق محافظة البرز الذي زاد من الأمور سوءا.
وبحسب صحيفة دنياي اقتصاد، في غضون هذه الأوضاع، تكافح سلطات طهران لإعداد برامج ثقافية لأسبوع “توفير استهلاك المياه”، التي رافقها تأكيدات ومطالب من قبل المسؤولين على إصلاح نمط الاستهلاك للتغلب على أزمة المياه، لتأتي التقارير والمعطيات المحلية التي استهجنت تصريحات المسؤولين مؤكدة على عدم وجود مياه في الأساس لكي يقوم المواطنون بخفض استهلاكها، ناهيك عن أن العديد من أهالي العاصمة في الأيام الأخيرة لم يتمكنوا من القيام بمهام يومية بسيطة لشح المياه لديهم، فقد كانوا يكتفون بمياه الصهاريج المتوزعة في أجزاء مختلفة من العاصمة لتغطية احتياجاتهم الأساسية.
هذا ودخلت أزمة انقطاع المياه يومها الخامس على الرغم من تأكيد شركة مياه طهران يوم الاثنين على إصلاح هذه المشكلة في غضون ساعات، ولم تكتفِ هذه الشركة بعدم الالتزام بوعودها بحل مشكلة انخفاض ضغط المياه فحسب، بل وعملت على قطع المياه حتى اليوم التالي عندما تم إعداد هذا التقرير.
ومما لا شك فيه أن هذه الشركة قد قامت بإبلاغ وسائل الإعلام بنشر بيانها ذاك من أجل تخفيف وطأة الضغط الإعلامي في البلاد، وليس من أجل وضع المواطنين في الأمر الواقع.
ومن المثير للاهتمام أن هذه الشركة لم تستجب بعد لمطالب وسائل الإعلام ووكالات الأنباء لوضعها في مجريات أسباب انقطاع المياه، فضلاً عن رفض المنصة المعنية بالمشاكل المائية الاستجابة على استفسارات المواطنين.
من ناحية أخرى، تشير التقارير إلى أن المياه المعدنية أصبحت نادرة في المتاجر والمحلات التجارية في بعض مناطق طهران حيث يتزامن هذا مع ساعات انقطاع المياه بالكامل.
وحذر الخبراء من نقص المياه هذا الصيف وتوقعوا أن تكون المواسم الحارة الحالية أكثر حرارة من العام الماضي. ووفقا لهؤلاء، نظراً للحرارة الشديدة في النصف الجنوبي من البلاد، فإن تبخر المياه آخذ في الازدياد وأصبح الوصول إلى المياه محدودًا بشكل أكبر.
وبناء على هذا، تواجه طهران نظراً لكثرة سكانها، وخراسان رضوي نظراً لانخفاض بنسبة 52% في معدلات هطول الأمطار مقارنة بالمدى الطويل ونقص احتياطيات المياه خلف السدود، بالإضافة إلى مشهد وسيستان وبلوشستان نظراً لاكتظاظها السكاني وللنقص الشديد في احتياطيات آبار “نيمه” في شمال المحافظة ونقص تدفق المياه من أفغانستان وقلة هطول الأمطار الكافية، خطر نقص المياه أكثر من مناطق أخرى من البلاد.
وصرح الرئيس التنفيذي لشركة خراسان رضوي للمياه والصرف الصحي، أمس الثلاثاء، أن الجفاف الشديد قلل من موارد مياه الشرب في 36 مدينة و650 قرية في هذه المحافظة.
وعلى غرار بعض مدن جنوب ووسط البلاد، واجهت العاصمة في السنوات الأخيرة حالات نقص وانقطاع في المياه مع بداية المواسم الحارة، فيما تزيد حالة سدود طهران ومنسوب الموارد المائية فيها من مخاوف استمرار انقطاعات المياه.
سدود طهران
وبحسب آخر الإحصاءات المعلنة، فقد انخفض الحجم الإجمالي لخزانات سدود طهران الخمسة بمقدار 41 مليون متر مكعب مقارنة بالعام السابق، مع العلم أن درجات الحرارة المرتفعة تزيد من نسبة الحاجة إلى الماء، حيث سيتم تشغيل حوالي 3 ملايين مبرد مياه في العاصمة مع حلول فصل الصيف، وسيستهلك كل مبرد 300 لترًا من المياه يوميًا.
وتظهر التحقيقات أن لدى “سدود طهران الخمسة” حاليًا 504 مليون متر مكعب من المياه، بينما وصلت في العام الماضي في نفس الوقت إلى 545 مليون متر مكعب.
ويضم سد “أمير كبير” في الوقت الراهن حوالي 110 ملايين متر مكعب من المياه، بعد أن كان في العام الماضي 100 مليون متر مكعب. لكن بالمقارنة مع العام الطبيعي، كان هذا الرقم سالبًا بمقدار 68 مليون متر مكعب.
ويحتوي “سد لتيان” حاليا على 65 مليون متر مكعب من المياه، بعد أن كان 62 مليون متر مكعب في العام الماضي، حيث انخفض بمقدار 11 مليون متر مكعب مقارنة بالعام الطبيعي.
كما تظهر حالة خزانات “سد لار” أن لديها حوالي 52 مليون متر مكعب من المياه، والتي كانت 74 مليون متر مكعب العام الماضي، بانخفاض 119 مليون متر مكعب مقارنة بالعام الطبيعي.
وسجل “سد طالقان” في الظروف الحالية نحو 219 مليون متر مكعب من المياه، بعد أن كان 237 مليون متر مكعب في العام الفائت، ما يعني انخفاضاً بمقدر 128 مليون متر مكعب مقارنة بالعام الطبيعي.
ووصلت كميات المياه في خزانات “سد ماملو” إلى 59 مليون متر مكعب من المياه، بعد أن كانت 71 مليون متر مكعب في العام السابق. ويشير هذا الرقم إلى انخفاض بمقدار 109 مليون متر مكعب عن العام الطبيعي.
وتتبع الرئيس إبراهيم رئيسي، الثلاثاء، أثناء زيارته دول أمريكا اللاتينية وخلال لقاءاته وبرامجه العديدة، في اتصال هاتفي مع النائب الأول ووزير الطاقة في إيران، قضية انخفاض ضغط المياه وانقطاعها في بعض مناطق طهران وأكد على الإسراع في الحل الكامل للمشكلة.
وكان المركز الوطني للدراسات الاستراتيجية للزراعة والمياه التابع للغرفة الإيرانية قد حذر في بيان من وضع الموارد المائية للبلاد في السنة المائية 2022-2023.
وأشار هذا البيان إلى انخفاض كبير في حجم المدخلات والتخزين للسدود في إيران مقارنة بمتوسط السنوات الخمس الماضية بسبب استمرار الجفاف الجوي في معظم أنحاء البلاد، وخاصة في طهران.
وفي الآونة الأخيرة، قال خبير مياه إيراني إنه يجب على كل شخص يسكن البلاد وبالأخص العاصمة طهران أن يعلم أننا نعيش في مدينة ذات مناخ مداري، وأن متوسط نصيب الفرد من المياه خمس ما هو موجود في العالم.