من الصحافة الإيرانية: “الاتفاقية غير المكتوبة” بين إيران وأمريكا… مخاوف وآمال

كشفت صحيفة نيويورك تايمز مؤخرًا في تقرير حصري عن توصل إيران والولايات المتحدة إلى اتفاق غير مكتوب توافق على أساسه إيران على الامتناع عن تطوير برنامجها النووي مقابل الإفراج عن جزء من أموالها المجمدة في دول مختلفة واستخدامها لأغراض إنسانية.

ميدل ايست نيوز: بعد أشهر من الجهود الشاقة في ساحة المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي ووسط موجة من المستجدات والأنباء التي كانت في بعض الأحيان مقلقة وفي بعضها الآخر مفعمة بالأمل، كشفت صحيفة نيويورك تايمز مؤخرًا في تقرير حصري عن توصل إيران والولايات المتحدة إلى اتفاق غير مكتوب توافق على أساسه إيران على الامتناع عن تطوير برنامجها النووي مقابل الإفراج عن جزء من أموالها المجمدة في دول مختلفة واستخدامها لأغراض إنسانية.

وبينما تتجه طهران وواشنطن “لأسبابهما الخاصة” نحو تخفيض التصعيد واحتواء الأزمة وتوسيع رقعة المفاوضات، طرحت تساؤلات عدة حول هذه الاتفاقية غير المكتوبة، وحول مدى احتمالية الوصول إليها، والفوائد والتبعات التي تنتج عنها؟

التفاهم الشفهي بدلاً من الاتفاق المكتوب

وفي مقابلة مع موقع فرارو، قال الدبلوماسي الإيراني السابق لدى الأمم المتحدة والخبير في العلاقات الدولية، كوروش أحمدي، في إشارة إلى مفهوم الاتفاق غير المكتوب وأبعاد فعالية هذا النوع من الاتفاقات: “الاتفاق غير المكتوب هو نوع من التفاهم. بمعنى أن يقوم طرفان ما بإجراء القرارات شفهياً ومحاولة عدم مخالفتها. ونتيجة لذلك، يتم إنشاء نوع من خفض التصعيد المحدود بهدف كبح الأزمات وتقريب وجهات النظر ووضع حدود للأطراف المتفاوضة”.

وأضاف: “إلى أي مدى يمكن أن تكون هذه الاتفاقية في مصلحة الولايات المتحدة أو إيران، يعتمد هذا على عدة احتمالات. أما في الوقت الحالي، لا توجد طريقة أخرى لإيران باستثناء عقد تفاهم محدود غير مكتوب. لأنه نظراً إلى التطورات والتغيرات التي حدثت خلال العام الماضي، لا يمكننا توقع شيء آخر غير هذا الاتفاق”.

واستطرد أحمدي: “أثرت أحداث الحرب في أوكرانيا والادعاءات الغربية تجاه إيران بشأن تقديم الدعم العسكري لروسيا، ناهيك عن الاحتجاجات الشعبية التي ملأت شوارع البلاد وهزت الرأي العام العالمي وزادت من تصعيد التيارات السياسية المعارضة لإيران في أوروبا وأمريكا، إلى شل عملية المفاوضات النووية بعد أن كان الغرب حينها في طور إعداد نص لإحياء الاتفاق النووي”.

لا اتفاق نووي ولا توتر في العلاقات

وقال خبير العلاقات الدولية هذا عن أسباب دفع الأطراف المتفاوضة إلى اتفاق غير مكتوب: “المشكلة القانونية في هذا الصدد هي وجود قانون مراجعة الاتفاق النووي الإيراني الذي وافق عليه الكونغرس، والذي يفرض على رجال الدولة إرسال أي اتفاق مع إيران إلى هذا المجلس لمراجعته والبحث في محتواه. وهذا يمكن أن يؤدي إلى تحريك المشهد السياسي لما يحمله من آراء مخالفة وموافقة، بالتالي، لن يصب هذا القانون في مصلحة بايدن ورفاقه الديمقراطيين في الأجواء الانتخابية القريبة”.

وأردف: “كما أنه ليس من المنطقي الموافقة على اتفاق مع إيران في الظروف الجديدة لدى الكونغرس. وعليه، تُظهر كل هذه الحالات سبب امتناع الولايات المتحدة عن إحياء الملف النووي واتفاقية مؤقتة مكتوبة ورسمية مع إيران لتبحث بالتالي عن اتفاق غير مكتوب”.

وقال الدبلوماسي الإيراني السابق لدى الأمم المتحدة: “لا يمكن اعتبار شعارات طرفي الحوار عاملاً حاسماً في هذا الأمر، ففي العام السابق، أثارت الحكومة الثالثة عشرة “استراتيجية الشتاء القاسي” لتعزيز موقفها في البرنامج النووي، لكن سرعان ما اتضح أنها لا تستند إلى أي أساس صحيح”.

وأكد أحمدي أن هذه الاستراتيجية كانت أحد العوامل التي دفعت إيران إلى عدم الموافقة على المسودة التي أعلنها جوزيب بوريل في أغسطس الماضي، وأوضح: “رداً على هذه الخطوة من قبل إيران يجب أن أقول إنه وفقًا لجميع الأدلة والتكهنات الحالية، فإن طهران تتجه أيضًا نحو نفس الاتفاقية غير المكتوبة والمفاوضات جارية في نيويورك والدوحة ومسقط للتوصل إلى مثل هذا الاتفاق”.

وحول اتجاه إيران نحو التفاوض على اتفاق غير مكتوب والنأي بنفسها عن الطلبات الأولية، قال: “ربما توصل مسؤولونا أيضًا إلى استنتاج مفاده أن إعادة إحياء الاتفاق النووي كما كان لم يعد ممكنًا. فضلاً عن وجود بعض الأسباب الفنية التي يمكن أن تشير إلى استحالة تنشيط خطة العمل الشاملة المشتركة”.

وقال: “وصل الوضع الاقتصادي في إيران أيضًا إلى النقطة التي أجبرت فيها الحكومة عمليًا للسعي وراء تقليل التوتر وإحلال السلام. فلدى إيران أصول في دول مختلفة تأمل في الإفراج عنها من خلال هذا الاتفاق. والمحفز الآخر هو حل قضية سجناء الجنسية المزدوجة، التي أضرت بإيران من وجهة نظر الرأي العام. يجب أن يكون التحرك نحو حل المشاكل مع الوكالة الدولية في ظل خفض التصعيد أحد الأمور الأخرى التي يجب أخذها في الاعتبار”.

وفيما يتعلق بضمانات تنفيذ الاتفاق غير المكتوب على المدى الطويل بين إيران والبيت الأبيض، قال أحمدي: “لا توجد ضمانات لأي شيء من هذا. في العلاقات الدولية، حتى المعاهدات والاتفاقيات الموقعة من قبل البرلمانات يمكن أن تنتهك من قبل الحكومات. حدث الشيء نفسه مع خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015”.

وأضاف: “فيما يتعلق بالاتفاقية غير المكتوبة، إذا تم التوصل إليها، ستكون هناك عدة مخاطر وقد يرفض أحد الطرفين الاتفاقية في أي لحظة بسبب اختلال موازين القوى والتغيرات في الظروف الداخلية والخارجية للدول. تتشكل هذه الاتفاقيات في الوقت الحاضر وعلى أساس احتياجات الأطراف وتوازن القوى القائمة، ولا يوجد ضمان سوى محاولة الحفاظ على أساس الاتفاقات والتكيف مع الظروف المتغيرة”.

 

قد يعجبك:

قلق في إسرائيل من تفاهمات وشيكة بين واشنطن وطهران

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثمانية + 16 =

زر الذهاب إلى الأعلى