لدوافع أمريكية وإيرانية.. صفقة النووي المرتقبة لن تكون مكتوبة

ورد أن الاتفاق غير الرسمي سيتضمن التزاما من إيران بالامتناع عن تخصيب اليورانيوم بما يتجاوز 60%، وربما أيضا إيقاف أو إبطاء تخزين اليورانيوم المخصب على هذا المستوى.

ميدل ايست نيوز: قال تريتا بارسي، نائب الرئيس التنفيذي لمعهد “كوينسي” لفن الحكم في واشنطن، إن الصفقة المرتقبة بين الولايات المتحدة وإيران بشأن البرنامج النووي الإيراني لن تكون مكتوبة، وهو ما يخدم دوافع لدى كل من الرئيس الأمريكي جو بايدن والنظام الحاكم في طهران.

بارسي تابع، في تحليل بمجلة “فورين بوليسي” (Foreign Policy) الأمريكية أن مسؤولين أمريكيين وإيرانيين التقوا في نيويورك وسلطنة عمان خلال الأسابيع القليلة الماضية، والمطروح على الطاولة ليس تجديدا للاتفاق النووي لعام 2015، وإنما تفاهم غير مكتوب لمنع مزيد من التصعيد.

وفي 2018 انسحب الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب من هذا الاتفاق واعتبر أنه غير فعال وأعاد فرض عقوبات على طهران، فجمدت الأخيرة لاحقا التزاماتها بموجب الاتفاق، وباتت حاليا أقرب من أي وقت مضى من إنتاج سلاح نووي، وفقا لتقارير غربية.

وأضاف بارسي أن “الجانبين واجها صعوبة في حشد الإرادة لتجديد الاتفاق النووي، لكنهما يشتركان أيضا في الاهتمام بتجنب الأزمة التي ستندلع إذا تم الإعلان عن وفاة اتفاق 2015″، الذي وقعته إيران مع الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والصين وروسيا بالإضافة إلى ألمانيا.

انتخابات رئاسية

وبالنسبة لدوافع الرئيس الأمريكي للقبول باتفاق غير مكتوب مع إيران، قال بارسي إن “بايدن يريد بشدة تجنب أي أزمة مع إيران قبل الانتخابات الرئاسية عام 2024 (يطمح للفوز بفترة رئاسية ثانية)، فبالنظر إلى الأزمات والتوترات في أوكرانيا وتايوان، لا يستطيع تحمل الحرب في الشرق الأوسط”.

وأوضح أن “تعامل إيران مع المحتجين على مدى الأشهر العشرة الماضية (إثر مقتل الشابة مهسا أميني في مركز للشرطة) كادت أن تبخر شهية ضئيلة كانت موجودة في الكونجرس الأمريكي للموافقة على اتفاق نووي جديد، والآن فإن الاتفاق غير الرسمي سيفلت من براثن الكونجرس ويمكّن بايدن من التهرب من تلك المعركة”.

وتتهم عواصم عربية وإقليمية وغربية، في مقدمتها الرياض وتل أبيب وواشنطن، طهران بالسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تقول إيران إن برنامجها مصمم للأغراض السلمية، بما فيها توليد الكهرباء. في المقابل تمتلك إسرائيل ترسانة نووية لم تعلن عنها رسميا وغير خاضعة للرقابة الدولية.

ضغوط اقتصادية

أما بخصوص طهران، وفقا لبارسي، “فهي بحاجة إلى تخفيف الضغوط الاقتصادية والهدوء على الجبهة الأمريكية الإيرانية حتى تتمكن من المضي قدما في تطبيع علاقاتها مع الدول العربية، كما تريد الاتفاق ساريا حتى عام 2025 على الأقل، حين تنتهي بعض القيود الرئيسية المفروضة على برنامجها النووي”.

والاتفاق النووي لعام 2015 كان يفرض قيودا على البرنامج النووي لمنع طهران من إنتاج أسلحة نووية مقابل رفع العقوبات الغربية عنها.

كما “تعتقد طهران أن أي اتفاق رسمي أصغر من خطة العمل الشاملة المشتركة (اتفاق 2015) سيكون على حسابها؛ لأنه سيقلل من نفوذها النووي، بينما الاتفاق غير الرسمي الأصغر لا يحتوي على هذا العيب”، بحسب فارسي.

وأردف أن “العوامل الجيوسياسية المتغيرة تجعل أيضا الاتفاق الرسمي أكثر صعوبة، فبمرور الوقت، لم تصبح الأجندة أكثر صعوبة فقط نتيجة للتقدم النووي الإيراني، لكن أيضا نتيجة للحرب في أوكرانيا”.

وبشكل كبير، تركز واشنطن مع عواصم غربية أخرى وحلف شمال الأطلسي (الناتو) على دعم أوكرانيا في مواجهة غزو روسي متواصل منذ 24 فبراير/ شباط 2022، مع اتهامات تنفي طهران صحتها بتزويد موسكو بطائرات بدون طيران تستخدمها ضد كييف.

ووفقا لبارسي فإنه “على عكس آمال واشنطن، لم يضعف الوقت موقف طهران التفاوضي، وعلى الرغم من الاضطرابات الداخلية وعدم الشعبية العميقة لنظام الملالي، وسعت إيران برنامجها النووي”.

وتابع: “كما قامت إيران (عبر اتفاق بوساطة الصين في 10 مارس/ آذار الماضي) بتطبيع العلاقات مع السعودية (ما يجعل جهود عزل طهران أكثر صعوبة)، وكذلك عززت علاقاتها مع روسيا من خلال مساعدتها في غزوها غير الشرعي لأوكرانيا”.

ومضى قائلا إنه “نتيجة لذلك، فإن أي اتفاق، رسمي أو غير رسمي، سيحتاج أيضا إلى تراجع إيران قليلا على تلك الجبهات. علاوة على ذلك، فإنه على الرغم من سوء إدارته الاقتصادية، لا توجد مؤشرات على أن النظام في خطر محدق بالانهيار”.

التزامات متبادلة

و”حتى الآن لم يتم الإعلان عن أي شيء، لكن ورد أن الاتفاق غير الرسمي سيتضمن التزاما من إيران بالامتناع عن تخصيب اليورانيوم بما يتجاوز 60%، وربما أيضا إيقاف أو إبطاء تخزين اليورانيوم المخصب على هذا المستوى”، بحسب بارسي.

وأردف: “وكذلك وقف هجمات الميليشيات المتحالفة مع طهران في العراق وسوريا على القوات والمتعاقدين الأمريكيين، والامتناع عن تزويد روسيا بالصواريخ الباليستية، وتوسيع التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية”.

وأضاف بارسي أنه “في المقابل، ستمتنع الولايات المتحدة عن تشديد العقوبات على إيران، وستتوقف عن الاستيلاء على ناقلات النفط التي تحمل النفط الإيراني، وستمتنع عن دفع الوكالة الدولية للطاقة الذرية أو مجلس الأمن إلى اتخاذ إجراءات عقابية ضد طهران”.

و”علاوة على ذلك، ستطلق طهران سراح مواطنين أمريكيين مسجونين في إيران مقابل إلغاء تجميد الأموال الإيرانية الموجودة في البنوك الأجنبية لإنفاقها على الغذاء والدواء، وكذلك إطلاق سراح أربعة إيرانيين مسجونين في الولايات المتحدة”، بحسب بارسي.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
بواسطة
الخليج الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إحدى عشر − 6 =

زر الذهاب إلى الأعلى