من الصحافة الإيرانية: هل تنجح مبادرة إيران بتحقيق “فصل جديد” بين دول المنطقة؟

بعد أن تم احتواء الأزمة وتهدئة التوترات بين إيران والحكومات العربية في منطقة الخليج، لاحت في الأفق فكرة العودة إلى مبادرة قديمة قائمة على الحوار والتعاون.

ميدل ايست نيوز: بعد أن تم احتواء الأزمة وتهدئة التوترات بين إيران والحكومات العربية في منطقة الخليج، لاحت في الأفق فكرة العودة إلى مبادرة قديمة قائمة على الحوار والتعاون.

وبحسب صحيفة دنياي اقتصاد، رحّبت الدول الأربع (قطر وعمان والكويت والإمارات) بالمبادرة التي طرحها الأمين العام للأمم المتحدة لتشكيل مبادرة الحوار والتعاون الإقليمي بين الدول المطلة على الخليج.

هذا ويبدو أن زيارة وزير الخارجية الإيراني أمير عبداللهيان المرتقبة إلى السعودية في الأسابيع المقبلة ستحمل في أجندتها هذه المسألة بشكل أكثر تفصيلاً، بهدف وضع خارطة طريق جديدة أمام الدول الساحلية لمنطقة الخليج بعد عقود من التوتر والمنافسة.

وأكد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في ختام جولته على دول الخليج الأربع، أن لدينا أخبارًا جيدة للشعب في ما يتعلق بالتعاون الاقتصادي والتجاري.

وقال في مقابلة مع الصحفيين، يوم الخميس، في العاصمة الإماراتية أبو ظبي: لقد أتاح التعاون بين إيران ودول جنوب الخليج فصلاً جديدًا في العلاقات مع المنطقة، ونحن في كل من هذه الدول نضع القضايا الثنائية على جدول أعمالنا.

وقدم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الأسبوع الماضي مبادرة لعقد اجتماع للدول المطلة على الخليج في سبتمبر المقبل في نيويورك. حيث رحب عبد اللهيان بهذه المبادرة، وأكّد أنّ طهران طرحت مبادرة لتشكيل منتدى إقليمي للحوار والتعاون، مضيفاً أنها سترسل نُسَخاً عنها إلى الدول المعنية.

وشدد الوزير الإيراني على “إيجاد آلية مشتركة للحوار والتعاون بين جميع الدول المطلة على المياه الخليجية”، مؤكداً أنه “أمر ضروريّ أكثر من أي وقتٍ مضى”.

ما هي مبادرة الأمم المتحدة؟

تستند مبادرة الأمين العام للأمم المتحدة إلى الفقرة 8 من قرار مجلس الأمن الدولي رقم 598 الذي تمت الموافقة عليه في 18 يونيو 1988، والذي يؤكد على وجود منتدى وتعاون بين دول منطقة الخليج الثمانية لمنع التوتر والخلافات بين هذه الدول وزيادة مستويات التعاون، وهو في الواقع نوع من الوقاية من حرب أخرى في المنطقة.

إن إعادة تصور هذه المبادرة في مشهد إقليمي جديد تعكس الأجواء التي نشأت بين الجهات المتنافسة بعد خفض التصعيد على نطاق واسع في الشرق الأوسط. ونظراً لطبيعة سلوك الجهات الفاعلة، وخاصة الحكومات العربية المطلة على الخليج، فقد تم اقتراح هذه المبادرة للارتقاء في العنصر الاقتصادي والتجاري لهذه البلدان في السنوات المقبلة.

قيود وموانع

تعيق العديد من القيود المضي قدماً في هذه المبادرة دون أي عثرات، ولعلّ مسألة الافتقار إلى هيئة وسيطة محايدة تتمتع بسلطة فعالة لخلق عملية تقارب في المنطقة تترأس هذه القيود الهيكلية. فجهة ما، مثل منظمة إقليمية ذات وظائف وأنظمة رقابة فعالة يمكنها أن تجمع بين الجهات الفاعلة ذات المصالح المتضاربة حول أرضية مشتركة.

وفي البال، لم تسهم تجربة تشكيل مجلس التعاون الخليجي رغم العديد من القواسم المشتركة التي تشترك فيها الدول العربية الست في الخليج في دفع المنطقة نحو التنظيم الإقليمي الخالي من التوترات، وقد يكون “حصار قطر” عام 2017 خير دليل على ذلك.

ويندرج القيد الثاني في هذه العملية من زاوية المفاهيم الأمنية والتعاون في تأمين مصالح الجهات الفاعلة المطلة على الخليج. فإيران مثلاً تظهر للجميع مدى حدودها الأمنية وعلاقاتها مع دول المنطقة، لكن الإمارات والبحرين وحتى السعودية، على الرغم من الاختلافات بين وجهات نظرها، تعرّف أمنها وتعاونها على أساس الاتفاقات الثنائية مع لاعب إقليمي مثل “إسرائيل” أو من خلال التحالفات والتفاهمات مع القوى العظمى.

بالإضافة إلى ذلك، لا تزال هناك عوامل مثل حجم المنطقة والتعداد السكاني والقدرة العسكرية، والأهم من ذلك، التصورات القائمة على التهديدات بين هذه الجهات الفاعلة من قبل إيران ودور التدخل الذي تلعبه في المنطقة.

وتمثّل أجواء الصراع الإقليمي وسيولة وديناميات التطورات التي لها تحالفات ثنائية ومتعددة الأطراف مطبّاً آخر أمام مبادرة الأمم المتحدة هذه، فإن تشكيل مثل هذه المبادرات يمكن أن يحد من دور بعض الحكومات التي تسعى إلى مصالحها وسط المنافسة وتضارب المصالح.

تُظهر المتغيرات السريعة والجذرية في أدوار المنطقة، كوجود الولايات المتحدة في ترتيبات الأمن الإقليمي، وكذلك متغير المنافسة بين الصين وأمريكا، خاصة بعد دور بكين الجاد في العلاقات الخليجية، أنه من الممكن وضع الخليج في مركز تنافس القوى العظمى في السنوات المقبلة أكثر من أي وقت مضى، علماً أن واشنطن رحبت بفكرة التعاون الإقليمي لتهدئة التوترات، إلا أنها لن تكون أبدًا مستعدة للتخلي عن حلفائها العرب لصالح إيران والصين وروسيا وإنشاء منطقة خالية من الوجود الأمريكي.

لذلك فإن هذا المشروع والمبادرة بعيدة كل البعد عن أن تصبح إنجازًا تنفيذيًا، إلا أن عقدها سيضع الدول الثمانية المطلة على الخليج أمام اختبار جديد، ويكشف مدى تجاوزهم الشعارات والمجاملات وصدق قراءتهم لواقعية التغيرات ومدى استعدادهم لخوض محادثات حقيقية وتحديد سبل التعاون لمواجهة التحديات والعراقيل.

ستضع مدينة نيويورك القيمة العملية لهذه المبادرة على المحك في سبتمبر المقبل.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

20 − 16 =

زر الذهاب إلى الأعلى