تحتاج لنفط السعودية وموقع إيران.. الصين تسير بحذر على حبل مشدود
تجد الصين نفسها في حالة توازن حساس، ممزقة بين تلبية احتياجاتها من الطاقة على المدى القصير من السعودية وتحقيق مصالحها الاستراتيجية طويلة الأجل مع إيران.
ميدل ايست نيوز: تجد الصين نفسها في حالة توازن حساس، ممزقة بين تلبية احتياجاتها من الطاقة على المدى القصير من السعودية وتحقيق مصالحها الاستراتيجية طويلة الأجل مع إيران عبر الاستفادة من موقعها المتميز على مسار مبادرة الحزام والطريق الصينية، بحسب أميت كومار وإيناس واترين في تحليل بمركز “أوراسيا ريفيو” للأبحاث (Eurasia review).
وبوساطة الصين، وقَّعت السعودية وإيران في 10 مارس/ آذار الماضي اتفاقا استأنفا بموجبه علاقتهما الدبلوماسية، ما أنهى قطيعة استمرت 7 سنوات بين بلدين يقول مراقبون إن تنافسهما على النفوذ على مدى عقود أجج العديد في الصراعات في أنحاء المنطقة.
وقال كومار وإيناس إن “التوازن الصيني بين السعودية وإيران، يتطلب الإبحار بعناية، حيث تسعى الصين إلى تأمين مواردها من الطاقة من السعودية وفي الوقت نفسه بناء والحفاظ على علاقات إيجابية مع إيران، بالنظر إلى الموقع الاستراتيجي للبلاد على مسار مبادرة الحزام والطريق الصينية (للتجارة بين دول عديدة) في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”.
ورجحا أنه “مع انسحاب الولايات المتحدة والقوى الغربية، ستواجه الصين تحديات متزايدة في الحفاظ على توازن محايد بين مصالحها الاقتصادية المباشرة في الرياض ومخاوفها الاستراتيجية طويلة المدى فيما يتعلق بالعلاقات الإيجابية مع طهران”.
ويقول مراقبون إن الشرق الأوسط تراجع في أولويات الولايات المتحدة لصالح مواجهة نفوذ الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ بشرق آسيا والتصدي لغزو روسيا المتواصل لجارتها أوكرانيا منذ 24 فبراير/ شباط 2022.
الطاقة المتجددة
و”يتأثر التوازن الدقيق الذي يتعين على الصين تحقيقه بين السعودية وإيران بالديناميات المتغيرة للسياسة الخارجية لبكين فيما يتعلق بالطاقة، لا سيما في سياق التحول العالمي للطاقة”، وفقا لكومار وإيناس.
وأوضحا أن “خطط الصين الطموحة، الموضحة في خطتها الخمسية الرابعة عشرة ورؤية الصين 2035، تعطي الأولوية لتطوير قدرات الطاقة المتجددة، مما يشير إلى انخفاض كبير في دور واردات النفط في مشهد الطاقة المستقبلي”.
وتابعا: “مع تضاؤل الاعتماد على الطاقة تدريجيا، تستعد الصين لتحويل تركيزها نحو التجارة عبر القارات واتصال البنية التحتية، ولذلك فإن دمج إيران في خطط مبادرة الحزام والطريق أمر بالغ الأهمية بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي”.
واعتبر كومار وإيناس أن “الصين تخاطر بتعريض مشاريع البنية التحتية الاستراتيجية طويلة الأجل مع إيران، الحليف الرئيسي، للخطر مقابل مكاسب اقتصادية قصيرة الأجل مع السعودية، الصديق الجديد”.
وأضافا أيضا أنه “من خلال تطوير التبعيات النفطية مع المصدرين المحليين، تخاطر بكين بتعزيز النفوذ الاستراتيجي الذي يمارسونه وقد يستغلونه لإجبارها على العمل ضد أهدافها الاستراتيجية طويلة الأجل، لا سيما فيما يتعلق بعلاقتها الخاصة مع طهران، لذلك على الصين تكثيف جهودها لتعزيز قدراتها في مجال الطاقة لمنع نفط الشرق الأوسط من تقويض مبادراتها الاستراتيجية العالمية”.
وأردفا أنه “بدلا من ذلك، ومن خلال إعطاء الأولوية لتوسيع مشاريع اتصال البنية التحتية مثل مبادرة الحزام والطريق، يمكن للصين أن تعزز موقفا أكثر مرونة في علاقتها الثلاثية نغ إيران والسعودية، وتحمي نفسها من التشابكات التي مرت بها القوى الأخرى بسبب الجغرافيا السياسية التي مزقتها الصراعات في المنطقة”.
تعقيدات الشرق الأوسط
و”على الرغم من أهميته من حيث توسيع نفوذ الصين والمناورات الدبلوماسية السعودية، فمن غير المرجح، وفقا لكومار وإيناس، أن “يؤدي اتفاق طهران والرياض إلى تراجع كبير في نفود الولايات المتحدة في الشرق الأوسط”.
وزادا بأن “الاتفاق يواجه تحديات متأصلة في حل التوترات الإقليمية الطويلة الأمد بشكل كامل، وقد لا يؤدي إلى تغييرات كبيرة فيما يتعلق بطموحات إيران النووية، وهي مصدر قلق رئيسي للسعودية والولايات المتحدة وإسرائيل”.
وتمتلك إسرائيل ترسانة نووية لم تعلن عنها رسميا وغير خاضعة للرقابة الدولية، وتتهم تل أبيب والرياض وواشنطن طهران بالسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تقول الأخيرة إن برنامجها النووي مصمم للأغراض السلمية، بما فيها توليد الكهرباء.
و”علاوة على ذلك، فإن الاتفاق نفسه ليس محصنا ضد التحديات المحتملة والنكسات الدبلوماسية، بالنظر إلى التوازن الدقيق للصين بين احتياجاتها من الطاقة قصيرة الأجل مع السعودية ومصالحها الاستراتيجية طويلة الأجل مع إيران”، بحسب كومار وإيناس.
وقالا إن “التعقيدات في منطقة الشرق الأوسط والديناميكيات دائمة التطور تتطلب مراقبة دقيقة لتنفيذ الصفقة وآثارها طويلة المدى، ويبقى أن نرى كيف ستنجح الصين في تحقيق أهدافها المزدوجة والسعي لتأمين موارد الطاقة وتعزيز العلاقات الإيجابية مع السعودية مع الحفاظ على علاقاتها الاستراتيجية مع إيران”.
وختما بأن “فعالية واستدامة مشاركة الصين في المنطقة، فضلا عن قدرتها على معالجة الديناميكيات السياسية والأمنية والاقتصادية المعقدة بفعالية، ستلعب دورا حاسما في تشكيل المشهد المستقبلي للشرق الأوسط وتوازن القوى داخله”.