من الصحافة الإيرانية: هل سترسل روسيا مقاتلات “سوخوي 35” إلى إيران؟

بالنسبة للروس، فإن توفير الذخيرة والمعدات العسكرية في الحرب، بما في ذلك التعاون العسكري مع إيران، هو أمر مصيري لا يمكنهم التخلي عنه.

ميدل ايست نيوز: مر ما يقرب من 9 أشهر على تصريحات قائد القوات الجوية الإيرانية بشأن إدراج شراء مقاتلات سوخوي 35 الروسية على جدول أعمال هذه القوى، إلا أن إيران لم تتلق أي طائرة إلى الآن. ورغم جدية المصادر الرسمية ووسائل الإعلام وإعلانها المستمر عن قرب موعد استلام إيران لهذه المقاتلات، إلا أن هذه الإعلانات لا تزال حبراً على ورق.

وبحسب صحيفة دنياي اقتصاد، أشار أمير حميد واحدي، مؤخراً إلى مسألة شراء مقاتلات سوخوي 35 من روسيا وأكد أن قوات البلاد الجوية بحاجة إلى هذه المقاتلة “إلا أننا لا نعرف متى ستدخل سربنا، فهذا الأمر مرتبط بقرارات كبار المسؤولين في إيران”.

ورأى المسؤول العسكري أن شراء طائرة جديدة يستوجب على طياريها تلقي تدريبات من الدولة المصنعة، ليقوم الطيارون الرئيسيون بتدريب الأجيال القادمة.

وأثارت بعض الأنباء المستجدة العديد من التساؤلات حول مصير الصفقة الإيرانية الروسية والتكهنات حول استلام سوخوي 35 في المستقبل القريب، حيث زعم موقع “العربي الجديد” نقلاً عن القناة 12 الإسرائيلية، “أن تل أبيب توصلت إلى تفاهمات مع موسكو تمتنع الأخيرة بموجبها عن تزويد طهران بأسلحة”.

وأوضحت القناة “أن إسرائيل قلقة حيال احتمال تزويد روسيا لإيران بطائرات حربية مقاتلة ومنظومات دفاع جوية، مقابل ما تحصل عليه موسكو من مسيّرات إيرانية تستخدمها في حربها ضد أوكرانيا”. فالسؤال المطروح الآن هو ما إذا كانت روسيا المتورطة في حرب أوكرانيا والمعتمدة عسكرياً على إيران ستتوقف ببساطة عن إرسال طائرة سوخوي 35 إلى طهران بناءً على تفاهم ما مع إسرائيل؟

ويرى بعض المحللين أن العلاقات بين إسرائيل وروسيا تتأثر بالعلاقات الشخصية بين نتنياهو وبوتين، أي مثل العلاقات بين تركيا وروسيا، والتي تتأثر بالعلاقات الوثيقة بين بوتين وأردوغان. ووفقًا لهؤلاء، ربما يكون بوتين قد قرر تسليم سوخوي إلى إيران قريبًا، لكن ربما تكون العلاقات بين تل أبيب وموسكو قد أخرت هذا القرار.

لتحليل العلاقات بين روسيا وإسرائيل، يجب أن ننظر إلى العلاقات بين تل أبيب وواشنطن. فقبل الوجود العسكري الروسي في سوريا، طرح نتنياهو هذه الفرضية القائلة بأن العلاقات بين أمريكا وإسرائيل قوية لدرجة أنهما إذا تواصلتا مع روسيا، فلن يكون هناك أي ضرر لهذه العلاقات.

وفي الوقت الذي أثار فيه رئيس وزراء إسرائيل هذه الأطروحة، اعتبرت حركة المعارضة الإسرائيلية، اليسار العلماني، أن العلاقات بين تل أبيب وواشنطن غير مضمونة وأن نهج إسرائيل تجاه روسيا سيلحق الضرر بعلاقاتها مع أمريكا. لكن مع مرور الوقت، أتضح أن نظرية نتنياهو كانت صحيحة.

حاول الإسرائيلي تبني نهج محايد في حرب روسيا ضد أوكرانيا، مثل الهند والسعودية، نظراً لحاجة تل أبيب الماسة إلى بعض التعاون مع موسكو. في حين برز دور الأخيرة في سوريا بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وهو بلد تتواجد فيه إيران بكثافة برفقة أهم أركان المقاومة (حزب الله)، حيث حاولت تل أبيب لعب دور في هذه النقطة المحورية.

هذه الحقائق توضح النهج المحايد الذي اتخذته هذه الدول في حرب روسيا ضد أوكرانيا. لكن مع ازدياد مناخ الحرب ثنائي القطب، بدى بكل وضوح مدى صعوبة مواصلة تل أبيب لنهجها المحايد هذا، نظراً لاعتمادها في شتى الأصعدى على الكتلة الغربية، من التجهيزات العسكرية إلى المساعدات السنوية.

ووضعت القطبية الثنائية في الحرب الجارية إسرائيل بين مفترق طرق، إما أمريكا أو روسيا. فعلى وقع هذا الأمر توجب على تل أبيب إجراء تغييرات عدة في أنماطها السلوكية التفاعلية. كانت في الغالب تغييرات تكتيكية عقب الضغط الأمريكي المكثف عليها، وسرعان ما انتقلت إسرائيل على إثرها من الحياد إلى الموقف التكتيكي لصالح الأوكرانيين.

في الواقع، أصبحت حالة التعاون بين موسكو وتل أبيب هشة للغاية بحيث لن تتمكن من الاستمرار عند مستويات مهمة في ظل الظروف الحالية. لذا، من غير المرجح أن ترفض روسيا إعطاء معدات متطورة لإيران بسبب تفاهماتها مع إسرائيل، لأن الروس على نقيض ما يراه الرأي العام، أصبحوا أكثر اعتمادًا على إيران نظراً لتكاليف حربهم الباهظة ضد كييف.

إذن، بالنسبة للروس، فإن توفير الذخيرة والمعدات العسكرية في الحرب، بما في ذلك التعاون العسكري مع إيران، هو أمر مصيري ولا يمكنهم التخلي عنه.

بطبيعة الحال، إن محاولة الروس الحفاظ على التوازن في علاقاتها بين طهران وتل أبيب في ظل هذه الأوضاع أمر صعب للغاية نظراً للضغوط التي تتعرض لها من قبل إيران وإسرائيل على حد سواء. ولكن قد تؤدي حاجتها إلى المساعدة العسكرية الإيرانية إلى إبداء بعض المرونة والانحياز نحو أحد الأطراف.

وصحيح أن إرسال إسرائيل لمعدات دفاعية مضادة للطائرات اليوم إلى أوكرانيا يمثل كابوسًا لروسيا، ولكن اعتماد الأخيرة العسكري على طهران سيدفعها إلى التخلي عن الصديق القديم إسرائيل خوفاً من خسارة الجانب الإيراني.

لكن يبقى السؤال هنا، ما الجديد الذي سيطرأ على صفقة تسليم سوخوي 35 لإيران في ظل هذا الصخب السياسي العسكري الذي يسيطر على المنطقة؟ إذ يبدو من حاجة روسيا الشديدة لإيران أن إرسال هذه الطائرات أمر حتمي لكن قد يستغرق بعض الوقت.

 

قد يعجبك

من الصحافة الإيرانية: كيف تؤثر صفقة مقاتلات “سوخوي 35” الروسية على المفاوضات النووية؟

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة × خمسة =

زر الذهاب إلى الأعلى