من الصحافة الإيرانية: لماذا الانضمام إلى منظمة شنغهاي هام بالنسبة للمشاكل الداخلية في البلاد؟

إذا نظرنا إلى دخول إيران إلى منظمة شنغهاي للتعاون من وجهة النظر هذه - أي من نصف الكوب الممتلئ - فهو ليس مهمًا فحسب، بل يمكن اعتباره أحد نقاط التحول في السنوات الأربعين الماضية لإيران.

ميدل ايست نيوز: حصدت إيران بعد سنوات من الجهود والمشاورات عضويتها في منظمة شنغهاي للتعاون لتصبح عضواً رسمياً في هذه المنظمة الدولية في 4 يوليو الجاري، وهو حدث هام للغاية يجب اعتباره فأل خير لدولة تنضم لإحدى أقوى التكتلات الإقليمية والدولية بعد 40 عاماً.

خلقت هذه العضوية سوء تفاهم لدى بعض الأحزاب السياسية في طهران، حيث ذكر العديد من الأشخاص الذين ينسبون للتيار الأصولي، في اليوم التالي لانضمام إيران لشنغهاي، أن إيران استطاعت دخول هذه المنظمة بدون الحاجة لتوقيع الاتفاق النووي أو الخروج من قائمة “فاتف” السوداء، فيما فضّل نزر يسير من الساسة ووسائل الإعلام الإصلاحية أن يمروا مرور الكرام وأن لا يتطرقوا إلى هذا الحدث المهم بتاتاً. بينما يبدو أن أياً من هذه التيارات لم يفهم الحقيقة المهمة وراء هذه العضوية، بل اكتفوا بالنظر إلى النصف الفارغ من الكأس.

قبل أن نناقش قضية انضمام إيران إلى منظمة شنغهاي، من الأفضل أن نشير إلى نقطتين مهمتين بخصوص هذه المنظمة: الأولى هي النظام الأساسي لهذه المنظمة. فكل منظمة لديها قانون يقوم على أساسه بوصف روابطها الداخلية والخارجية، ويجب على كل عضو الالتزام بهذا النظام الأساسي.

ووفقًا للنظام الأساسي لمنظمة شنغهاي المسجل في الأمم المتحدة والذي استشهد به رضا نصري (خبير في القانون الدولي) يجب على أعضاء هذه المنظمة اعتبار أنفسهم ملتزمين بقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن.

وبناء على أحد البنود الأساسية لهذه المنظمة، لا ينبغي أن يكون أي من أعضاء هذه المنظمة خاضع لعقوبات من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وبذا، يجب على أعضاء هذه المنظمة توخي الحذر من هذا الأمر كي لا يتم تشكيل ملف بحقهم من قبل مجلس الأمن ويتعرضوا لخطر العقوبات.

صحيح أن دولتين من الدول الخمس الأعضاء في منظمة شنغهاي عضوان دائمان في مجلس الأمن ويمتلكان حق الفيتو، إلا أن هذا لا يجعل الخطوة هذه محفوفة بالمخاطر. بالتالي، فإن العضوية في هذه المنظمة تضع إيران في إطار القواعد الدولية وتجعلها تدخل لعبة دولية قائمة على القواعد، وليست مجازفة من قبل أعضاء شنغهاي.

النقطة الثانية، بالمرور على موقع منظمة شنغهاي للتعاون، يمكننا أن نرى أن هذه المنظمة لديها أكثر من 10 اتفاقيات مع الأمم المتحدة، والتي تلتزم بمكافحة الجرائم الدولية، بما في ذلك المساعدات للإرهاب الدولي سواء كانت مساعدات مالية أو مساعدات نقدية، والالتزام بالتزامات مكافحة غسيل الأموال التي تساهم في مجابهة الجرائم الدولية مثل الإرهاب أو المخدرات.

وعلى ضوء ما سلف، يجب اعتبار انضمام إيران إلى منظمة شنغهاي أمرًا مهمًا للغاية لا سيما وأن إحدى المشاكل والمعضلات المعقدة لإيران في الفترات الماضية كانت عدم امتلاكها عضوية في الاتفاقيات الإقليمية والدولية – باستثناء الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها – أو عدم الالتزام باتفاقيات عالمية مهمة، فمن وقت لآخر، عندما كانت إيران تنضم إلى مواثيق إحدى المعاهدات الدولية المهمة مثل مجموعة العمل المالي (فاتف)، كانت تواجه معارضة شديدة وفعالة من قبل التيارات السياسية المحلية.

والآن، سواء شاءت إيران أم أبت، فهي ملزمة باتفاق لا يمكن الانسحاب منه بحجة العوامل السياسية. على رغم الطابع الشرقي الذي ساعد في دخول طهران في هذه المنظمة، لكن من لا يعلم أن جميع أعضاء هذه المنظمة، سواء أكانوا رسميين أم مراقبين أم شركاء حوار، جميعهم يعملون في إطار القواعد الدولية وليسوا على القائمة السوداء، على الأقل من وجهة نظر مجموعة العمل المالي.

لذا، إذا نظرنا إلى دخول إيران إلى منظمة شنغهاي للتعاون من وجهة النظر هذه – أي من نصف الكوب الممتلئ – فهو ليس مهمًا فحسب، بل يمكن اعتباره أحد نقاط التحول في السنوات الأربعين الماضية لإيران.

 

منصور بيطرف
صحفي إيراني مقيم في تركيا

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

13 − 1 =

زر الذهاب إلى الأعلى