بعد الصين حان دور روسيا.. البيان الروسي الخليجي يثير ضجة في إيران وانتقادات واسعة للحكومة

تصدّر البيان المشترك لمجلس التعاون وروسيا الداعم لموقف الإمارات من الجزر الثلاث الإيرانية عناوين الصحف ووسائل الإعلام في إيران.

ميدل ايست نيوز: تصدّر البيان المشترك لمجلس التعاون وروسيا الداعم لموقف الإمارات من الجزر الثلاث الإيرانية عناوين الصحف ووسائل الإعلام في إيران.

كانت هذه القضية المحور الرئيسي في معظم الصحف الرسمية الإيرانية المعروفة بنقدها للحكومة، حيث قامت بتحليل ونقد هذه البيان في صيغ إخبارية مختلفة، فيما التزمت معظم الصحف الموالية للحكومة الصمت حيال هذا الأمر، واكتفى بعضها بإعادة نشر مواقف وتصريحات المتحدث باسم وزارة الخارجية في هذا الشأن.

وفي هذه الأثناء، كتبت صحيفة “هم ميهن” الإصلاحية: “بعد الصين، حان دور روسيا اليوم لدعم مواقف مجلس التعاون الخليجي بشأن جزر إيران الثلاث، لتتجاهل بشكل تام مصالحها المشتركة مع إيران. فنظراً للتقارب الإيراني الروسي، كان من المتوقع ألا تشكك موسكو بوحدة أراضي إيران”.

وأضافت هذه الصحيفة أن الجزر الإيرانية الثلاث جزء لا يتجزأ من أراضي إيران، وبموجب القانون والأعراف الدولية، فإن أي مفاوضات أو تحكيم دولي بشأن وحدة أراضي الدول يعد مخالفًا للقانون الدولي. تطالب الإمارات العربية المتحدة بالجزر الإيرانية منذ تأسسها عام 1971 علماً أن هذه الجزر كانت تحت حكم إيران منذ قرون، وفي العصر الجديد كانت بريطانيا هي التي احتلت هذه الجزر بعد أن سيطرت على منطقة الخليج، ومع انسحاب القوات البريطانية عام 1971، تمكنت إيران من استعادة السيطرة على جزرها.

كما أكدت جريدة “شرق” في تقرير لها أنه في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا وتدهور الأوضاع السياسية والدبلوماسية وخاصة الأمنية والاقتصادية والتجارية في روسيا، فإن موسكو وبوتين بحاجة ماسة إلى تعميق العلاقات مع دول الخليج أكثر مما كانت عليه في الماضي.

وبحسب شرق، فإن الكرملين بالتأكيد لا يقتصر على العلاقات السياسية والدبلوماسية مع طهران. لأنه من وجهة نظر هذه الجريدة، فإن العلاقات بين إيران وروسيا كدولتين خاضعتين للعقوبات لا تعود بفوائد تجارية كبيرة على الروس.

من خلال هذه القراءة للمعطيات، يرى كاتب هذه المقالة أن بوتين ولافروف ومسؤولين روس آخرين سيقبلون بسهولة استضافة اجتماع مشترك مع أعضاء مجلس التعاون في روسيا، والتي تعتبر محاولة لفك العزلة عن السياسة الخارجية لروسيا بعد حرب أوكرانيا، ومن ناحية أخرى، يمكن أن تؤدي إلى تعزيز العلاقات التجارية وتحسين الوضع المتأزم في روسيا.

وذكر أيضاً أنه من المسلم به أن روسيا من أجل حماية مصالحها الوطنية ستقبل بسهولة بل وتوقع أيضاً البيان المشترك مع أعضاء مجلس التعاون الخليجي للمطالبة بالجزر الثلاث من إيران”.

تؤكد صحيفة “شرق” أن الكرملين ليس حليفًا استراتيجيًا ولا شريكًا استراتيجيًا موثوقًا به؛ لأن موسكو أثبتت مرات عديدة أنها تستطيع تجاوز التعاون التكتيكي القائم على مصالحها الوطنية وأحيانًا تتخذ خطوات مختلفة بل وتتعارض أيضاً مع مصالح الجهات الفاعلة الأخرى.

وكتبت صحيفة “دنياي اقتصاد” هي الأخرى: “يجب علينا تحديث استراتيجياتنا والتكيف مع الظروف الجديدة فيما يتعلق بالمجال الإقليمي. فقضية حساسة مثل الجزر الثلاث، والتي كانت نقطة خلاف بين إيران والإمارات ودول أخرى أعضاء في مجلس التعاون الخليجي، ستتحول من قضية إقليمية إلى قضية بين قوى كبرى مع دخول روسيا والصين على خط المواجهة. وعلى وقع هذه التطورات التي تتصاعد فيها ديناميكيات المنطقة إلى مستوى غير مسبوق، يجب على إيران أيضًا أن تدخل الساحة بسياسات جديدة حتى لا تتخلف عن الركب”.

من جانبه، حميد أبو طالبي، وهو مستشار سابق لروحاني، علق على هذا الموضوع عبر تغريدة على توتير حملت عنوان “الاستشراق المتطرف والسيادة الوطنية” وقال: “بعد الضربة التي وجهتها الصين لسيادة إيران الوطنية منذ أشهر بشأن هذه الجزر، ومحاولتها خفض التوتر بالوساطة بين إيران والسعودية وإعطاء ضمانات في العلاقات، لم يكن هذا الموقف مستبعدًا أيضاً من روسيا، التي ارتكبت خيانات لعقود طويلة لا تُغتفر ضد الشعب الإيراني ناهيك عن تقسيم أجزاء مهمة من البلاد”.

يضيف أبو طالبي: “ورغم السياسية العدائية التي تبنتها موسكو مع إيران، فقد خسرنا فرصة إحياء الاتفاق النووي بسبب الحيل الروسية، ووقعنا في فخ حربها مع أوكرانيا لنحقق بذلك رغبتها القيصرية ونحررها من عزلة العقوبات العالمية ونظهر لهم سبل تجنب هذه العقوبات لتأتي هي في نهاية المطاف لتقدم صفعة أخرى لسيادتنا الوطنية!”

واحتجاجا على البيان الروسي الخليجي المشترك، استدعت إيران اليوم الأربعاء السفير الروسي في بلادها إلى وزارة الخارجية.

ويوم أمس، رفض المتحدث باسم وزارة الخارجية المزاعم الأخيرة الواردة في البيان المشترك لمجلس التعاون الخليجي وروسيا وقال: إن الجزر الثلاث أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى تعود الى ايران إلى الأبد ومثل هذه التصريحات يتعارض مع العلاقات الودية بين إيران وجيرانها قائلا: هذه الجزر تابعة لإيران وإصدار مثل هذه التصريحات يتعارض مع العلاقات الودية بين إيران وجيرانها.

وأضاف المتحدث باسم وزارة الخارجية: إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، اذ تؤكد على استمرار سياسة حسن الجوار والاحترام المتبادل، تعتبر تحقيق تنمية المنطقة واستقرارها مسؤولية جماعية لدول المنطقة.

واستضافت روسيا، الاثنين، الاجتماع الوزاري المشترك السادس للحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون الخليجي وموسكو، بهدف “زيادة التعاون المشترك”، و”تبادل وجهات النظر بشأن عدد من الملفات الإقليمية والدولية”.

وأعلن مجلس التعاون الخليجي وروسيا، الاثنين، في بيان مشترك، خطة عمل مشتركة للفترة 2023-2028، فيما ناقش وزراء الخارجية من الطرفين خلال الحوار الاستراتيجي السادس، العديد من القضايا والملفات الإقليمية والدولية، إلى جانب تعزيز الشراكة الثنائية بين المجلس وموسكو.

وناقش الوزراء عدداً من القضايا، شملت القضية الفلسطينية والصراع في السودان واليمن، وسلامة الأراضي السورية، واتفاق عودة العلاقات بين الرياض وطهران، وسيادة الكويت، وسبل عودة الاستقرار في ليبيا، والأمن الغذائي العالمي، واستقرار أسواق الطاقة، وسبل مكافحة الإرهاب.

ورحب الوزراء باتفاق السعودية وإيران بوساطة سلطنة عمان والعراق والصين، الذي تضمن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، آملين أن يشكل هذا الاتفاق خطوة إيجابية لحل الخلافات وإنهاء النزاعات الإقليمية كافة بالحوار والطرق الدبلوماسية.

وأكدوا أيضاً على أهمية أن تقوم العلاقات بين الدول على أسس التفاهم، والاحترام المتبادل، وحسن الجوار، واحترام السيادة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والالتزام بميثاق الأمم المتحدة والقوانين والأعراف الدولية، مشيرين إلى دعم بلادهم لخفض التصعيد وإجراءات بناء الثقة بين دول المنطقة، من أجل تعزيز وضمان الأمن في هذه المنطقة ذات الأهمية الاستراتيجية.

كما شددوا على أهمية الحفاظ على الأمن البحري، وأمن الممرات المائية في المنطقة، والتصدي للتهديدات التي تطال خطوط الملاحة البحرية، والتجارة الدولية، والمنشآت النفطية في دول مجلس التعاون.

وأكدوا أيضاً دعمهم لكافة الجهود السلمية، بما فيها مبادرة الإمارات ومساعيها للتوصل إلى حل سلمي لقضية الجزر الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، وذلك من خلال المفاوضات الثنائية أو محكمة العدل الدولية، وفقاً لقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، لحل هذه القضية وفقاً للشرعية الدولية.

 

كيف تستخدم روسيا علاقاتها مع إيران لمحاصرة النفوذ الأميركي في المنطقة العربية؟

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 × ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى