إيران.. اختراق سقوف أسعار الدجاج في ظل نقص تمويل استيراد الأعلاف

تستمر كميات الدجاج في إيران بالتناقص والانخفاض وسط اختراق غير منطقي لسقوف الأسعار.

ميدل ايست نيوز: تستمر كميات الدجاج في إيران بالتناقص والانخفاض وسط اختراق غير منطقي لسقوف الأسعار، ليصل سعر كيلوغرام الواحد من هذه السلعة البروتينية إلى 100 ألف تومان في أسواق العاصمة وهو ما يشكل رقماً قياسياً في سعر هذا المنتج.

وبحسب صحيفة فرهيختكان، بدأت أحداث الغلاء في سوق الدجاج الإيرانية منذ حوالي 4-5 أشهر، ورغم الوعود التي قطعتها السلطات الحكومية والإجراءات العديدة التي نفذتها، إلا أنها لم تخفف من وطأة الأزمة هذه.

يرى العديد من النشطاء في هذه الصناعة أن أهم سبب لتقلبات سوق الدجاج هو مشاكل البنية التحتية، لا سيما سوء الإدارة والتخطيط لدى مديري وزارة الجهاد الزراعي في توفير الأرضية الخصبة التي تحتاجها هذه الصناعة. ولعلّ أهم هذه الخطط العشوائية هو الافتقار إلى إمدادات كافية في الوقت المناسب من مدخلات الثروة الحيوانية.

يستخدم المزارعون عادة أربعة مدخلات لتوفير الأعلاف للماشية والدواجن كأهم الأطعمة لهذه الكائنات والتي تشمل فول الصويا ودقيق الصويا والذرة والشوفان. وقد حذر نشطاء قطاع الدجاج في فبراير المنصرم من نقص كبير في هذه المواد، خاصةً دقيق الصويا، وهي إحدى الأعلاف الرئيسية للدواجن.

وكان ناصر نبي بور (رئيس مجلس إدارة نقابة الدجاج البياض في طهران) قد أعلن في فبراير من هذا العام، أن ظروف سوق الدجاج في البلاد غير مواتية.

وبحسب ادعاء هذا المسؤول، فقد تلقى مستوردو دقيق الصويا (كعكة العصر) الأموال اللازمة، لكن لم ترد إلى الآن أنباء تفيد بإجراء عمليات الاستيراد، الأمر الذي أدى إلى ازدهار السوق الحرة والسوق السوداء لهذا المنتج. فبينما كان السعر المعتمد لكل كيلوغرام من دقيق الصويا في ذلك الوقت 16300 تومان، يتم اليوم بيع هذا المنتج في السوق الحرة أو السوق السوداء مقابل 25000 تومان للكيلو الواحد، مما أجبر مزارعي الدواجن على توفير هذا المنتج بأي طريقة ممكنة لمنع فقدان دجاجهم، لكن بمرور الوقت وبعد أن قدّم هؤلاء المزارعون أموالهم للمستوردين، لم يعد بإمكانهم توفير هذا المنتج من السوق الحرة.

وفي أواسط فبراير قدم حبيب أسد الله نجاد، الرئيس التنفيذي لاتحاد مزارعي اللحوم والدواجن في إيران استقالته من منصبه بسبب أزمة الدجاج في أسواق البلاد.

والمثير في الأمر أنه قبل تأزم أوضاع هذا السوق، قامت وزارة الزراعة، في خطوة غريبة، بحظر استيراد دقيق الصويا بهدف توفير النقد الأجنبي لاستيراد البذور الزيتية، مما تسبب في نقص هذا المنتج في السوق.

وأظهر تحليل إحصاءات استيراد مدخلات الثروة الحيوانية أنه على الرغم من الزيادة في استيراد فول الصويا والشعير والذرة، فقد انخفض استيراد دقيق الصويا بشكل ملحوظ، بحيث أنه خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 1402 الإيراني (المنقضي في 20 مارس 2023)، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، انخفض استيراد هذا المنتج إلى حد كبير من حيث الوزن بنسبة 78٪ ومن حيث القيمة بنسبة 73٪.

ووفقاً للمعطيات المقدمة، واجهت صناعة الدواجن انخفاضًا في عمليات الفقس في مارس المنقضي، وقد أفاد نشطاء صناعة الدواجن في مايو من العام الجاري، بأن المزارعين قللوا كمية الفقس حتى لا يضطروا إلى إعدام الكتاكيت.

وتسببت هذه الإجراءات في حدوث تضارب بين العرض والطلب في السوق الذي واجه بعدها نقصاً في لحوم الدجاج وارتفاعاً مروعاً في أسعارها. وقد أجبر هذا الشح في هذه السلعة الحيوية الحكومة على استيراد البيض المخصب.

وفي أواخر مايو من العام الجاري، أعلن أمين اتحاد الصيصان ذات اليوم الواحد في إيران أنه تم استيراد نحو مليوني بيضة مخصبة من تركيا ووضعها للتفقيس، وهو عدد لا يعد كبيرًا مقارنة بالإنتاج المحلي البالغ 165 مليون و600 ألف بيضة مخصبة.

إذن، على الرغم من تداعيات الأزمة الاقتصادية على البلاد، إلا أنها لا تعد السبب الوحيد والرئيسي لتأزم سوق الدجاج في إيران. فقد اعتبر ناشطو هذه الصناعة التسعير الإلزامي وتكاليف الإنتاج المرتفعة وسوء الإدارة من أهم التحديات التي تقف عائقاً أمام سلعة البروتين هذه.

وبدأت ملامح هذه الأزمة تلوح بالأفق عندما تم إلغاء سعر صرف العملة المدعوم. فشهر أبريل 2023 خاصة كان ذروة لنقص لحوم الدواجن في الأسواق الإيرانية وهو ما نفاه البعض واعتبره الآخر عاملاً مؤقتاً.

وفي العام الماضي، أزالت الحكومة العملة المدعومة من العديد من السلع، من بينها مدخلات الإنتاج أو أعلاف الماشية والدواجن. وكانت نتيجة هذا القرار زيادة تكلفة إنتاج اللحوم والدواجن لمربي المواشي ومربي الدواجن، وأخيراً ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء، والتي تظهر توابعها اليوم.

وفي الربع الأخير من شهر مارس، تراجع الإنتاج بمقدار 20 مليون صوص بعمر يوم واحد، والتي تم بالطبع تعويضها إلى حد كبير في الأسابيع التالية، إلا أن هذا الرقم يعادل فقط 40 ألف طن من لحوم الدجاج، أي سدس الاستهلاك الشهري الإجمالي للبلاد ويكفي المستهلكين لمدة خمسة أيام، فمن البديهي أن يؤدي هذا التراجع في الإنتاج إلى نقص لحوم الدجاج في الأسواق الإيرانية.

 

(سعر الدولار في إيران: حدود 50.000 تومان)

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

16 − 13 =

زر الذهاب إلى الأعلى