تقرير: متغيرات وتطورات خط الفقر في إيران خلال العقد الماضي
أدى التضارب بين الدخل والنفقات في إيران إلى سقوط أكثر من 30٪ من سكان البلاد تحت خط الفقر في بداية القرن الإيراني الجديد.
ميدل ايست نيوز: وصل متوسط خط الفقر الوطني لأسرة إيرانية مكونة من أربعة أفراد في سبتمبر عام 2022 إلى سبعة ملايين و500 ألف تومان (150دولار) بعد أن كان في عام 2021 حوالي أربعة ملايين و500 ألف تومان. وبما أن أجور القوى العاملة في إيران لم تزد بنفس معدل تنامي الفقر، فإن الحد الأدنى للأجور المعتمدة لأسرة مكونة من 4 أفراد في عام 2022 كان 775 ألف تومان تحت خط الفقر.
أدى التضارب بين الدخل والنفقات في إيران حسبما أفادت به صحيفة “هم ميهن” إلى سقوط أكثر من 30٪ من سكان البلاد تحت خط الفقر في بداية القرن الإيراني الجديد (بدأ في عام 2021)، وهذا يعني أن ما يقرب من 25 مليونًا و500 ألف نسمة في البلاد يعانون من الفقر المدقع.
وأعلن مركز أبحاث البرلمان الإيراني خلال دراسة له أن معدل الفقر ارتفع بنسبة 11% في العقد الماضي، ووصل إلى 30.4٪ عام 2021 بعد أن كان 19.4% في عام 2011.
وذكر بحث أجرته وزارة التعاونيات والعمل والرعاية الاجتماعية في إيران، أن معدل الفقر لعام 2019 وصل إلى 32٪، وهو الأعلى خلال العقد المنصرم.
وأدى ارتفاع معدل التضخم والركود الاقتصادي والانخفاض المستمر في الدخل القومي للفرد إلى تراجع مستوى الرفاهية للأسر الإيرانية بشكل تدريجي في السنوات العشر الماضية. ففي عام 2019، كان حوالي 26.5 مليون نسمة في إيران تحت خط الفقر.
وصحيح أن معدل الفقر في المتوسط في زيادة مستمرة في عموم البقاع الإيرانية، إلا أن عدم المساواة في محافظات البلاد مرتفع للغاية أيضاً، إذ كشفت عدة دراسات استقصائية عن وجود فروقات بنسبة 50٪ في نصيب الفرد من الدخل في محافظات ومدن إيران، لدرجة وصل متوسط خط الفقر في سيستان وبلوتشستان مثلاً إلى 62% علماً أنه لم يتجاوز الـ 31% في عموم البلاد.
وقال الخبير الاقتصادي حجت الله ميرزائي، أثناء تحليله لدخل الفرد في المحافظات الإيرانية: “يعيش 85٪ من سكان البلاد في محافظات يقل دخل الفرد فيها بنسبة 50٪ عن طهران، ويعيش حوالي 40٪ من سكان البلاد في مقاطعات شهدت معدل بطالة طويل الأمد ومستقر لأكثر من 15٪ لمدة عقد على الأقل”.
وأوضح أن فجوة التنمية بين سيستان وبلوشستان وطهران مماثلة لجمهورية غانا مقارنةً بكوريا الجنوبية، وذكر أن دخل الفرد في طهران يبلغ خمسة أضعاف دخل الفرد في سيستان وبلوشستان، معتبراً أن هذه النسبة تراوحت من ثلاث إلى أربع أضعاف في المحافظات المهمشة الأخرى من البلاد.
باستثناء معدل والفجوات في خط الفقر، تظهر متغيرات الرفاهية أيضًا انخفاضًا في رفاهية الأسر الإيرانية في العقد الماضي. في حين يُعرف إجمالي نفقات الأسرة كأحد المعايير الأساسية للرفاهية في بلدان العالم.
وانخفضت نفقات الأسر في معظم سنوات العقد الماضي، باستثناء عامي 2016 و 2017، حيث كانت السنوات الثلاث، أي من 2018 إلى 2020، الأكثر تأثراً وتضرراً بالنسبة للأسر الإيرانية.
من أهم المتغيرات المستخدمة للتحقق من حالة رفاهية الأسر “معدل نفقة المواد الغذائية مقارنة مع إجمالي الدخل”. حيث تبين الزيادة في معدل نفقة المواد الغذائية مقارنةً بالنفقات الإجمالية للأسر إلى أن الأسرة قد خصصت أكبر حصة من دخلها الشهري لشراء المواد الغذائية، ما يعني أنها لم تخصص سوى القليل للنفقات الأخرى.
وانخفض استهلاك السعرات الحرارية للأسر الإيرانية بشكل مطرد في العقد الماضي (باستثناء 2016 و2017)، والأسوأ من هذا، منذ عام 2018 فصاعداً، يستهلك متوسط سكان البلاد أقل من الحد الأدنى المطلوب من السعرات الحرارية اليومية. بالتالي، حاولت الأسر في البلاد مواجهة الاتجاه المتزايد للفقر عبر تخفيضها النفقات الأخرى وتقليص كميات الطعام.
ويُظهر تحليل بيانات دخل وإنفاق الأسر في إيران أنه في عام 2019، انخفض متوسط استهلاك الدجاج بنسبة 11% واللحوم الحمراء بنسبة 52% ومنتجات الألبان بنسبة 35% والأرز بنسبة 34% مقارنة بعام 2011.
في الختام، إن زيادة معدل الفقر وانخفاض حصة النفقات الأخرى (باستثناء المواد الغذائية والسكن) لن يؤديان فقط إلى خفض تكاليف الرعاية الاجتماعية، بل يمكن أن يكون لهما عواقب وتداعيات خطيرة على الأسر لا يمكن تفاديها لتتوارثها الأجيال جيل بعد جيل. وأكبر مثال على ذلك، تراجعت حصة التعليم في إجمالي نفقات الأسر بنسبة 60٪ في العقد الماضي، حيث سيؤدي هذا إلى ارتفاع نسبة الأمية لدى الجيل القادم، فمع انخفاض رأس المال البشري والإنتاجية، فإن احتمال أن يكون أفراد هذا الجيل أكثر فقراً من الجيل السابق.
(سعر الدولار في إيران: 50.000 تومان)