من الصحافة الإيرانية: شبح أزمة صناديق التقاعد يدق ناقوس الخطر في إيران
أكد وزير الاقتصاد الإيراني خلال استعراضه البيانات والإجراءات الاقتصادية الحكومية أن عجز صناديق التقاعد في البلاد وصل إلى 300 تريليون تومان من موارد الميزانية.

ميدل ايست نيوز: أكد وزير الاقتصاد الإيراني خلال استعراضه البيانات والإجراءات الاقتصادية الحكومية أن عجز صناديق التقاعد في البلاد وصل إلى 300 تريليون تومان من موارد الميزانية، أي ما يعادل ميزانية الإعمار في البلاد. فمن خلال حسبة تقريبية بسيطة، يمكننا أن نستنتج أن هذا الرقم، من حيث الضخامة، قد يتجاوز مبلغ الأموال الإيرانية المحجوبة (7 مليار دولار) في كوريا الجنوبية.
وقالت صحيفة دنياي اقتصاد في تقرير لها، تشير سياسات الرفاهية الحكومية والهرم السكاني الإيراني ومؤشرات الاقتصاد الكلي الأخرى إلى أنه إذا تم تأجيل الإصلاحات الهامة في قطاع صناديق التقاعد، فلن يكون بعيدًا أن يشغل عجز هذه الأموال أكثر من 50٪ من موارد الميزانية. حيث يتطلب هذا المنظور أن يولي صانعو السياسة اهتمامًا خاصًا لقضية صناديق التقاعد هذه، وإلا فإن عمق المشكلات المتعلقة بها يمكن أن يتسبب في مشاكل خطيرة لاقتصاد البلاد.
يوم أمس، ذكر إحسان خاندوزي، وزير الاقتصاد والمتحدث الاقتصادي للحكومة الإيرانية، أن صناع السياسة الاقتصادية أخّروا لسنوات عديدة الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد، مما تسبب في التراكم المتكرر للأزمات التي كان بإمكانها أن لا تمثل خطراً أمام اقتصاد البلاد. مضيفاً “سنخصص هذا العام 300 تريليون تومان من الميزانية الحكومية لحل مشاكل صناديق التقاعد، مع العلم أن هذه الأرقام تعادل إجمالي ميزانية البناء”.
فجوة بين الموارد والنفقات
تختبئ وراء الإحصائيات الضخمة المقدمة عن عجز صندوق المعاشات التقاعدية معلومات مهمة للغاية، فبحسبة بسيطة، يمكننا أن نستنتج أن هذا الرقم، من حيث الضخامة، قد يتجاوز مبلغ الأموال الإيرانية المحجوبة (7 مليار دولار) في كوريا الجنوبية.
في الواقع، سيتسبب العجز هذا في عبء مالي ثقيل على موارد الميزانية العامة، ونظراً لتوقعات عجز الموازنة الحكومية بـ400 تريليون تومان، يبدو أن أهم عامل في عجز الموازنة الجارية هو عجز صناديق التقاعد.
ومع تقدم سكان إيران في العمر، سيدخل عدد كبير من القوة العاملة الحالية سن التقاعد وسيفرض هذا عبئًا ماليًا جديدًا على صناديق التقاعد. ونظرًا لأن القوة العاملة الوافدة أقل من السكان الذين التحقوا بالقطاع التقاعدي، فلن يكون لدى الصندوق الموارد المالية الكافية لدفع معاشات التقاعد للأشخاص الذين يغطيهم مسبقاً.
من الطبيعي أن تتكثف هذه العملية بمرور الوقت لتبلع معها صناديق التقاعد في البلاد المزيد من موارد الميزانية. كما تؤكد الإحصائيات أيضًا صحة هذه التوقعات، إذ أوضح مركز أبحاث البرلمان الإيراني مسبقاً في تقرير أن نصيب عجز صناديق التقاعد في الموازنة العامة للبلاد قد ارتفع من 12٪ عام 2014 ليصل إلى 15٪ عام 2023.
تمتلك إيران في الوقت الراهن 17 صندوقاً للمعاشات التقاعدية، تغطي بالإجمال نحو 25 مليون و300 ألف متقاعد، إلا أن غالبية هذه الصناديق غير قادرة على دفع رواتب ومزايا المتقاعدين من مصادرها الداخلية، بل يخصص قانون الموازنة العامة السنوية لها موارد معينة لكي يغطي النقص في هذه الصناديق.
وتستند صناديق المعاشات التقاعدية عموماً إلى مبدأ بسيط هو أنها تتلقى مداخيل القوى العاملة الحالية وتقوم باستثمارها لتدفعها للمؤمن عليه لاحقًا على شكل معاش تقاعدي أثناء التقاعد، إلا أن هذا الأمر لا يطابق الواقع التي تشهده الصناديق في إيران، فالنمو السكاني غير المتوازن، وسن التقاعد، وإدارة الأصول وعوائد الاستثمار، وأخيراً والأهم التقاعد المبكر من بين الأشياء التي تسببت في سقوط صناديق التقاعد في الفجوة بين الموارد والنفقات.
وتجدر الإشارة إلى أن ديون الحكومة لمنظمتها للضمان الاجتماعي هي إحدى العوامل المهمة لإحداث عجز في هذا الصندوق الضخم. وإن جاز التعبير، يمكن القول أن الاتجاه الحالي لنشاط صندوق المعاشات التقاعدية، والنمو المرتفع للائتمانات اللازمة لتغطية العجز في موارد صندوق التقاعد الوطني والعسكري، والاعتماد المتزايد لهذه الصناديق على الموارد العامة تشير إلى ضرورة تنفيذ إصلاحات جذرية في هذا القطاع.
ومع هذا، وعلى الرغم من تحذيرات الخبراء المتكررة من تعرض هذا القطاع الهام لأزمات عديدة ورغم الإقتراحات الإصلاحية الكثيرة التي قدمتها جهات مختصة، لم يتخذ صناع القرار أي إجراء فعال لتحسين وضع صناديق المعاشات التقاعدية.