من الصحافة الإيرانية: تويتر يصبح متجراً لبيع الأدوية عوضاً عن الصيدليات في إيران

يظهر من البحث على توتير أن العديد من المستخدمين الإيرانيين على هذه المنصة بدأوا يرونها حلاً للعثور على بعض أصناف الأدوية التي لم تعد متوفرة في صيدليات البلاد.

ميدل ايست نيوز: “تعاني إيران من نقص أكثر من 200 نوع من الأدوية في أسواقها، بما فيها المضادات الحيوية وعلاجات الربو وأدوية الأطفال، فقد أوقفت السلطات المسؤولة استيراد الأدوية الأجنبية حتى تتمكن من إنتاج الدواء محلياً، إلا أنها تجاهلت دعم هذا القطاع الذي يعاني الأمرين من الأزمة الاقتصادية.”

بهذا التصريح ابتدأ عضو في اللجنة الاجتماعية بالبرلمان الإيراني خطابه تحت سقف المجلس في الآونة الأخيرة، إذ لم يعد من المستغرب سماع هذا النوع من التصريحات من قبل الإيرانيين لا سيما في خضم الأوضاع السيئة التي يعيشها قطاع الأدوية في بلادهم.

أسعار الأدوية، نقص الأدوية، تقنين الأدوية، مافيا الأدوية وهلم جرا، أصبحت من أكثر العناوين التي لم تعد تفارق مواضيع وسائل الإعلام المحلية في إيران ناهيك عن منصات تويتر وإنستاغرام التي تمتلئ بالمنشورات لمستخدمين يبحثون عن نوع دواء معين أو يقارنون أسعار الأدوية بين الحاضر والماضي.

ببحث بسيط على تويتر، تبيّن أن العديد من المستخدمين الإيرانيين على هذه المنصة بدأوا يرونها حلاً للعثور على بعض أصناف الأدوية التي لم تعد متوفرة في صيدليات البلاد.

وشارك مستخدم على تويتر لقطة لنوعين من الأدوية (KISQALI و VALAMOR) وكتب أنه نظرًا لأن هذا الدواء لم يتم استيراده من قبل الهلال الأحمر، فهو غير متوفر في إيران. وطالب هذا المستخدم من متابعيه في الخارج مساعدته في إرسال الأدوية له لكي يدفع لهم رسوم خدمة النقل وتكلفة الدواء.

ونشر مستخدم آخر صورة لدواء يسمى (LYNPARZA) وقال إنه يريد هذا الدواء لوالدة صديقه المصابة بالسرطان وطلب من مستخدمين آخرين مشاركة تغريدته لمساعدته في حال كان أحد ما يعرف أين يمكنه العثور على هذا الدواء.

وقال مستخدم آخر على تويتر عبر تغريدة مرفقة بصورة وصفة طبية لنوع من الأقراص تسمى (Cirpalex) إنه يبحث عن شخص ما يبيع هذا الدواء لأمر بالغ في الأهمية. وطلب من متابعيه أن يشيروا لأشخاص يبيعون هذا المنتج. كما طلب مستخدم إيراني آخر من متابعيه مساعدته في العثور على دواء يدعى (SOLO_MEDROL) مؤكداً أنه لمرضى مصابون بالتصلب اللويحي.

وقالت شركة أدوية إيرانية، رفضت الكشف عن اسمها، حول سبب نقص الأدوية في إيران لا سيما في أوقات معينة من العام: “في بعض الأحيان تكون تغييرات الأسعار عاملاً أساسياً في نقص الأدوية. فمثلاً، بسبب التغيرات في أسعار الأدوية في شهر مايو، حدثت فروقات في السعر بين الأدوية المتوفرة في الصيدليات والأدوية التي يتم توزيعها”.

وتوقفت العديد من شركات الأدوية في إيران عن بيع منتجاتها بسبب الفوارق السعرية التي تحدث هذه الأيام، وخصوصاً لأن هذه الأدوية تدخل الأسواق بسعر جديد بعد ارتفاع الأسعار، فمثلاً أصبح سعر شراب (دي فين هيدرامين) 26 ألف تومان بعد أن كان 14 ألف تومان في المدة القصيرة الماضية. فالصيدلية التي تخزّن هذا الدواء في مخزنها تقوم ببيعه بنفس السعر السابق، أما الصيدلية التي لديها مشتريات أسبوعية عليها أن تبيع الدواء بالسعر الجديد.

تقول الطبيبة رُزا مصطفائي، وهي أخصائية في طب الأطفال وحديثي الولادة وتعمل في محافظة “كرمان”، حول أزمة نقص الأدوية: “لا أعرف من أين أبدأ، فهناك الكثير من الأصناف الدوائية المفقودة، انخفضت المضادات الحيوية وأشربة الأطفال الخاصة بها، وراح العديد من الأطفال في جميع أنحاء العالم ضحية للمضاعفات التي سببتها مجموعة من المضادات الحيوية الهندية، حيث طالبت معظم الشركات المسوقة لهذا المنتج من الهند أن تسوق المضادات الحيوية على أنها أجنبية الصنع”.

تضيف هذه الطبيبة: “أصبح الحليب المجفف نادراً للغاية لا سيما الأنواع الخاصة بالأطفال المبتسرين، الذين أصادفهم أثناء عملي في وحدة العناية المركزة للأطفال حديثي الولادة. كما أن دواء الفاعل بالسطح الرئوي (surfactant) وهو دواء حيوي للأطفال الخدج والذي يجب حقنه في الساعة الأولى لإنقاذ حياة الطفل أصبح نادراً ومكلفاً، وهو أمر يدق ناقوس الخطر”.

وأكملت في نفس السياق: “أنا طبيبة في هذه الوحدة، وصحيح أن الرضيع بين يدي وأعرف تمام المعرفة كيف أبقيه على قيد الحياة لأسلمه إلى حضن عائلته، إلا أن نقص الدواء خاصةً (الدوبامين والدوبوتامين) قد يحول دون ذلك”.

وقالت مصطفائي: “أضف إلى تلك الأصناف البخاخات التنفسية لمرضى الجهاز التنفسي وأجهزة الاستنشاق والمحاليل الملحية للمرضى الذين يعانون من الإسهال والقيء. قد لا يعاني الأفراد في طهران من هذه الحالة، إلا أنها كارثية هنا في هذه المحافظة (وتقصد كرمان)”.

وأشارت هذه الطبيبة إلى عمليات الاحتيال التي تستهدف لقاح غارداسيل (لقاح فيروس الورم الحليمي البشري HPV)، وقالت: “ما أعلمه أن سعر هذا اللقاح الأمريكي (يشمل 4 جرعات) لا يزيد عن مليون و800 ألف تومان، إلا أن بعض الجهات في طهران تتقاضى أكثر من 3 ملايين تومان ويستغلون المحتاجين تحت مسمى التطعيم”.

وأردفت: “يشتري بعض الأطباء هذا اللقاح ويحقنون مرضاهم في عياداتهم الخاصة. إنه أمر مؤسف حقًا، هل من الجائز خداع الناس الذين بالكاد يجنون قوت يومهم بهذه الطريقة؟

الجاني الرئيسي وراء نقص الأدوية في إيران

واعتبر مسؤولو وزارة الصحة في إيران مرارًا وتكرارًا العقوبات على أنها السبب الرئيسي لأزمة الدواء الأخيرة في البلاد، حيث صرح وزير الصحة في اجتماع للمنظمات الدولية المقيمة في إيران: “على مدار التاريخ لم تستهدف العقوبات المرضى والقطاعات الطبية والصحية، إلا أن العقوبات اليوم استهدفت المرضى الإيرانيين”.

وخلص مسؤولو البلاد إلى أن أزمة الدواء في إيران تعزى إلى الظروف الاقتصادية الصعبة بسبب العقوبات، وبحسب تقرير مركز الإحصاء، تزايدت قيمة إنتاج المستحضرات الدوائية والكيماوية والعشبية في البلاد منذ عام 2018، ووصلت إلى أعلى مستوى لها في عام 2020.

وعلى الضفة الأخرى، يرى منتقدو السياسات الصحية في إيران أن العقوبات لم تشمل القطاع الطبي والصحي، موجهين أصابع الاتهام نحو وزارة الصحة والسياسات الداخلية.

وقال نائب رئيس اتحاد مستوردي الأدوية مؤخرًا: “واجهت شركات التصنيع والاستيراد مشاكل في التسعير بعد تقلبات سعر الصرف في أسواق البلاد”. معتبراً أنه “لو تم التعامل مع هذه المشاكل في وقت سابق لما شهدنا هذا النقص بهذه الشدة”. ورأى هذا المسؤول أن “سعر الدواء في إيران يتأثر بالتضخم”.

قد يعجبك

العقوبات أم السياسات الداخلية.. من الجاني الرئيسي في أزمة نقص الأدوية في إيران؟

 

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

10 − 7 =

زر الذهاب إلى الأعلى