ما هي التيارات السياسية السائدة في حوزة قم الدينية؟

تأثرت العديد من التطورات السياسية في إيران خلال القرون الأخيرة برجال الدين والحوزات الدينية (خاصة حوزة قم) أو بدعم غير مباشر من هذه الشريحة من المجتمع.

ميدل ايست نيوز: تأثرت العديد من التطورات السياسية في إيران خلال القرون الأخيرة برجال الدين والحوزات الدينية (خاصة حوزة قم) أو بدعم غير مباشر من هذه الشريحة من المجتمع.

في الواقع، رغم أن الحوزات الدينية لم يكن لها حضور فعال خلال القرن الماضي في السياسة في بعض الأحيان، بما في ذلك أثناء مرجعية آية الله بروجردي، إلا أن العديد من الأحداث والمجريات السياسية في إيران ارتبطت بنشاط ودور الحوزات ورجال الدين.

زادت الثورة الإسلامية الإيرانية من حضور ونشاط رجال الدين في الساحة السياسية للبلاد، وبعد انتصار هذه الثورة، لم تبتعد هذه الشريحة المجتمعية عن عالم السياسة.

ورغم انقسام رجال الدين في السنوات التي سبقت انتصار الثورة إلى فئتين: مؤيدو الحكومة الدينية أثناء عصر الغيبة، والذين آمنوا بنظرية تعليق تلك الحكومة حتى ظهور المهدي المنتظر، ولكن بعد انتصار الثورة، حظيت النظرية الثانية باهتمام أقل، وأصبح أفراد الفئة الأولى أكثر نشاطًا من ذي قبل.

الأحزاب السياسية في الحوزة

ينقسم النشاط السياسي لرجال الدين إلى شريحتين (مجمع علماء الدين المجاهدين وجمعية مدرسي حوزة قم العلمية)، فالأحزاب التي تتردد قراراتها على الأصداء عشية كل انتخابات والتي أثبتت التجارب أنها إحدى التنظيمات الرئيسية للنشاط السياسي، وخاصة في الانتخابات بعد فترة انتصار الثورة الإسلامية، كانت تنتمي للحوزات الدينية.

ويمكن تقسيم الفئات التي تنتمي للتنظيم السياسي في الحوزات الدينية، وخاصة قم، نظراً لتأثيرها على المناخ السياسي لإيران ونوعية العلاقة التي تربطها بالحكومة على الشكل التالي:

  • المحافظون
  • الإصلاحيون
  • الأصوليون

مجمع علماء الدين المجاهدون (إصلاحي)

يعد مجمع علماء الدين المجاهدين من أشهر الأحزاب السياسية التي انضمت إلى حركة الإصلاح، ومن شخصياته البارزة محمد خاتمي وهادي خامنئي ومجيد أنصاري ومحمد توسلي ومحمد موسوي خوئينيها.

واحتج كل من موسوي خوئينيها ومهدي كروبي على شطب محمود دعائي وفخر الدين حجازي من القائمة الانتخابية للمجمع هذا وفصلهما منه. وكان كروبي قد أسس أول مجلس مركزي لمجمع علماء الدين المجاهدين وعُيّن أميناً عاماً عليه.

وتمكن هذا المجمع في انتخابات البرلمان الإيراني الثالثة، بالتعاون مع التيارات الموالية له، من الفوز بالأغلبية على قائمة مجمعات وتنظيمات رجال الدين والتيارات الأخرى الموالية لها.

وتراجع نشاط هذا المجمع بشكل ملحوظ في الساحة السياسية مع وفاة الإمام الخميني عام 1989. وفي حكومة هاشمي الأولى، كان “محمد خاتمي” كعضو في مجمع علماء الدين المجاهدين فقط حاضرًا لفترة وجيزة كوزير للإرشاد.

وقدم هذا المجمع في الانتخابات الرئاسية الإيرانية لعام 1997، محمد خاتمي كمرشح لرئاسة البلاد، والذي سرعان ما حقق إنجازاً لحركة الإصلاح وإحداث هذا الحدث التاريخي بتوليه سدة الحكم.

ودعمت حركة الإصلاح مهدي كروبي في انتخابات عام 2005، وفي 2009، اقترحوا مير حسين موسوي، وفي عامي 2013 و2017، دعموا حسن روحاني، إلا أنهم التزموا الصمت في انتخابات 2021 الرئاسية.

مجمع علماء الدين المجاهدين (أصولي)

كان المؤسسون والمجلس المركزي الأول لهذا المجمع أعضاء وجهات بارزة في الثورة الإسلامية، مثل محمد بهشتي، مرتضى مطهري، محمد جواد باهنر، علي أكبر هاشمي رفسنجاني، محمد رضا مهدوي كني.

لعبت هذه الحركة دورًا بارزًا في الانتصارات الرئاسية في أول 6 انتخابات وأول انتخابين برلمانيين. ودعم هذا المجمع العديد من الشخصيات التي برز اسمها على المشهد الإيراني، منها أبو الحسن بني صدر ومحمد علي رجائي وآية الله سيد علي خامنئي وأكبر هاشمي رفسنجاني.

ومع مقتل بعض الشخصيات البارزة، وبالطبع الانشقاقات التي حدثت بين صفوف هذا المجمع، انفصل العديد من الأشخاص من مجمع علماء الدين المجاهدين، ليشكلوا فيما بعد الحركة الأصولية.

وقدم هذا المجمع في الانتخابات الرئاسية الإيرانية لعام 1997، علي أكبر ناطق نوري كمرشح لرئاسة البلاد، وفي انتخابات 2001، التزم الصمت إلى جانب جمعية مدرسي حوزة قم العلمية والتيارات الموالية، واكتفى بدعوة الناس فقط للمشاركة في الانتخابات. أما في عام 2005، فقد دعم هاشمي رفسنجاني للترشح للرئاسة.

ولم يدعم هذا المجمع أي مرشح “بشكل رسمي” خلال انتخابات 2009، فيما سعى محمد رضا مهدوي كني (الأمين العام لهذا المجمع) إلى تشجيع الناس على التصويت لمحمود أحمدي نجاد.

وكان علي أكبر ولايتي خيارهم المفضل في انتخابات 2013، رغم أنهم لم يدعموه “بشكل مباشر”. وفي عامي 2017 و2021، كان إبراهيم رئيسي هو الخيار المعتمد والمدعوم من قبلهم.

ويتولى مصطفى بور محمدي منصب الأمين العام لهذا المجمع، ومحمد علي موحدي كرماني نائباً لرئيسه، أما المتحدث الرسمي باسم أفراد هذه الحركة فكان من نصيب غلام رضا مصباحي مقدم.

المصباحيون (أصولي)

وفي الوقت الراهن، ينشط العديد من الحوزويين في المشهد الإيراني، فإذا أردنا تسميتهم بناء على نهجهم وفكرهم، فيمكننا اعتبارهم أصوليين، حيث برز اسم “محمد تقي مصباح يزدي” بين الشخصيات الرئيسية لهذا الحزب.

وبعيداً عن الحوزات الدينية، كان لجبهة “بايداري” (الثبات) الإسلامية ارتباط وتأثير كبير على الأصوليين، حيث يعد معهد الإمام الخميني التربوي والبحثي وحوزة قم للعلوم الإسلامية المقر الأساسي لتدريس الفكر الأصولي.

مجمع مدرسي حوزة قم العلمية (إصلاحي)

بعد الثاني من خرداد، وهو تاريخ فوز الرئيس محمد خاتمي في انتخابات عام 1997 حسب التقويم الهجري الشمسي بدعم من الحزب اليساري الإصلاحي، بدأت العديد من المجمعات السياسية في العمل، حيث رافقها مساعي حثيثة من قبل جمعية مدرسي حوزة قم العلمية في تكثيف نشاطها السياسي في المجال العام للبلاد، وكان معظم أعضاؤها من الإصلاحيين، أما المحاضرين والأساتذة فكانوا من خارج حوزة قم (جامعة روحاني وطلاب آية الله منتظري وبعض القوى اليسارية للإمام الخميني).

وتعامل هذا التنظيم السياسي وأمينه سيد حسين موسوي التبريزي، إلى جانب التصريحات التي أدلى بها والتي تتماشى مع النظرة الإصلاحية، مع الاحتجاجات الشعبية العام الماضي مستنداً على الجانب الفقهي في تصرفه مع المحتجين والمعارضين.

جمعية مدرسي حوزة قم العلمية (أصولي)

تأسست هذه الجمعية / مجمع، والتي تنسب للحزب الأصولي، في عام 1961 من قبل بعض رجال الدين وأساتذة حوزة قم، وتمحورت برامجها السياسية حول محاربة النظام البهلوي ومحاولة تحقيق أهداف الثورة. بعد الثورة الإسلامية الإيرانية، عملت هذه الجمعية السياسية المكونة من رجال الدين وشاركت في تأسيس واستقرار الجمهورية الإسلامية جنبًا إلى جنب مع “مجمع علماء الدين المجاهدين”.

وبمرور الوقت، ومع ازدياد التقسيم السياسي الذي أحاط بشريحة رجال الدين، تخلت هذه الجمعية تدريجياً عن الشخصيات السياسية المقربة من الإصلاحيين، وأكملت نشاطها برفقة الشخصيات البارزة التي تدعم الأحزاب اليمينية والأصوليين.

محمد يزدي، بصفته الأمين العام لهذه الجمعية، عادة ما يتطابق رأيه في كثير من الحالات مع آراء محمد رضا مهدوي كني ومجمع علماء الدين. أخيراً، يشغل هاشم حسيني بوشهري حاليًا منصب رئيس جمعية مدرسي حوزة قم العلمية.

من الصحافة الإيرانية: خريطة إيران السياسية بعد إحكام التیار الأصولي قبضته على البلاد

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

15 − 5 =

زر الذهاب إلى الأعلى