هل تلوح الولايات المتحدة بحرب ضد إيران بعد تعزيز قواتها في مضيق هرمز؟
في حال أقدمت البحرية الأمريكية على تنفيذ أي خطوة غير معتادة في مياه الخليج فقد يؤدي هذا إلى تصعيد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران وزيادة المخاوف من اندلاع حرب شاملة.

ميدل ايست نيوز: أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية، عن نشر قوات إضافية في الشرق الأوسط منها الآلاف من عناصر مشاة البحرية (المارينز) رداً على المحاولات الإيرانية الأخيرة للاستيلاء على سفن شحن تجارية، الأمر الذي أثار تساؤلات حول مدى تأثيرها على التوترات المستمرة بين الولايات المتحدة وإيران لا سيما وأن العديد من الخبراء اعتبروا هذا الإجراء جزءاً من استراتيجية الولايات المتحدة للحفاظ على استقرار المنطقة وضمان حماية مصالحها ومصالح حلفائها في المنطقة.
لا شك أن إيران تعد واحدة من أبرز التحديات التي تواجه الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط. فالعلاقات بين البلدين تشهد توترات مستمرة منذ سنوات، سواء كان ذلك بسبب برامج إيران النووية المثيرة للجدل، أو الادعاءات التي تحيطها بشأن ضلوعها في الصراع الروسي الأوكراني أو دعمها لعدة جماعات مسلحة في المنطقة، أو التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية. ومع تصاعد التوترات في الأشهر الأخيرة، فإن إرسال الآلاف من عناصر المشاة البحرية ومدمرة ومقاتلات أمريكية يُعتبر رسالة قوية من الولايات المتحدة بأنها لن تتهاون مع أي تهديدات تشكلها إيران على استقرار المنطقة وتجارتها.
وحاولت القوات الإيرانية 20 مرة في السنوات الثلاث الماضية، الصعود على متن سفن تجارية ترفع أعلامًا أجنبية تبحر عبر مضيق هرمز الضيق، ونجحوا مرتين في غضون أسبوعين فقط هذا الربيع، حيث احتجزوا سفينة اتهموا طاقمها بالاصطدام بسفينة إيرانية، وأخرى زعموا أنها متورطة في نزاع قانوني في إيران.
كثرت التكهنات الإعلامية بعد هذه الحادثة بأن الولايات المتحدة وإسرائيل تنسقان لتنفيذ عملية عسكرية ضد إيران، فهل الأمر جلي فعلاً، وهل المنطقة مقدمة على صراع يزيد من طينة الأوضاع الراهنة التي يعيشها العالم بشتى مجالاته بلة؟
تزامنت تلك التكهنات مع تصريحات جون كيربي، المتحدث باسم المجلس الأعلى للأمن القومي الأمريكي، بإن نتنياهو دُعي لزيارة الولايات المتحدة لمناقشة السبل لمواجهة برنامج إيران النووي.
وقد زادت الشائعات هذه مع الأنباء الأخيرة حول نشر طائرات أمريكية من طراز F-16 و F-35 في مياه الخليج وإلى جانب التخطيط لإرسال مدمرة أمريكية جديدة إلى هذه المنطقة.
ومع تلاشي الآمال في العودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015، يُقال إن الخصمين القدامى يفكرون في تفاهم أقل، وربما غير مكتوب، لتهدئة التوترات. يمكن أن يشمل تبادل الأسرى بين طهران وواشنطن. شدد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين على أنه بينما تدرس واشنطن “المسارات الدبلوماسية”، شدد على أنه “لا يوجد اتفاق في المستقبل القريب”.
ويرى مراقبون أن المحادثات الأخيرة بشأن التفاهم غير المكتوب هذا قد حالت دون تنفيذ أمريكا لخيار وصفه محللون بغير المعتاد، في حين لم يعتبر الكثير من الخبراء الدور الأوروبي المخرب ذو أثر فعال في تعطيل المحادثات النووية بل وصفوه بالسحر الذي ينقلب على الساحر لا سيما مع التقاربات اللفظية الأخيرة بين طهران وواشنطن البعيدة كل البعد عن التدخلات الأوروبية والملاصقة لعمان وواسطتها الحيوية.
في الواقع، لا يمكن الافتراض أن الزيارة المفاجئة لوزير خارجية عمان إلى طهران لا علاقة لها بالمحادثات، إذ تشير الكثير من التكهنات إلى أن الأمريكيين يحاولون رأب صدوع الحوار والتوصل إلى حل لهذه المسألة.
في المقابل، يرى آخرون أن ضعف موقف المفاوضين الأمريكيين ضد إيران، أجبرهم على ضخ الشائعات حول هجوم محتمل على إيران بهدف إيصال رسالة إلى الساسة في طهران بطريقة ما بأن عدم رضوخهم في المفاوضات سيكبدهم خسائر فادحة.
ورأى محلل في مقال نشره موقع الخليج الجديد، أن نتنياهو يواجه العديد من المشاكل الداخلية وأنه بحاجة ماسة إلى خلق صراع خارجي وتوجيه الرأي العام في هذا الاتجاه، ولأنه يعلم أن إسرائيل وحدها لا تستطيع التعامل مع إيران وحلفائها، وبذا، اعتبر أن إشراك واشنطن في مشروعه قد يجدي نفعاً.
وفي هذا الصدد، يبدو أن الدول العربية في المنطقة ترفض إقحام نفسها في هذا الأمر، الأمر الذي دفع بالبيت الأبيض لإرسال السفن إلى المنطقة ليوهم إيران بأنه هجوم القوات الأمريكية القادم سيكون من على سطح السفن الموجودة في المياه الدولية وليس من البر أو أجواء دول المنطقة.
بطبيعة الحال، تبقى هذه التحليلات مجرد تكهنات تتناقلها ماكينات الإعلام المحسوبة على إسرائيل والمتحالفة مع حكومة نتنياهو. لكن في حال أقدمت البحرية الأمريكية على تنفيذ أي خطوة غير معتادة في مياه الخليج فقد يؤدي هذا إلى تصعيد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران وزيادة المخاوف من اندلاع حرب عسكرية، فالأخيرة قد تفسر أي إجراء على أنه اعتداء على سيادتها وقد تستخدم ذلك كذريعة لزيادة نشاطاتها في المنطقة.