ماذا تخفي شكوى إيران ضد كوريا الجنوبية وما هي احتمالات فوزها في المحكمة؟
إن الإعلان عن الإفراج عن هذه الموارد المالية هو أداة تستخدمها الحكومة في بعض الأحيان كمسكن لتقلبات سوق العملات الأجنبية.
ميدل ايست نيوز: قالت وسائل إعلام رسمية إن إيران قدمت شكوى ضد حكومة كوريا الجنوبية لعدم دفع موارد إيران المحجوبة، حيث أرسلت الحكومة مشروع قانون بإحالة النزاع بين البنك المركزي الإيراني وحكومة كوريا الجنوبية إلى البرلمان في خطوة لقيت تأييداً من المشرِّعين.
وقالت صحيفة دنياي اقتصاد في مقال لها، أن الموارد المحجوبة تتعلق بأموال تصدير النفط الإيراني إلى كوريا الجنوبية، والتي كانت طهران تبحث عن سبل في السنوات الأخيرة لاستعادتها، حيث كانت سيول أحد العملاء الرئيسيين للنفط الإيراني قبل انسحاب الرئيس السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي.
واليوم وبعد عدة سنوات على هذه القضية، دخلت الحكومة الإيرانية مرحلة جديدة من خلال تقديم شكوى رسمية، الأمر الذي يثير العديد من التساؤلات عن أساس الأنباء التي نشرت مسبقاً حول الإفراج عن الأصول الإيرانية المحجوبة في كوريا الجنوبية؟
ويرى الخبراء في هذا الشأن، أن الإعلان عن الإفراج عن هذه الموارد المالية هو أداة تستخدمها الحكومة في بعض الأحيان “كمسكن لتقلبات سوق العملات الأجنبية”، بمعنى يتم نشر هذه الأنباء لكبح قفزات سعر الدولار.
تظهر القراءات أنه منذ بداية عام 2022 وحتى تاريخ تحرير هذا التقرير، تم نشر خبر الإفراج عن الـ 7 مليارات دولار المجمدة في كوريا الجنوبية 7 مرات من قبل الحكومة الإيرانية، حيث كان لبعض هذه الأنباء أثر واضح على سوق العملات.
تستند شكوى إيران ضد كوريا الجنوبية إلى المادة 12 من اتفاقية تشجيع الاستثمار ودعمه بين حكومة الجمهورية الإسلامية وحكومة جمهورية كوريا التي تمت الموافقة عليها في عام 2003. وفقًا لهذه المادة، يجب تسوية أي نزاع قانوني، والذي ينشأ مباشرة من الاستثمار، بين أحد مستثمري الطرفين المتعاقدين والطرف المتعاقد الآخر، وديًا بين الطرفين المرتبطين، فإذا لم يتم حل هذا النزاع في غضون 6 أشهر من تاريخ الإخطار الكتابي من قبل أحد الطرفين للطرف الآخر، فيجب إحالته إلى المحكمة بناءً على طلب المستثمرين.
بناءً على ذلك، يمكن النظر في شكوى إيران في محكمة تستضيفها كوريا الجنوبية (الجهة المستثمرة) وهو أمر قد لا توافق عليه إيران. في الحالة الثانية، يمكن مراجعة هذه الشكوى من قبل المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، المعني باتفاقية تسوية منازعات الاستثمار بين الحكومات ورعايا الحكومات الأخرى، والتي ليست إيران عضوًا فيه.
إذن، من المرجح تشكيل محكمة تحكيم خاصة بحضور ممثلين عن البلدين لحل النزاع حول هذه القضية. فوفقًا للاتفاقية المذكورة في هذه المحكمة، يقوم كل طرف في النزاع بتعيين محكم، وسيختار المحكمان اللذان تم اختيارهما بهذه الطريقة محكمًا ثالثًا بالاتفاق المتبادل، والذي يجب أن يكون مواطنًا لدولة ثالثة ليتم اختياره كرئيس للديوان.
استثمار أم وديعة؟
ما هي فرص إيران في الفوز مع تقديمها شكوى رسمية ضد كوريا الجنوبية للإفراج عن أصولها المحجوبة؟ فكما أسلفنا سابقاً، تستند شكوى إيران ضد كوريا الجنوبية إلى اتفاقية تشجيع الاستثمار ودعمه بين حكومة الجمهورية الإسلامية وحكومة جمهورية كوريا، والقاعدة العامة في مثل هذا النوع من الاتفاقيات هي أنه مثلاً “إذا استثمر مستثمر من إيران أو كوريا الجنوبية في البلد الآخر وتعرضت ممتلكات المستثمر لأي أذى في البلد المضيف، فإن الدولة المستثمرة ستقاضي الطرف الآخر مستشهدة بهذه الاتفاقية”.
لكن هل تدرج شكوى إيران ضد كوريا باسترداد أموالها المجمدة من بيع النفط في بنوك سيول في هذه القاعدة؟ فبالنظر إلى الاختلاف في تعريفات الودائع والاستثمار، يمكن القول إن فوز إيران في هذه المهمة يعتمد على قدرتها على إثبات أن الأموال المحجوزة هي مصداق على الاستثمار كما ورد في الاتفاقية بين البلدين. بمعنى، قد تؤثر التحديد القانوني لفهموم الاستثمار والإيداع على مستقبل هذه الشكوى.
وعليه، قد تساهم شكوى إيران هذه في الضغط على البنوك الكورية التي تستضيف أموالاً من مبيعات النفط الإيرانية، وذلك لأن المؤسسات المالية تفضل في العديد من الحالات عدم رفع دعوى قضائية ضد الطرف المقابل بهدف التعاون مع مؤسسة أخرى مثل البنوك. لهذا السبب، تتجنب مؤسسات كالبنوك مثلاً التورط بقضايا وأحداث كهذه.