ما هي الأقمار الصناعية التي نجحت إيران بإطلاقها إلى الآن؟
تحتل إيران مركزاً رائداً في تكنولوجيا الأقمار الصناعية وعلوم الفضاء، فقد صُنفت في المرتبة التاسعة في العالم من حيث الأقمار الصناعية.
ميدل ايست نيوز: برز الدور الحيوي للأقمار الصناعية في مستهل العصر الحديث بعد أن طرأت العديد من التطورات على بنيته التحتية، ليسهم فيما بعد في توفير عدد لا حصر له من الخدمات بما فيها الاتصالات والملاحة والبحث العلمي والتنبؤات الجوية.
تحتل إيران مركزاً رائداً في هذا المجال، فقد صُنفت في المرتبة التاسعة في العالم من حيث الأقمار الصناعية بعد روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا واليابان والصين والمملكة المتحدة والهند وإسرائيل.
انضمت إيران في عام 2005 إلى نادي الدول الفضائية عبر إرسالها أول قمر صناعي يدعى “سينا 1” بمساعدة روسية، ومنذ تلك اللحظة أدرجت وكالة الفضاء الإيرانية على أجندتها التخطيط والسعي للاستفادة من علوم الفضاء وتطوير تقنياته في البلاد بالاعتماد على التكنولوجيا المحلية والتعاون الدولي.
بعد أن طورت إيران البنية التحتية وصممت العديد من نماذج الأقمار الصناعية، انطلقت نحو خطوة إطلاق الأقمار واحداً تلو الآخر، ولم يكن هذا الأمر ليتحقق لولا تطوير قواعد إطلاق فضائية داخل البلاد والتي كان لها الفضل في تقدم إيران في شتى المجالات العلمية والأبحاث والدراسات البيئية. تعد قاعدة الخميني في سمنان، ومحطة قم الفضائية ومركز البرز الفضائي ومنصة تشابهار الفضائية من أهم قواعد إيران الفضائية.
لا يمكننا القول أن إيران لديها سجل حافل في إنشاء وإرسال الأقمار الصناعية إلى الفضاء، لكن الباحثين الإيرانيين حاولوا تطوير صناعة الفضاء وبناء الأقمار الصناعية في البلاد في الخمسين عامًا الماضية، وقد حققوا نجاحًا إلى حد ما جعل البلاد من الدول المرموقة في هذا المجال.
على أي حال، تمكنت إيران حتى الآن من تصميم أكثر من 10 أقمار صناعية وإطلاق بعضها إلى الفضاء، وسنقوم في هذا المقال بتسليط الضوء على الأقمار الصناعية الإيرانية “الناجحة التي تجاوزت الغلاف الجوي واستقرت في المدار وعلى المحاولات الفاشلة أيضاً.
سينا 1
أطلقت وكالة الفضاء الإيرانية في عام 2005 القمر الصناعي “سينا 1″، وهو صاروخ فضائي صنعته روسيا بطلب من إيران وتم إطلاقه بنجاح من قاعدة فضائية روسية. بمرور الوقت، خرج هذا القمر عن مداره وانقطع اتصاله بالأرض بسبب أعطال تقنية. الاستشعار عن بعد واستقبال وتخزين وإرسال بيانات الاتصالات كانتا المهمتان الرئيسيتان للقمر الصناعي سينا.
يقول الخبراء في الشأن الفضائي أن “سينا 1” لا يعتبر قمراً إيرانياً بالكامل، وعليه، فإن إطلاقه لم يجعل إيران من بين الدول التي نجحت في إطلاق قمر صناعي.
أُميد
أميد، (الأمل)، هو أول قمر صناعي إيراني بالكامل وأول قمر صناعي ينسب للبلاد. بدأت صناعة القمر الصناعي أميد في عام 2005 واستمرت حتى عام 2008، لينطلق إلى الفضاء في فبراير من نفس العام من قاعدة سمنان شمال إيران. أدى الإطلاق الناجح لهذا الصاروخ إلى ارتقاء إيران في مجال الأقمار الصناعية، حيث أنها استحوذت على المرتبة التاسعة بعد أن كانت تتذيل قائمة تكنولوجيا الفضاء.
وصُنع “أميد” بشكل كامل في إيران وهو من النوع الخفيف ووظيفته تتركز بالقيام باتصالات مع محطة أرضية لإجراء قياسات مدارية، ويقوم بخمسة عشر دورة حول الكرة الأرضية كل 24 ساعة وتتم مراقبته من المحطة الأرضية مرتين عند كل دورة.
وكانت الجزيرة قد نقلت حينها عن التلفزيون الإيراني قوله، إن المدار الذي وضع فيه القمر “أميد” يبعد ما بين 250 إلى 500 كلم عن سطح الأرض، وأكد أن السلطات وصفت التجربة بالناجحة وتلقت إشارات إيجابية من القمر الاصطناعي.
رصد
رصد هو ثاني قمر صناعي إيراني بالكامل أطلقته بنجاح وكالة الفضاء الإيرانية بالتعاون مع وزارة الدفاع في عام 2011. يدور “رصد” حول الأرض كل 90 دقيقة، ويساهم في خدمات الاستطلاع وتشخيص الكوارث الطبيعية والبيئة والأرصاد الجوية وقياس درجة الحرارة والمراقبة والتحكم الجوي والبحري.
وبحسب تصريح لرئيس وكالة الفضاء الإيرانية السابق حميد فاضلي، فإن القمر “رصد” هو أول قمر صناعي ايراني يستطيع التقاط الصور، وأضاف أنه تم تنظيم وربط اتصاله بالمحطات الأرضية، مشيراً إلى ربط 5 محطات أرضية به.
وكان “رصد” أول قمر صناعي مزود بألواح شمسية متصلة بجدار القمر الصناعي وبطاريات داخلية لتزويده بالكهرباء. يستخدم هذا القمر الصناعي أيضًا النظام الفرعي للتحكم في إنتاج وتوزيع التيار الكهربائي، والذي مكن هذا القمر الصناعي من استخدام البطاريات في الجزء المظلم من المدار وشحنها في الجزء المشرق.
نويد
أطلقت إيران بنجاح صباح یوم الجمعة 3 فبرایر 2011 قمرها الصناعي الثالث “نويد علم وصنعت” -بشرى العلم والصناعة- بواسطة الحامل “سفير-۱” وتتلخص مهمته في التقاط صور للأرض إضافة الى البیانات المتعلقة بالطقس والمناخ، ويستقر القمر في مدار بيضوي يتراوح ما بين ۲۷۰ كیلومتراً و ۳۷۵ كیلومتراً.
ويعتبر قمر “نويد” من الأقمار الإصطناعية الصغيرة التي تتبع معيار ECSS العالمي في تصنيعها؛ مهته التصوير من مسافة ألف كيلومتر عن الكرة الأرضية. يبلغ وزن القمر ۵۰ كيلو غراماً، وأدى مهامه بعد شهرين من انطلاقه معتمداً على صفائح الخلایا الشمسیة المركبة علیه لتأمین طاقته، وقد اعتبر حينها خطوة متقدمة في تقنیة صناعة الأقمار الصناعية في إیران.
فجر
أعلنت مؤسسة الصناعات الفضائية الإيرانية التابعة لوزارة الدفاع في وقت مبكر من صباح الاثنين عام 2015 عن إطلاق قمر صناعي إلى الفضاء يحمل اسم “فجر”، وهو قمر محلي الصنع، يبلغ وزنه 52 كيلوغراماً بارتفاع 49 سنتيمتراً وعرض 35 سنتيمتراً. ويعد «فجر» رابع قمر صناعي لإيران، وتم إرساله على متن الصاروخ «سفير فجر» القادر على حمل الأقمار الصناعية إلى ما وراء الفضاء ووضعه في مداره حول الأرض.
بيام
بعد انقطاع طويل للحكومتين الحادية عشرة والثانية عشرة في مجال إطلاق الأقمار الصناعية الإيرانية، شهدت البلاد في 2019 إطلاق خامس قمر صناعي إيراني بالكامل. بدأت وكالة الفضاء بصناعة القمر الصناعي “بيام” (الرسالة) في عام 2005 في جامعة أمير كبير في طهران، وقد أطلق هذا القمر بعد تأخير كبير، ولعلّ هذا الأمر هو العامل الأساس في فشل استقراره في المدار.
ووفقاً لوزير الاتصالات الإيراني، فإن الصاروخ الناقل للقمر الاصطناعي “بيام” قطع بنجاح المرحلة الأولى والثانية، لكنه لم يتمكن من الوصول للمرحلة الثالثة، وبالتالي لم يستقر القمر “بيام” في المدار.
وأشار التقرير الذي نشره الموقع الإلكتروني لوزارة الاتصالات الإيرانية إلى أن القمر الاصطناعي كان سيستخدم في أغراض التصوير والاتصالات وكان مزودا بأربع كاميرات، حيث كان من المقرر أن يبقى القمر الاصطناعي على ارتفاع 500 كيلومتر لمدة ثلاث سنوات تقريبا.
دوستي
بعد فشل قمر بيام الصناعي في الاستقرار في المدار، أقدمت إيران في نفس العام على إطلاق القمر الصناعي “دوستي” إلى الفضاء الخارجي، لتفشل الجهات المسؤولة في إيصاله أيضاً إلى المدار.
تبنت جامعة شريف للتكنولوجيا صناعة هذا القمر مستخدمة تقنيات حديثة للتحكم عن بعد من ثلاثة محاور، وهي OBDH المقاوم للأخطاء، ونظام التحكم في الحرارة شبه النشط، والألواح الشمسية المصنعة محلياً في إيران مع القدرة على العمل في بيئة الفضاء.
واعتبر هذا القمر الصناعي الذي تبلغ كتلته 52 كجم، وفقًا للتصنيف التقليدي للأقمار الصناعية من وجهة نظر الكتلة، اعتبر قمرًا صغيرًا.
ظفر 1
في عام 2019 أطلقت إيران القمر الصناعي الإيراني “ظفر 1″، من محطة الإمام الخميني الفضائية في مدينة سمنان شرقي طهران، ولکنه علی الرغم من إحراز نجاح بنسبة 90 في المائة لكنه واجه خللا في بلوغ السرعة اللازمة لوضعه في المدار.
بدأ بناء القمر الصناعي ظفر 1 منذ حوالي 6 سنوات في جامعة العلوم والتكنولوجيا في طهران، وابتكر علماء الفضاء الإيرانيون نسختين، هما الأقمار الصناعية ظفر 1 و 2.
وقالت إيرنا وقتذاك إن قمر ظفر كان يهدف إلى إعداد خرائط للأراضي، والخرائط الأساسية، وخرائط التنمية المدنية، وخرائط الحقول الزراعية وخرائط التغيرات في البيئة الطبيعية للغابات والأراضي، ومراقبة التطورات في البحيرات الموسمية والدائمة.
نور 1
أطلق الحرس الثوري “أول قمر صناعي عسكري” إيراني إلى الفضاء في عام 2020. وقد نجح قمر الاستطلاع المسمى “نور 1” في الوصول إلى مدار ارتفاعه 425 كيلومترًا (264 ميلًا) ميلًا فوق سطح الأرض. ويقطع هذا القمر الصناعي الإيراني دورة حول الأرض مرة كل 90 دقيقة.
وكانت عملية إطلاق القمر الصناعي من منصة الصحراء الوسطى الإيرانية باستخدام حامل الأقمار الصناعية “قاصد” أو “مسنجر” لوضعه في الفضاء، وهو نظام مستحدث لم يُسمع عنه من قبل. أما ما يجعل من صاروخ “قاصد”، ذي المراحل الثلاث المتتالية لبلوغ مدار الأرض، أكثر أهمية فهو إمكانية استخدامه الوقودين، السائل والصلب، بالإضافة إلى أنه مُزود بمحرك مُحدَّثٍ قوي.
وبحسب تقرير للجزيرة، يمكِّن القمر الصناعي نور-1، والذي تم تركيبه على الصاروخ قاصد المصنع محليًّا، إيران من تنفيذ عمليات استطلاعٍ ومراقبةٍ للقوات الغربية، وعلى وجه الخصوص القواعد العسكرية الأميركية وقواتها المتمركزة في الشرق الأوسط، وحتى تلك المتمركزة خارج المنطقة.
خيام
القمر الصناعي “خيام” هو قمر صناعي للاستشعار عن بعد تم صنعه من قبل شركة روسية بطلب من وكالة الفضاء الإيرانية وتم إرساله إلى المدار القريب من الأرض في أغسطس عام 2022 بواسطة صاروخ “سويوز” الروسي من قاعدة بايكونور الفضائية في كازاخستان.
ويتم تنفيذ عمليات مراقبة القمر الصناعي في إيران في مركز التحكم الفضائي التابع لمنظمة الفضاء الإيرانية في منطقة “ماهدشت” بمدينة كرج مركز محافظة البرز غرب طهران.
هذا القمر الصناعي لديه القدرة على التصوير بدقة نحو متر واحد في أطياف بصرية مختلفة، ومنذ وضعه في المدار أرسل صورًا واضحة لمرقد الإمام علي في النجف الأشرف والمسجد النبوي بالمدينة المنورة.
إيران وروسيا تخططان لإرسال قمر صناعي للبحث العلمي إلى الفضاء