من الصحافة الإيرانية: كيف أسهم التيار المتشدد في إيران بالإطاحة بروبرت مالي؟

رأى محللون أن المتشددين المعارضين للمفاوضات الإيرانية الأمريكية قد مهدوا الطريق أمام تعليق التصريح الأمني لروبرت مالي عبر تسريب تلك المعلومات عن عمد.

ميدل ايست نيوز: بعد مرور فترة وجيزة على تعليق عمل المبعوث الأمريكي الخاص لإيران، على خلفية تسريبه معلومات سرية، رأى محللون أن المتشددين المعارضين للمفاوضات الإيرانية الأمريكية قد مهدوا الطريق أمام تعليق التصريح الأمني لروبرت مالي عبر تسريب تلك المعلومات عن عمد.

وقال موقع “خبر أونلاين” خلال تحليل له، إنه لم تكن هذه التلميحات التي يطلقها المتشددون من داخل إيران لمنع المفاوضات الجارية بين طهران وواشنطن وليدة اللحظة بل تعود لحكومات ما قبل رئيسي، أي عندما كان الفريق المفاوض للحكومة الثانية عشرة (روحاني) بعد الانتخابات الأمريكية وفوز جو بايدن، يعيد تشييد التزامات الولايات المتحدة تجاه إيران إزاء إحياء الاتفاق النووي، كان البعض داخل البلاد، ممن لديهم إمكانية الوصول إلى معلومات سرية ولديهم معرفة كاملة بفريق التفاوض الأمريكي، يحاولون إيصال رسالة إلى الجانب الأمريكي مفادها أن حكومة روحاني تشرف على الانقضاء وأي اتفاق مع إيران يجب تأجيله إلى الحكومة التالية.

وأشار محمد جواد ظريف وقتذاك خلال مقابلة صحفية، إلى تفاعل بعض الأفراد طرداً مع فريق التفاوض الإيراني، وقال إن “بعض الأصدقاء يلمّحون إلى أمريكا بأن التفاوض معنا سيكون أفضل، صحيح أننا نلتزم الصمت، لكن هذا لا يعني أننا لا نفقه هذه التلميحات”.

وتعززت أنشطة المتشددين في الداخل الإيراني عندما نُشرت بعض المعلومات الموجّهة والكاذبة في الوقت عينه حول المفاوضات، والتي لعبت دور المعلومات “الخادعة”، في وسائل الإعلام الفضائية الإيرانية الناطقة باللغة الإنجليزية.

وأوردت قناة “برس تي في” الإيرانية هذه المعلومات عبر نشراتها لتؤكد أنها من “مصدر مطلع”، حيث سرعان ما لاقت انتقادات لاذعة من قبل الفريق المفاوض، لا سيما وأنها معلومات مغلوطة تم تداولها في ذروة المفاوضات بهدف التأثير على عملية التفاوض. وفي هذا الصدد، نفى عباس عراقجي، نائب وزير الخارجية في ذلك الوقت، مزاعم برس تي في، وأكد: لا أعرف من هو المصدر المطلع لبرس تي في في فيينا، وأيّاً يكن فهو ليس بمطلع”.

وحلل موقع “ألف” الأصولي عبر مقال، الدور البارز لـ “برس تي في” في التأثير على مفاوضات الفريق الحكومي الثاني عشر وأهميته في هذا الشأن، مطالباً جهاز السياسة الخارجية بإدراك “الأهمية الاستراتيجية” لوسائل الإعلام الإيرانية الناطقة باللغة الإنجليزية.

وأشار هذا التحليل إلى دور صحيفة “طهران تايمز” الصادرة باللغة الإنجليزية، والحاصلة على امتياز منظمة الدعاية الإسلامية، في تسريب التسجيل الصوتي السري لروبرت مالي، مؤكداً على تأثير وسائل الإعلام على الدبلوماسية.

وذُكر في تقرير طهران تايمز، بعد تسريبها لتسجيل صوتي لروبرت مالي، أن هذه الصحيفة علمت من خلال مصدر سري أن التاريخ الدقيق لتعليق مالي عن عمله كان 21 أبريل، وأردفت أيضاً أن مالي كان على اتصال منتظم مع مختلف الجهات والأشخاص وعقد اجتماعات معهم لتعزيز سياساته فيما يتعلق بإيران.

وفي تلك الأثناء، عززت التكهنات حول سبب تسريب التسجيل الصوتي السري من داخل إيران وتأثيره السلبي على المفاوضات الإيرانية الأمريكية، عززت إحدى الفرضيات في الأوساط الإعلامية المحلية بأن بعض الأفراد يقفون عائقاً أمام الجهاز الدبلوماسي الإيراني ويحاولون التأثير على المفاوضات الإيرانية الأمريكية عبر نشر معلومات ذات أغراض موجّهة.

ويرى حشمت الله فلاحت بيشه، وهو عضو سابق في لجنة الأمن القومي بالبرلمان الإيراني، أن “تسريب التسجيل الصوتي لمالي من قبل وسائل إعلام إيرانية هو إجراء دبلوماسي خفي، لكنها سيؤدي في النهاية إلى فقدان ثقة الدول الأخرى في الجهاز الدبلوماسي الإيراني”.

وأكد: “ما ورد تحت عنوان تعليق عمل روبرت مالي ارتبط ارتباطاً وثيقاً بالجانب الإيراني، ونتيجةً لذلك ستواجه الدبلوماسية الخفية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في المستقبل مشكلة حساسة تتمثل في انعدام الثقة أمام دول العالم”.

في غضون هذا، أشار بعض المحللين إلى الدور الروسي في تسريب التسجيل الصوتي هذا، مستشهدين بالتصريحات المخيبة للآمال للمسؤولين الروس بشأن المفاوضات الإيرانية الأمريكية، علماً أن هذين الجانبين (الإيراني والأمريكي) كانا يتجهان نحو مسار إدارة التوترات عبر الاتفاقات “البديلة”، حيث كان ملف تبادل الأسرى محط تركيز هام، وبدا أن هذا المسار سيؤدي إلى الحد الأدنى من الاتفاق.

كان لتسريب معلومات سرية وموجّهة تأثير مباشر على العلاقات بين إيران والولايات المتحدة خلال فترات مختلفة من المفاوضات بين طهران وواشنطن، سواء في حكومة روحاني أم رئيسي. ففي كلتا الفترتين، عندما كانت تصل الجهود إلى نقطة محورية لتحقيق نتائج ملموسة، حاولت وسائل الإعلام المحلية الناطقة باللغة الإنجليزية إيقاف عملية التفاوض في إطار ما سمي بالخطوط الحمراء لإيران من خلال تسريب بعض المعلومات الموجّهة.

وتسلط هذه المعطيات الضوء على الدور البارز لتسريب المعلومات والملفات السرية في الخداع والتلاعب في الجهاز الدبلوماسي وأنشطته، وأدت نماذجها الناجحة في الحكومتين الثانية عشرة والثالثة عشرة إلى تعليق المفاوضات بين إيران وأمريكا.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

8 − 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى