من الصحافة الإيرانية: هل تضع أمريكا الأسس للسيطرة على مضيق هرمز؟

إن إرسال هذه القوات والمعدات العسكرية، بما في ذلك مقاتلات F-35، إلى مضيق هرمز وتركيزها على هذه المنطقة في هذه الفترة الزمنية الحرجة أمر مهم وجدير بالاعتبار نظراً إلى الهدف المعلن للولايات المتحدة في مواجهة إيران.

ميدل ايست نيوز: بعد نشر مدمرة وعدة مقاتلات أمريكية في مياه خليج عمان ومضيق هرمز، تناقلت وكالات الأنباء والصحف العالمية خبراً حول قرارات محتملة للولايات المتحدة بنشر قوات عسكرية على السفن التجارية التي تمر عبر هذا الممر الحيوي.

قال الأسطول الخامس الأميركي إن أكثر من 3 آلاف بحّار وجندي من مشاة البحرية وصلوا إلى منطقة الشرق الأوسط، في جزء من إجراءات معلَن عنها مسبقاً من وزارة الدفاع.

وأضاف الأسطول الخامس، يوم الاثنين، أن سفينة هجوم برمائية وسفينة إنزال عبرتا قناة السويس في اتجاه البحر الأحمر؛ «لتوفير أصول جوية وبحرية إضافية للمنطقة».

وأفاد البيان بأن السفينة البرمائية تحمل على متنها أكثر من 24 طائرة مروحية وثابتة الجناح، منها طائرات إقلاع عمودي من طراز «أوسبري»، وطائرات هاريير.

أولا، كان للولايات المتحدة وجود مستمر في منطقة الخليج منذ عدة عقود ولديها الآن العديد من القواعد الجوية والبحرية في هذه المنطقة، وخلافًا للادعاءات، فعلى الرغم من أن هذا الوجود طغى عليه تغييرات لا حصر لها في التكتيكات الأمريكية بعد أكثر من عقد على التدخل العسكري المباشر إلى التدخل غير المباشر واللجوء إلى أدوات أخرى، إلا أنه لم يتقلص وتابع استمرار هيمنته.

ثانيًا، إن إرسال هذه القوات والمعدات العسكرية، بما في ذلك مقاتلات F-35، إلى مضيق هرمز وتركيزها على هذه المنطقة في هذه الفترة الزمنية الحرجة أمر مهم وجدير بالاعتبار نظراً إلى الهدف المعلن للولايات المتحدة في مواجهة إيران.

ثالثاً، ما يبدو على أنه إجراء غير مسبوق هو “احتمال انتشار القوات العسكرية الأمريكية على السفن التي تمر عبر مضيق هرمز”. صحيحٌ أن واشنطن لم تؤكد صحة ما أوردته وكالة أسوشيتد برس في تقريرها الأخير حول هذا الأمر، إلا أنه في حال حدث ذلك، وبعيداً عن فرضية تصاعد التوترات، فقد يكون لهذه الخطوة عواقب جيوسياسية حساسة في هذه المنطقة والممر المائي الاستراتيجي.

رابعاً، يمكن أن يفرز تعزيز الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة وما يتلوه من تصعيدٍ للتوترات في مياه الخليج، العديد من التحديات وقد يكون أداةً لعرقلة وتعليق المفاوضات الإيرانية الأمريكية التي ساهم بها العديد من الوسطاء في مختلف الملفات النووية وغير النووية، وحقيقة أنه حتى التفاهمات الجزئية التي تحدثت عنها بعض المصادر لم يتم التوصل إليها بعد.

خامساً، تَجنب البيت الأبيض بشكل دائم خلال العام المنصرم (مع بدأ أحداث أوكرانيا) أي خطوة تشتت التركيز العالمي على روسيا، إلا أنه اتخذ في الأشهر الأخيرة مع تآكل وإطالة أمد الحرب الأوكرانية، اتخذ نوعاً من الدبلوماسية الحذرة لاحتواء وإدارة التوتر مع الصين من ناحية، وركز بطريقة ما على ملف إيران وتكثيف الضغوط عليها، بالتوازي مع استمرار وزيادة الجمود في المفاوضات المختلفة معها، وبعد الحرب الصامتة على ناقلات النفط في الفترة القصيرة الفائتة.

أهداف ومصالح

فيما يتعلق بالدوافع الأمريكية لتعزيز وجودها العسكري في المنطقة والتركيز المباشر والعلني على مواجهة إيران، يمكن القول إن هناك أهدافًا ودوافع متعددة ومختلفة وراء هذه التحركات من قبل أمريكا.

على الرغم من أن واشنطن أعلنت أن الغرض من نشر هذه القوات والمعدات العسكرية في المنطقة هو بغرض مواجهة إجراءات إيران ضد ناقلات النفط والسفن التجارية، إلا أن أهداف واشنطن يبدو أنها تتجاوز ذلك، وهنا نستعرض بعضاً منها.

أولاً، إذا تمركزت قوات مسلحة على سفن تجارية، فقد يكون ذلك نتيجة لقرار أمريكي بالسيطرة التدريجية على مضيق هرمز في المستقبل، ويمكن أن يكون إرسال القوات والمعدات الحربية إلى هذه المنطقة مقدمة لاستراتيجية السيطرة على هذا المضيق وسلب هذه الورقة الاستراتيجية وأداة الضغط من إيران.

الهدف الثاني هو على الأرجح محاولة تهدئة غضب واستياء السعودية والإمارات باعتبارهما الحليفين الاستراتيجيين للولايات المتحدة في المنطقة؛ استياءٌ عبرت عنه الإمارات بالفعل بعد انسحابها من التحالف البحري في مايو الماضي، لا سيما بعد أن اتهمها حلفاء واشنطن بتجاهل الأوضاع في المنطقة واللامبالاة بتصرفات إيران وحلفاؤها في اليمن في السنوات الأخيرة، وفي المقابل حاولوا تعزيز علاقاتهم مع قوى إقليمية أخرى كالصين وروسيا.

إذن، تسعى الولايات المتحدة عبر نشرها هذه القوات، إلى إيصال رسالة إرضاء لهؤلاء الحلفاء مفادها بأنها لا تسعى فحسب إلى البقاء في المنطقة، بل أنها مستعدة لخوض مرحلة عسكرية من خلال ترسيخ وجودها في المنطقة الحساسة بمضيق هرمز.

والهدف الثالث، والذي ورد في مقالة سابقة، قد تكون التحركات الأمريكية هي في إطار تلبية للشروط الأمنية للرياض تماشياً مع الاستعدادات لتطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية.

وأخيراً وليس آخراً، قد يكون الهدف الرابع إصرار أمريكا على أن تكون أكثر صرامة في إجراء العقوبات، خاصة في قطاع النفط. بمعنى، أن نشر هذه القوات ومنع الإجراءات الانتقامية الإيرانية، سيمهد الطريق بشكل أسهل للاستيلاء على ناقلات النفط الإيرانية.

ويتمثل الهدف الخامس في تعزيز الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، والذي يمكن أن يتماشى أيضًا مع الخطة العسكرية (ب) والتحرك نحو تكثيف الضغط على إيران بعد فشل إحياء الاتفاق النووي واتساع دائرة التعاون بين طهران وموسكو. بالتالي، نظراً للاتهامات الغربية ضد إيران وأزمة الثقة بين هذه الأطراف إزاء المساعدات العسكرية الإيرانية لروسيا، فليس من المستبعد أن يكون هذا الأمر (أي استهداف التعاون الروسي الإيراني) هو هدف آخر لواشنطن.

ومن الجدير بالذكر تشهد المناطق في شرق سوريا توترات شديدة تصاعدت في الأشهر الأخيرة بين الجانبين، حيث عززت أمريكا بغزارة وجودها هناك وكثفت من عملياتها ومناوراتها على الحدود السورية العراقية.

صابر غل عنبري
باحث دولي ودبلوماسي إيراني

إقرأ أكثر:

هل تلوح الولايات المتحدة بحرب ضد إيران بعد تعزيز قواتها في مضيق هرمز؟

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

15 + 7 =

زر الذهاب إلى الأعلى