حديث عن “مصادرة” شركات الخدمات الإلكترونية تثير ضجة في إيران

هاجم مدير صحيفة كيهان المتشددة التطبيقات الشهيرة "ديجي كالا" و"سناب" متهماً إياهما بالتهرب من القانون وارتكاب الانتهاكات المتكررة والتعامل مع أعداء الشعب الإيراني.

ميدل ايست نيوز: هاجم مدير صحيفة كيهان المتشددة التطبيقات الشهيرة “ديجي كالا” (متجر الكتروني شهير في إيران) و”سناب” (تطبيق طلب سائق مع سيارته بغرض التنقل) متهماً إياهما بالتهرب من القانون وارتكاب الانتهاكات المتكررة والتعامل مع أعداء الشعب الإيراني.

ونقل موقع فرارو، عن حسين شريعتمداري قوله: “تسيء هذه التطبيقات للتسهيلات والقدرات التي تتيحها لها السلطات الإيرانية، لتفشل في النهاية بجمع رأس مال خاص بها. والسؤال الآن إذا كان وجود المنصات الخدمية ضروريا، وهو كذلك بلا شك، فلماذا لا يتم استبعاد التطبيقات غير القانونية وإسناد إدارتها إلى أشخاص مؤهلين تحت الإشراف المباشر للجهات المعنية؟! أليست التسهيلات والقدرات التي يستخدمونها تابعة للنظام؟! فلماذا لا تكون ملكيتها وإدارتها بيد النظام؟! لحسن الحظ، تشير المعطيات إلى استعداد المسؤولين لتلبية هذا المطلب”.

وأثارت تصريحات شريعتمداري موجة من الجدل لدى الأوساط الإيرانية، حيث فسّرها كثيرون بأنه تحض على مصادرة هذه الشركات، في وقت تُعرف فيه الشركات المذكورة أعلاه كمنصات ذات تداول مالي كبير ناهيك عن عدد القوى العاملة والزبائن الذي لا حصر له.

على سبيل المثال، يبلغ معدل الزيارات الشهرية لتطبيق “ديجي كالا” أكثر من 40 مليون زيارة، بينما تجاوز عدد عمليات البحث اليومية عبر تطبيق التسوق الشهير هذا أكثر من 3.5 مليون، ليصبح في نهاية المطاف مرجعاً للتسوق عبر الإنترنت في جميع أنحاء إيران.

تجدر الإشارة إلى أن طهران قامت بإغلاق مكتبين لهذه المؤسسة مطلع الشهر الجاري على خلفية عدم مراعاة الموظفات فيها “الحجاب” أثناء ساعات العمل.

ورد آذري جهرمي، وزير الاتصالات السابق في إيران، على تصريحات مدير صحيفة كيهان، وقال: “إن ملكية نزر يسير من أسهم بعض هذه المنصات التي ذكرها شريعتمداري تعود لجهات تابعة للثورة الإسلامية (ويقصد للتيار الأصولي)”.

من جانبه، قال الخبير الاقتصادي الإيراني حسين راغفر، في هذا الصدد: “إن طريقة التفكير هذه هي العامل الرئيسي للأزمة الحالية في المجتمع الإيراني، فالتهديد المستمر للمؤسسات والشركات التجارية في البلاد سيؤدي إلى هجرة النشطاء الاقتصاديين إلى الخارج، بعد أن يفقدوا جميع الآمال بالبقاء هنا”، مشيراً أن إلى البلاد واجهت مؤخراً تصريحات شبيهة عندما بدأت السيدات في عموم إيران بدخول مراكز التسوق والمقاهي والمطاعم بدون مراعاة غطاء الرأس لتقوم السلطات والأجهزة الأمنية بتشميعها.

وأضاف: يركز صناع القرار في البلاد على المواجهات بدلاً من التركيز على مطالب ورغبات الناس. فإحدى أكبر المشاكل التي يعاني منها الشباب هي شح فرص العمل والإخفاقات الاقتصادية، لا سيما مع فشل الحكومة في تحسين البنية التحتية للوظائف.

واعتبر راغفر هذه المواقف والتصريحات من قبل شريعتمداري وغيره “متطرفة”، مستنكراً ترحيب الحكومة بها والاستفادة منها في اتخاذ القرارات.

ورأى الخبير الاقتصادي أن هذه الأساليب ووجهات النظر قد فشلت مسبقاً في الوصول إلى هدفها، مشدداً: بدلاً من تحديد جذر المشكلة والبحث عن أسباب الاستياء الاجتماعي لإيجاد حلول منطقية، نسعى لاتخاذ قرارات متطرفة ومتشددة والتي تزيد بالتأكيد من الحساسيات بين الحكومة والمواطنين.

وأكد أنه لا مبرر للضغوط هذه على القطاع الخاص والناشطين الاقتصاديين في البلاد، لا سيما في وقت يكون فيه العديد من النشطاء في القطاعات البسيطة والخدمية، بما في ذلك السائقون العاملون في صناعة النقل في عموم إيران، مستاؤون من ظروف معيشتهم التي سببها الركود الاقتصادي.

وأضاف: لذلك، فإن الحديث عن تهديدات تطال فرص العمل والوظايف سيكون له عواقب مدمرة للغاية، فجميع الجهات الاقتصادية في إيران سواء كانت صغيرة أم كبيرة ستتأثر بهذه الإجراءات. (…) هذا النوع من التفكير ليس خطأ استراتيجيًا فحسب، بل سيؤدي إلى تكثيف المقاومة وتنامي التحديات بين الفئات المختلفة، خاصة الشباب والحكومة.

وبحسب هذا المتخصص في الشأن الاقتصادي، فإن هذه الأوضاع ستزيد من موجات الهجرة وتخلق نوعاً من الاستياء لدى النشطاء الاقتصاديين. كما أن تكثيف الضغوط على الأفراد الذين ينشطون في مجال التقنيات الناشئة وخاصة فرص العمل عبر الإنترنت، أمر مدمر لمستقبل البلاد، على حد وصفه.

وأكد هذا الاستاذ الجامعي أن إقالة مديري أو موظفي منصة ما واستبدالهم بأشخاص آخرين مقربين من الحكومة، وفقاً لمزاعم البعض، سيؤدي بالتأكيد إلى انهيار تلك المنصة أو المنظمة.

والأهم من هذا كله، حسب الخبير الاقتصادي، هو قيام السلطات الحكومية بوضع عراقيل أمام فرص العمل عبر الإنترنت، بعد فرض قيود واسعة النطاق على مواقع التواصل الاجتماعي وتقييد الوصول إلى المواقع الإلكرونية، وسماحهم في نفس الوقت ببيع خدمات كاسر الحجب (VPN) في الأسواق.

ورأى راغفر أن الطرق والسلوكيات هذه تظهر أن الجماعات المقربة من الحكومة متورطة في تجارة هذه الخدمات.

وبعد وفاة الشابة مهسا أميني، التي قُبض عليها بتهمة ارتداء غطاء رأس فضفاض، ترددت الشرطة في تطبيق قواعد الحجاب -ربما لتجنب المزيد من الاحتجاجات ومظاهر التحدي العلنية، غير أن النبرة تغيرت خلال الأسابيع الأخيرة.

منذ شهور، شرعت السلطات في إرسال رسائل نصية تحذيرية إلى النساء اللواتي شوهدن من دون حجاب في السيارات، حيث أُرسلت نحو مليون رسالة. ومع مرور الوقت، صودر نحو ألفي سيارة وأُحيلت أكثر من 4 آلاف امرأة إلى النيابة العامة، حسب وكالة «أسوشييتد برس».

بعد ذلك، بحثت قوات الأمن في مواقع التواصل الاجتماعي عن الشركات التي لديها صور للنساء غير المحجبات في أماكن العمل. وقد أُغلق أحد مكاتب شركة «ديجي كالا»، وهو موقع إلكتروني رقمي للبيع بالتجزئة يحظى بشعبية كبيرة ويضم أكثر من 40 مليون مستخدم نشط بصفة شهرية. كما أُغلق متجر «طاقجه» للكتب على الإنترنت، وشركة «أزكي» للتأمين لفترة وجيزة.

امتدت الحملة إلى خارج العاصمة طهران. وفي مدينة لاهيجان الشمالية، أمر مسؤولو الصحة المحليون المستشفيات والعيادات بوقف تقديم الخدمات للنساء غير المحجبات. وفي قضاء دماوند (40 ميلاً شرق طهران)، أمرت النيابة باعتقال مدير بنك بسبب توفير الخدمات لامرأة غير محجبة.

صارت مقاعد المقاهي الخارجية محظورة في مدينة مشهد شمال شرق البلاد، ويريد المتشددون في أصفهان حظر العمل المختلط بين الرجال والنساء في المحلات التجارية.

كما تجري مراقبة صناعة الترفيه كذلك. وهددت الشرطة بوقف إنتاج الافلام السينمائية التي تعمل فيها نساء من دون غطاء للرأس وراء الكاميرات.

كما أصدر القضاة أحكاماً على المشاهير من النساء المدانات بعدم ارتداء الحجاب، بالعمل في المشرحة خدمة عامة، بدلاً من السجن. كما يتعين عليهن الحصول على شهادة الصحة العقلية من طبيب نفسي قبل أن يتمكنّ من العودة إلى وظائفهن العادية.

إقرأ أكثر

“جريمة واضحة”… صحيفة إيرانية متشددة تهاجم مشروع قانون “الحجاب والعفة” وتطالب بعدم المصادقة عليه

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

4 × 5 =

زر الذهاب إلى الأعلى