عصب الحياة في خطر… 269 مدينة في إيران تعاني من شح المياه
قال الناطق الرسمي باسم صناعة المياه في إيران إن نحو 269 مدينة في البلاد تعاني في الوقت الراهن من ندرة المياه أو ما يعرف بالإجهاد المائي.
ميدل ايست نيوز: قال الناطق الرسمي باسم صناعة المياه في إيران إن نحو 269 مدينة في البلاد تعاني في الوقت الراهن من ندرة المياه أو ما يعرف بالإجهاد المائي.
وقال هاشم أميني، خلال جلسة صناعة المياه في إيران، رداً على سؤال طرحته وكالة “إيلنا” عن المدن التي تعاني من ندرة المياه: إن سد دوستي في مشهد وسد نهند في تبريز في حالة حرجة للغاية.
ووفقاً لأميني، فإن المياه الجوفية في زنجان وطبس وفي سيستان وبلوشستان معرضة لخطر الجفاف أيضاً.
وخلال إشارته إلى “مشاريع إمدادات المياه الجديدة” في أجزاء مختلفة من البلاد، قال الناطق الرسمي باسم صناعة المياه الإيرانية: “ليس لدينا مصادر كافية لإمدادات المياه”.
ويطلق على أربعة آبار طبيعية كبيرة في سيستان وبلوشستان اسم “جاه نيمه”، حيث يتم توجيه الموارد المائية الزائدة لنهر هلمند إليها بواسطة إحدى القنوات.
وفيما أكد الناطق الرسمي باسم صناعة المياه الإيرانية على المخاطر التي تلحق بمصادر المياه في سيستان وبلوشستان، كانت وسائل إعلام إيرانية قد أفادت مسبقاً عن جفافها خلال العامين الماضيين.
وفي أكتوبر من عام 2021، أعلنت وكالة مهر للأنباء أن أحد آبار “جاه نيمه” قد جف تمامًا وأن كميات المياه في الآبار الثلاثة الأخرى قد تناقصت بشكل كبير، موضحةً أنه “نظراً لموجات الجفاف المتكررة وعدم إطلاق المياه لبحيرة هامون من قبل أفغانستان، فإن حالة هذه الآبار حرجة للغاية”.
وواجهت مناطق أخرى في إيران مع بدء فصل الصيف مشاكل عديدة في ندرة المياه.
وأفاد موقع “جماران” في يوليو من هذا العام أن منطقة “الملاشية” غربي الأهواز والتي يبلغ عدد سكانها 80 ألف نسمة، لم تصلها المياه عبر الأنابيب منذ أكثر من شهر، كما أكد أن بعض القرى في منطقة “غيزانية” التي تبعد حوالي 50 كيلومتراً من تلك المدينة، يعانون من نقص شديد في الموارد المائية.
بشر بلا ماء
وبنبرة يعلوها الغضب، وصف الرئيس التنفيذي للمنطقة الحرة في “قشم” الوضع المائي في هذه الجزيرة “بالمؤسف” وقال إن “البشر هنا بلا ماء”.
وأضاف عادل بيغامي خلال مؤتمر صحفي أن “السلطات الإيرانية طلبت منه عدم تلفيق التهم بشأن وضع مياه قشم”، مؤكداً أن “الناس يعانون بشدة من نقص المياه”.
وأشار الرئيس التنفيذي للمنطقة الحرة في قشم، إلى أن ملف المياه مهمل منذ سنوات ولم يخضع للاستثمار اللازم، وصرح: “يتم ضخ المياه إلى المنزل الذي أسكن فيه في إحدى قرى قشم مرة واحدة كل 60 يوماً”.
وذكر بيغامي أنه وبشكل شهري يوجه خطاباً مباشراً إلى إبراهيم رئيسي بخصوص هذا الشأن، مضيفاً أنه “يجب على وزارة الطاقة الإجابة عن سبب عدم توفير ميزانية خاصة لشراء المياه”.
ورغم الدور الكبير لموجات الجفاف في تعرض البلاد للإجهاد المائي، إلا أن سوء الإدارة وفشل السياسات الحكومية لها نصيب واضح أيضاً.
على سبيل المثال، كشفت السلطات الإيرانية منذ سنوات عن إهدار ما نسبته 25% من مياه الشرب بسبب شبكات المياه المهترئة، ومع هذا، لم تتخذ أي إجراء لحل هذه المشكلة.
وبينما تهدر ربع كميات المياه النقية في إيران يواجه أكثر من نصف سكانها، وفقاً لمركز الدراسات التابع للبرلمان الإيراني، نقصاً شديداً في الموارد المائية.
وعلى الرغم من الانتقادات المستمرة للمسؤولي الإيرانيين بشأن “الهدر غير المعقول” للمياه في البلاد، بلغ استهلاك المواطنين لمياه الشرب، باستثناء خسائر شبكة النقل والتوزيع المهترئة، بلغ قرابة 6.4 مليار لتر سنويًا، أي ما يعادل تمامًا استهلاك المياه المحلي لألمانيا مع عدد سكان مشابه لإيران.
هجرة جماعية
وحذر علماء إيرانيون من أن مستويات المياه في بحيرة أرومية، معرضة لخطر الجفاف الشديد، وبلغت المستويات الأدنى المسجلة منذ 60 عاماً. وأصبح روتينياً في إيران صدور تحذيرات من خطر العواصف الترابية.
ويتحمل تغير المناخ العالمي الكثير من اللوم، لكن العامل المناخي لا يمثل سوى جزء من القصة حول قضية ظلت إيران تصارعها منذ سنوات.
وسعت الحكومة الإيرانية إلى معالجة ندرة المياه عبر بناء سدود ضخمة ومشاريع ري كثيفة الاستهلاك للمياه ساهمت في جفاف الأنهار وخزانات المياه الجوفية.
وأدت هذه السدود إلى اندلاع اشتباكات مع دول مجاورة واحتجاجات مناهضة للحكومة في المناطق المتضررة بشدة من إيران بسبب شح الموارد المائية.
كما ساهم تدهور التربة في زيادة الغبار والعواصف الرملية التي رفعت مستوى تلوث الهواء في إيران من بين الأسوأ في العالم.
كما أضرت درجات الحرارة المرتفعة والتصحر بالأراضي الصالحة للزراعة ومعدل الإنتاج الزراعي، مما بات يهدد سبل العيش ويؤدي إلى الهجرة الداخلية من الريف إلى المناطق الحضرية، والتي بدورها يمكن أن تطلق العنان لمجموعة كبيرة من المشكلات ذات الصلة.
سعت الحكومة إلى معالجة ندرة المياه عبر بناء سدود ضخمة ومشاريع ري كثيفة الاستهلاك للمياه ساهمت في جفاف الأنهار وخزانات المياه الجوفية.
في هذا الصدد قال خبير في مركز الشرق الأوسط والنظام العالمي (CMEG) ومقره برلين لنشرة “أويل برايس”: “بمرور الوقت، يمكن أن يؤدي الضغط المتزايد على المناطق الحضرية بسبب أنماط الهجرة وتداعياتها على إجهاد البنية التحتية والموارد الطبيعية وخلق تحديات اجتماعية اقتصادية”.
ونظراً لأن ندرة المياه والتصحر يجعلان المزيد من الأراضي غير صالحة للعيش، فهناك مخاوف من أن شريحة كبيرة من السكان قد لا يكون لديها في نهاية المطاف خيار سوى الفرار وسط الضغوط الاقتصادية.
وفي عام 2015، توقع عيسى كالانتاري، وزير الزراعة الإيراني السابق الذي كان يعمل في ذلك الوقت مستشاراً رئاسياً للمياه والبيئة، أنه ما لم تغير إيران نهجها بشأن استخدام المياه، فإن “ما يقرب من 50 مليون شخص، أي 70 بالمائة من الإيرانيين سيضطرون لمغادرة البلاد. لكن يبدو أن هذه التقديرات مبالغ فيها، وفق مراقبين وخبراء إيرانيين ودوليين.
إقرأ أكثر
تقلص منسوب المياه في “بحر قزوين” يهدد جوانب الحياة وينذر بكارثة بيئية