صفقة تبادل السجناء.. هل ترسخ بناء الثقة لاتفاق نووي بين إيران والولايات المتحدة؟
المؤشرات تصب في اتجاه إبقاء إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الغطاء على البرنامج النووي الإيراني من خلال "تفاهم غير مكتوب".
ميدل ايست نيوز: سلط موقع “المونيتور” الضوء على الصفقة المحتملة لتبادل السجناء بين الولايات المتحدة وإيران، مشيرا إلى أن المؤشرات تصب في اتجاه إبقاء إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الغطاء على البرنامج النووي الإيراني من خلال “تفاهم غير مكتوب”.
وذكر الموقع أن الولايات المتحدة وإيران تبادلا، في مثل هذا الوقت من العام الماضي، ردود الفعل حول ما اعتبر “نصًا نهائيًا” لإحياء الاتفاق النووي، وهو ما لم يعد قائما اليوم عن عمد.
فمع اقتراب عام 2024، تهدف إدارة بايدن إلى إبرام اتفاق غير مكتوب مع إيران بدلاً من محاولة التفاوض على اتفاق جديد يتضمن تخفيف كبير للعقوبات على طهران خلال عام الانتخابات الأمريكية.
وفي السياق، قال علي فايز، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية: “إن المشاركة في الحوار هي الهدف، وليس الصفقة (..) لكن قرب موعد الانتخابات الأمريكية يجعل هذا التواصل الدبلوماسي غير مثمر للغاية.”
وتتعرض الإدارة الأمريكية (الديمقراطية) بالفعل لانتقادات من الجمهوريين بسبب الاتفاق الذي أبرمته لإعادة 5 محتجزين أمريكيين من إيران إلى الولايات المتحدة، والذي تسهل واشنطن لطهران بموجبه الوصول إلى نحو 6 مليارات دولار من الأموال المجمدة، والتي يمكن أن تستخدمها في المشتريات الإنسانية تحت رقابة دولية مشددة.
ودافع المسؤولون الأمريكيون عن هذا الترتيب باعتباره يضمن لواشنطن إشرافا كبيرا، فيما يشير منتقدوه إلى أن الأصول المالية الإيرانية قابلة للاستبدال.
وأكدت إدارة بايدن منذ فترة طويلة أن جهودها لإطلاق سراح السجناء كانت منفصلة عن الدبلوماسية التي تهدف إلى إنقاذ الاتفاق النووي الأصلي مع إيران، والذي تم إبرامه عام 2015 وانسحب منه الرئيس الأمريكي السابق، جو بايدن، بشكل أحادي عام 2018.
لكن محللين يقولون إن صفقة تبادل السجناء المحتملة يمكن أن تعزز آفاق التعاون في البرنامج النووي، الذي توسعه إيران بشكل مطرد منذ انسحاب ترامب من اتفاق عام 2015.
وفي السياق، قال فايز: “من مصلحة كلا الجانبين محاولة استغلال الوقت لمناقشة عناصر الاتفاقية اللاحقة، حتى يتمكنا من الانتهاء منها بسرعة وتنفيذها إذا أعيد انتخاب الرئيس بايدن”.
وتأتي أنباء إطلاق سراح السجناء المزمع بعد محادثات غير مباشرة بين مسؤولين أمريكيين وإيرانيين في عمان في شهر مايو/أيار الماضي. وفي الأشهر التي تلت ذلك، اتخذ كلا الجانبين خطوات متبادلة لخفض التوترات.
وقال مارك فيتزباتريك، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون منع الانتشار النووي والخبير بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية: “بينما تظل التفاصيل سراً رسمياً، يبدو من الواضح أن إيران والولايات المتحدة انخرطتا في دبلوماسية مكثفة للتوصل إلى تفاهمات”، مضيفا: “إذا نجح كل هذا، فسيثبت أنه كان عرضًا للبراعة الدبلوماسية”.
فبعد يوم واحد من نقل إيران 4 من الأمريكيين المحتجزين إلى الإقامة الجبرية في منازلهم، ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن طهران أبطأت وتيرة تجميع اليورانيوم الذي يقترب من مستوى صنع الأسلحة، وخففت جزءاً من مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%
وفي علامات أخرى على تراجع التصعيد، ثمة هدوء في وتيرة الهجمات على القوات الأمريكية من قبل الجماعات المدعومة من إيران في العراق وسوريا، تزامنا مع نشر تقارير مفادها أن الولايات المتحدة دفعت إيران إلى وقف مبيعاتها من الطائرات المسلحة المسيرة إلى روسيا.
وفي الوقت نفسه، لم يمض البنتاجون قدماً في اقتراح بوضع قوات مشاة البحرية الأمريكية على متن ناقلات تجارية في مضيق هرمز، وتوقف قرع طبول العقوبات المتعلقة بإيران من وزارتي الخزانة والخارجية الأمريكيتين.
وقال بهنام بن تابلو، الزميل في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات: “بدأت سلسلة من الأحداث تتحرك في اتجاه يمكن للإدارة (الأمريكية) أن تسميه لاحقًا وقفا للتصعيد”.
وأعلنت الإدارة الأمريكية مرارا وتكرارا أنه لا يوجد “اتفاق” نووي مطروح على الطاولة، ما اعتبره بعض النقاد محاولة لتجنب التصويت في الكونجرس، حيث لا توجد شهية تذكر للتوصل إلى اتفاق مع دولة تزود روسيا بأسلحة فتاكة، وتقمع الاحتجاجات في شوارعها بعنف.
يشار إلى أن الإيرانيين المعارضين يستعدون لإحياء الذكرى السنوية الأولى لوفاة الناشطة الشابة، مهسا أميني، في محتجز للشرطة بعد قبض شرطة الأخلاق عليها بتهمة عدم ارتداء ملابس لائقة، ما قد يطلق العنان لحملة احتجاج أخرى قبل أيام فقط من وصول المفاوضين الرئيسيين لإيران والولايات المتحدة إلى نيويورك لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة.