هل يتمكن صندوق التنمية الوطني من إنقاذ النفط الإيراني؟
إن أوضاع النفط الإيراني تتردى يوماً عن يوم متأثرةً بجحيم العقوبات ونقص المستثمرين الأجانب.
ميدل ايست نيوز: يشكّل تزايد نضوب حقول النفط والغاز والاستخراج المرتفع من قبل دول الجوار من الحقول المشتركة مع إيران ونقص التكنولوجيا ورأس المال الكافيين لتطوير هذه الحقول، الزوايا الثلاث لمثلث الخَطر. وهو أمرٌ إذا تم تجاهله أكثر من هذا، فإن إيران على موعد لتلقي صدمات وشيكة لن تكون في الحسبان.
في الوقت الذي تتطلع فيه الدول المتقدمة إلى التخلص من الطاقات الأحفورية، تزداد الحالة الضبابية على مستقبل النفط والغاز في العالم، مما يجعل المجال الزمني ضيقاً أكثر للاستفادة المستطاعة من هذه الحقول، ويسلط الضوء على الحاجة إلى رأس المال الكافي لتطوير هذه الحقول.
النفط الإيراني أسير العقوبات
وقالت صحيفة شرق في تقرير لها، إن أوضاع النفط الإيراني تتردى يوماً عن يوم متأثرةً بجحيم العقوبات ونقص المستثمرين الأجانب. فالفجوة التي نشأت في 2018 مع انسحاب ترامب من الاتفاق النووي تزداد اتساعاً بالتدريج بعد أن تخلى عمالقة النفط في العالم، الذين كانوا يتدافعون يوماً للاستثمار وتطوير حقول النفط والغاز الإيرانية، عن التزاماتهم، واتخذوا من القيود الأمريكية مسوغات وذرائع للتهرب من التدخل في صناعة النفط الإيرانية.
ووفق الشركات التي تتعقب شحنات النفط العالمية، أدت تلك الأحداث إلى انخفاض صادرات النفط الإيرانية من 2.8 مليون برميل يوميًا في 2018 إلى 100 ألف برميل يوميًا في 2020.
ووقعت هذه المجريات في وقت تشترط فيه عمليات تطوير الحقول النفطية الإيرانية وجود التقنيات والتكنولوجيا المناسبة بالإضافة إلى رأس مال كبير، وهي متطلبات لم تكن متوفرة في إيران حتى قبل العقوبات الأمريكية.
وعلى وقع هذه الظروف، انخفض الرسم البياني لكمية الاستخراج الإيراني من الحقول والصادرات ليصل إلى نقطة يوشك أن يصبح فيها النفط الإيراني في طي النسيان العالمي، غير أن هذا النسيان يحمل عواقب كثيرة في طياته بالنسبة للحكومات، فالتحدي الأول الذي فرزه هو عدم تحقيق عائدات النفط المتوقعة في الموازنة، والتي تحولت في نهاية المطاف إلى عجز في الميزانية، الأمر الذي أدى إلى زيادة القاعدة النقدية ومعدلات التضخم.
صندوق التنمية الإيراني.. التباس في الإيداعات واستخدام عشوائي للموارد
لكن ما هذا إلا وجه واحد من العملة، فالوجه الآخر يكمن في دول الجوار التي تحذو نحو منافسة حامية الوطيس في توقيع العقود النفطية مع الشركات العملاقة في العالم، وتضيء ما يخفيه مستقبل الحقول النفطية لإيران بأنه كلما استخرجت دول الجوار كميات أكثر من الحقول المشتركة كلما قلّت حصة إيران منها.
استفاق صنّاع القرار في إيران بعد ثبات طويل، ليقترحوا على صندوق التنمية الوطني تقديم اعتبارات ملائمة للبدء في الاستثمار في حقول النفط والغاز، مع العلم أن هذا الصندوق لطالما اقترح تطوير وتشغيل حقول النفط مقابل مستحقاته من الحكومة البالغة 100 مليار دولار.
وما يجعل حضور صندوق التنمية الوطني أكثر بروزاً في تطوير حقول النفط والغاز، هو تصريح “الاستثمار المحلي” لهذا الصندوق، والذي صدر مؤخراً من قبل البرلمان الإيراني. بعبارة أخرى، رغم ورود مسألة الاستثمار الأجنبي بشكل واضح في النظام الأساسي لهذا الصندوق، إلا أن مسألة “الاستثمار المحلي” لم تكن صريحة بما فيه الكفاية بل حاقها الغموض.
ووافق البرلمان الإيراني مؤخراً على المادة 13 من قانون الانتقال الثاني، ما يعني أن صندوق التنمية يمكنه الدخول في المشاريع الإنتاجية ومشاريع البنية التحتية في شكلين هما: الخدمات والاستثمار المباشر.
وتنص سياسة توزيع أصول صندوق التنمية الوطني التي نشرت الأسبوع الماضي، على تخصيص 80% كحد أقصى من القيمة اليومية لاستثمارات الصندوق في مجالات النفط والغاز والبتروكيماويات.
وتشير الأنباء أيضاً إلى أن مفاوضات صندوق التنمية الوطني مع وزارة النفط الإيرانية والشركة الوطنية للنفط قد بدأت أيضًا، وتماماً كما أكد رضا محمدي (مدير الرقابة وتحصيل مطالبات صندوق التنمية) في تصريح لإيسنا، أن “صندوق التنمية الوطني سيبدأ فعالياته في حقول النفط في بداية فصل الخريف”.
حقبة نفطية بطيئة
رأى مهدي حسيني (خبير في الصناعة النفطية) أن “استثمار صندوق التنمية الوطني في تطوير حقول النفط والغاز هو قرار اقتصادي وصحيح، على أن يكون هذا الصندوق قادراً فنياً على مراقبة أداء هذه الشركات قبل تطوير الحقل”.
وأكد خبير النفط هذا أن استثمار صندوق التنمية الوطني في حقول النفط والغاز ليس خطأ من الناحية النظرية، قائلاً إن الحل وراء تحسّن هذا الصندوق هو تطوير الحقل النفطي وتحقيق الدخل واستلام مطالباته وتحقيق الربح من مصدر الدخل.
وذكر حسيني أن الدخول في حقول النفط والغاز أمر محفوف بالمخاطر، لأن بعض الآبار قد لا تحتوي على احتياطيات والاستثمار فيها سيؤدي إلى خسارة المخزون النقدي. لذا، قبل اتخاذ أي إجراء، يجب فحص جميع الزوايا وتقليل نسبة المخاطر قدر المستطاع؛ لكنها بالمجمل خطوة اقتصادية يمكن أن تكون فعالة إذا تم تنفيذها بشكل صحيح.